اللاجئون السوريون والعيد .. كلام خارج النص

mainThumb

27-06-2016 12:27 PM

عشرة أعياد تباعا  تمر على  إخوتنا اللاجئين السوريين وهم في غياهب الشتات ، تتلقفهم المعاناة في الغربة  ،ويطحنهم الحنين  إلى بلدهم الذي يشاهدون  فصول تدميره من قبل البعيد قبل القريب  ، وتنفطر قلوبهم حزناعلى  أهلهم الأسرى  في ما تبقى من بيوتهم ، وتطاردهم لعنة الإستقرار التي كان يجب أن تلاحق من ظلمهم ، وتقتص منه  رحمة ورأفة بالأطفال الرضع  والشيوخ والنساء  ،  الذين يشتركون جميعا  بتداعيات المأساة السورية ، فكلهم   فقد بيته  وأعزاء عليه ، إن قتلا  بالرصاص أو إعداما في المعتقلات  أو خنقا  تحت الأنقاض ، أو  قتلا بالبراميل المتفجرة التي تنهار عليه من الجو ، بواسطة طائرات النظام السوري وحلفائه  البعيدين قبل القريبين!!وأخيرا  الغرق في مياه البحر وهم في طريقهم إلى الغرب .
 
هذه هي أعياد اللاجئين السوريين  منذ خمس سنوات ، ولا يلوح في الأفق  القريب أي بادرة  تنقل هؤلاء المشردين الجدد ، من واقع المعاناة والحرمان إلى حالة الإستقرار التي كانوا عليها   في وطنهم ، قبل إعلان النظام الحرب عليهم ،لأنهم طالبوا  بالحد الأدنى من الكرامة ، وأن يكونوا مسجلين في سجلات الإنسانية .
 
كان السوريون قبل إعلان الحرب عليهم من قبل النظام وحلفائه الدوليين والإقليميين  ،ينعمون بالرضا والقناعة  وبعض الهدوء ، ولم يكن سوى الله وحده  وجلاوزة النظام يعلمون كيف تسير الأمور في سوريا ، لكن  الحياة  من الخارج كانت تبدو هادئة ، تماما كما هو الحال بالنسبة لنهر النيل الهاديء  سطحا ،لكنه  الهادر قاعا .
 
كنا  عندما نزور سوريا  نستنشق عطر ياسمين الشام الدمشقي ،  ونستمتع ببردى وبكل  مناطق الشام  وخاصة  جبل قاسيون في الليل ، ونعود محملين  بالهدايا التي كنا نشتريها من سوق الحميدية   ،وكم كنا نستمتع  في مطاعم الشام ونتلذذ بوجباتها وحلوياتها  ، لكننا اليوم لم نعد نذهب لسوريا  ، وإفتقدنا  عطر الياسمين  والنكهات السورية اللذيذة ، وبتنا  عندما نسمع خبرا من سوريا   ، نبكي على ما آلت إليه الوضاع هناك  ، وعلى المصير  الذي فرض على أهل سوريا ، وكيف فرض عليهم أن يكونوا  مشتتين محرومين  ،يعانون  من فقدانهم لوطنهم وبيوتهم  وفلذات أكبادهم .
 
وأصبحت أصوات القذائف والإنفجارات والرصاص  ،  تلازم   أسماع  الأهالي في المناطق الحدودية القريبة من سوريا في الأردن ولبنان والعراق وسوريا ،  وقد تبدلت رياحين الشام بروائح البارود واللحم المشوي على لهيب البراميل المتفجرة  ،وكذلك الدم المسفوح على أيدي الخوارج الجدد داعش وكامل العائلة الإرهابية .
 
ضاقت عليهم الأرض العربية والإسلامية بما رحبت  ، فإضطروا إلى  ركوب موج البحر،   على متن  قوارب تجار البشر والمهربينالمهترئة  مقابل  مبالغ كبيرة ،  علهم يصلون إلى أوروبا ، فيقضي  بعضهم في البحر  بعد إنقلاب القوارب المهترئة ، حيث تتلقفه  أسماك القرش والأمواج العاتية   ،وينتهي البعض في بطن الحوت  ،في حين أن البعض الآخر  تقذفه الأمواج على الشاطيء جثثا هامدة منتفخة ، بينما ينج القليل  ،ليجدوا أنفسهم رهينة المحبسين إما التنصير مقابل اللجوء أو التعرض للعذابات في معسكرات الإعتقال الجديدة  .
 
السوريون  من عشاق الحياة  ، وهم الأمهر في التعامل معها   ، لكننا نحن المضيفين لهم  عبارة عن تنابل   ،لا نشبههم في شيء  ،فهم  دائمو الحركة  ويعملون  رجالا ونساءا وأطفالا ، بينما نحن  عكسهم في كل شيء  ، ولهذا  نشطوا  الزراعة والتجارة وكل أنماط الحياة في لدول المضيفة لهم ، ومع ذلك  يقال عنهم أنهم تسببوا في رفع الأسعار  ،دون أن نحمل المسؤولية لتجارنا ، كما أنهم  أثقلوا علينا   في المياه ،دون أن  نعترف بجهودهم التي شكلت نقلة نوعية في الحياة الأردنية  على وجه الخصوص.
 
عمل اللاجئون السوريون  على  تحسين أنماط الحياة  في دول اللجوء وهي الأردن والعراق وتركيا ولبنان ،  ولا أحد ينكر أنهم  أحدثوا تغييرا آخر في أماكن لجوئهم في الغرب ، وأبهروا الغربيين الذين كانوا ينظرون إلينا  ، على أننا لسنا من هذا الكوكب بحسب نظرة الآخر العدو لنا ،ونسمع الألمان على وجه الخصوص يتحدثون عن هذا الفرق .
 
نقول بعيدا عن تقوى الله  أن السوريين   ينافسوننا في بلداننا  ،ولم نسأ ل عن سر نجاحهم ، وقد نظرنا إليهم نظرة غير مريحة ، وكان البعض يتصل بهم ويسألهم إن كان  لديهم بنات صغيرات في السن  للزواج ، والغريب في الأمر أن البعض كان يتفاخر بأنه دفع مهرا  لا يزيد عن مئة دولار.
 
كانت المرأة السورية قبل إعلان النظام الحرب على السوريين تعيش ملكة في بيتها وعند أهلها ، حيث الجمال  الطبيعي ، لكنها  وجدت نفسها  مضطرةللعيش في صحراء قاحلة  يشكو حتى البؤس منها ، ورغم أن العواصم العالمية  منشغلة  بالمأساة السورية ، الا أن  أحدا لم يطرح اللاجئين السوريين على طاولة المفاوضات  لإعادتهم إلى بيوتهم ، بل ينشط المؤسسات الدولية المالية لتوطين اللاجئين السوريين  حيث هم ،  وكأننا ما نزال نعيش زمن المعجزات ، وننتظر  البراق يحمل على متنه رسولا للمحبة والسلام.
العيد بالنسبة للاجئين السوريين  طعمه مر كما العلقم  ، فكيف يفرح اليتيم الذي يعلم أن أباه قتل ظلما  أو غدرا  ، وكيف تفرح الأم  التي فقدت فلذة كبدها  برصاص النظام الذي تحالف مع كل شياطين الأرض  ، ليس لتحرير الجولان بل لقتل شعبه الذي عاش مسالما يقبل بالأمر الواقع.
 
وإستنادا لما تقدم فإن العيد بالنسبة للاجئين السوريين  مدعاة لفتح الجروح الغائرة وتجدد نزفها ، لأن الأطفال كانوا  سابقا معتادين على تقبيل  يد أبيهم وتسلم العيدية منه ، والذي كان يشتري لهم ملابس العيد قبل حلول العيد بأيام ، كما أن المرأة اللاجئة لم تعد تصنع الكعك وتعد القهوة المرة  لإستقبال إخوتها وأبناء عمومتها  وأبناء أخوالها الذين كانوا يأتون  لزيارتها ومنحها العيدية  ، لأن غالبية هؤلاء أصبحوا في عليين .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد