النظام السوري .. جردة حساب قومية

mainThumb

11-07-2016 12:41 PM

ما أصعب تغيير قناعات البعض ، لكن الصعب يصبح سهلا عندما يكون الطرح ‏مدعما بالحقائق الثابتة ، ومع ذلك لن يسلم  من يقوم بالمحاولة  من الشتائم ‏والمسبات  ومن أشياء أخرى ، لأن البعض طمس الله على قلبه  ، ولا يريد معرفة ‏الحقيقة ،  لسبب هو يعرفه جيدا .‏
ليس تجنيا على أحد ، فأنا لا أتحدث عن فريق كرة قدم مثلا ، أو عن  إدارة ‏مدرسة ، بل أتناول  نظاما  سياسيا  إمتلك من أدوات التضليل ما لم يمتلكه  نظام ‏من قبله ، ولن يمتلكه نظام من بعده ، وقد أنجز التشبيك من الغرب  خفية ، وأعلن ‏تحالفه مع الشرق علانية  ، والأغرب من ذلك كله  علاقته الخفية مع مستدمرة ‏إسرائيل  حتى قبل تأسيسها ، في الوقت الذي كان وحتى يومنا هذا يوهم الناس أنه ‏نظام قومي بعثي يريد تحرير فلسطين من الصهاينة  ، والأغرب من هذا وذاك  ، ‏أن هناك من بيننا من  إرتبط به وصدقه وسار في  ركبه ،  ولا يقوم بمثل ذلك إلا ‏ماكر وداهية ، ويقيني أن النظام السوري  هو  أمكر الماكرين وأدهى الدهاة .‏
أولى صفحات  هذا النظام السوداء كانت عام 1936 ،  عندما طردت دمشق البطل ‏الشهيد عز الدين القسام  دون أن تعطيه رصاصة واحدة ، فاضطر للعودة خالي ‏الوفاض من "عاصمة العروبة " وواجه  العصابات الصهيوينة بإرادته  ، وإستشهد ‏شاهدا على  عمالة هذا النظام في أحراش يعبد من أعمال جنين شمال فلسطين  ، ‏مع انه سوري من بلدة جبلة كبرى مدن اللاذقية .‏
هذه الشهادة الأولى تدل دلالة واضحة على أن الإتفاق  المبرم بين الوكالة اليهودية  ‏وقادة الجلاء السوري يتقدمههم الجد سليمان "...." قد أصبح نافذا ، وان القرار ‏السياسي السوري  قد تم إرتهانه للصهاينة ، وفحوى الإتفاق غض قادة الجلاء عن ‏جنوب سوريا "فلسطين " ،  مقابل سعي الحركة الصهيوينة لدى باريس  لتسهيل  ‏إستقلال سوريا ،   وهذا ما يفسر  تسلم إبنه  حافظ وزارة الدفاع  ومن ثم رئاسة ‏الجمهورية  ، ومن بعده حفيده طبيب العيون بشار"..." ، يعزز ذلك الرغبة الملحة ‏في حرق سوريا إن لم يبق بشار رئيسا لها؟؟!!‏
الشاهد الثاني هو قيام الحكم في سوريا بعد إنطلاقة حركة فتح عام 1965 ،  ‏بإعتقال أبرز قادتها يتقدمهم الراحلان عرفات وخليل الوزير وآخرون ، ولو كان  ‏ذلك الحكم  يتمتع بذرة قومية واحدة  لوفر الدعم  للفلسطينيين كي يحرروا أرضهم ‏، لكنه كان يتعامل معهم كرهائن ، يبتزهم  باستمرار.‏
أما الشاهد الثالث وهو حاسم في مغزاه ، فهو منع المقاومة الفلسطينية  من إتخاذ ‏موطيء قدم لها  في سوريا ، بعد إخراجها من الأردن  أواخر العام 1970 ، ‏لتنطلق منه إلى  المواجهة مع مستدمرة إسرائيل.‏
الشاهد الرابع في هذا الملف الذي أقدمه هدية للباحثين كي يتوسعوا فيه بحثا  ‏وتوثيقا  ، هو إحتلال لبنان  من خلال أكبر خديعة  سياسية  مارسها هذا النظام ‏وأوهم العرب أنه يريد وضع حد للإنفلات الأمني في لبنان والحرب الأهلية التي  ‏أجزم أن له طرفا فيها  والتي بدأن عام 1975 إثر جريمة عين الرمانة .‏
تمكن هذا النظام من خديعة العرب  بأن حصل على موافقة ودعم الجامعة العربية  ‏، وإيهام دول الخليج العربية ،   بضرورة مشاركتها بتطعيم الجيش السوري بأعداد ‏من  جنودها ، وقد إكتشفوا اللعبة  ، وتزوج غالبيتهم من فتيات جنوبيات وقفلوا ‏عائدين إلى بلدانهم ، وأصبح الجيش  السوري في لبنان جيش إحتلال رسمي ، ‏مارس كل ما يخطر وما لا يخطر على بال أحد ، من جرائم قتل ضد اللبنانيين من ‏كافة المستويات  ، لدرجة أن هناك مئات إن لم  يكن آلاف من  المفقودين اللبنانيين ‏حتى اليوم  ، بعد أن إعتقلهم الجيش السوري والمخابرات السورية ، كما أنه كان ‏يفتك بالفلسطيين أيضا .‏
الغريب في الأمر أن  الإحتلال السوري للبنان  جاء في الوقت الذي كانت فيه ‏الحركة الوطنية اللبنانية  ،  قد قلصت  نفوذ الإنعزاليين إلى 13 % من أرض ‏لبنان وحصرتهم في ميناء جونية  ، وعندما  دخل هذا الجيش قلب موازين اللعبة  ، ‏وناصر الإنعزاليين  على الحركة الوطنية  ، وعندما  إرتاح الإنعزاليون   إنقلبوا ‏ضده ، وكان جيش الإحتلال السوري في لبنان  يحرك محراك السوء بين الطوائف  ‏،  لإدامة النزاعات  وتعميقها  حتى انه  قتل الزعيم الدرزي اللبناني الشهيد كما ‏جنبلاط.‏
عانى الشعب اللبناني كثيرا من الإحتلال السوري ، وكان  ذلك الإحتلال يصادر كل ‏ما يعجب جنوده  بدءا من ربطة خبز العامل اللبناني ، حتى سيارة المرسيدس ، ‏وقد كان يوم الخميس من كل أسبوع يمثل كارثة للمزارعين واصحاب المحال ‏اللبنانيين ،  لأنهه يوم إجازات جنود الإحتلال السوري  ، الذين كانوا  يعودون إلى ‏أهليهم في سوريا  محملين بالفواكه والبضائع من المزارع و من المحال اللبناينة  ، ‏وكل ذلك عنوة ، وقد رأيت ذلك بأم عيني.‏
يقيني أن هذا النظام هو شريك مستدمرة إسرائيل  في إغتيال  رئيس الوزراء ‏اللبناني الراحل رفيق الحيري ، ويقال انه إستدعاه  وهدده بالقول "إن إستمررت  ‏على ما انت عليه  بقرف رقبتك قرف"؟؟!! وهذا ليس مستبعدا على هكذا نظام  ، ‏حاول جاهدا  اللعب بالورقتين الفلسطينية  واللبنانية ، وقد فشل فشلا ذريعا  باللعب ‏بالورقة الأردنية  .‏
الغدر هو سمة هذا النظام ، فقد غدر الشعب اللبناني  ومن قبله الشعب السوري ‏والعربي عموما ، ومن أوجه غدره السوداء أن العاهل السعودي الراحل  عبد الله ‏بن عبد العزيز كان قد تبنى بشار "..." وعندما  حصل خلاف بينه وبين الحكم في ‏لبنان ، جاء الملك عبد الله بطائرته إلى دمشق وإلتقط بشار ، وأخذه  بمعيته إلى ‏بيروت  بعد ان طلب حضور كافة القيادات اللبنانية إلى القصر للقائه ، واول كلمة ‏قالها لهم هو أن بشار ولده ، وتلك رسالة صريحة للبنانيين  أن يطووا صفحة  ‏الخلاف ويفتحون صفحة جديدة مع بشار ، لأن ولي نعمتهم الملك عبد الله بن عبد ‏العزيز  ألبسه عباءته ، لكنه لاحقا إنقلب  على السعودية و على كافة دول الخليج ‏العربية التي كانت داعما أساسيا له.‏
قبلها كان قد وقع إتفاقا  متطورا مع الأردن عام 1976  يقضي بتنقل المواطنين في ‏البلدين عن طريق الهوية  ، وقد نجح التطبيق في المراحل الأولى ، لكنه توقف بعد ‏تحرك الجيش السوري بإتجاه الحدود الأردنية  مفتعلا خلافا  بين البلدين.‏
من أوجه الغدر الأخرى ما فعله ضد العراق  إذ فاجأ الجميع  حد الذهول ، عندما  ‏تحالف مع إيران وإصطف معها في الحرب العراقية – الإيرانية ، وكنا نتمنى لو ‏انه إستثمر علاقته الوطيدة مع إيران  ، في وقف الحرب المجنونة وتطبيع العلاقات ‏العراقية – الإيرانية ،  وأبعد من ذلك أنه شارك في تحالف حفر الباطن ضد العراق ‏، وقد فضحه كيسنجر  واكد أنه عميل أمريكي .‏
الغريب في الأمر أن البعض ما يزال  يصف هذا النظام بأنه حاضن المقاومة  ومهد ‏الممانعة ، وتلك الصفتان  بعيدتان عن الواقع بعد الثرى عن الثريا  ، إذ أنه  لم يكن ‏حاضنا للمقاومة  يوما  ، بل كان  يحتضن مكاتبها الإعلامية والسياسية  لضمان ‏الحصول على الأموال عن طريق الإبتزاز ، وأن تكون  تحركاتها  واضحة له من ‏خلال تجسسه عليها  .‏
وربما يتذكر البعض  ما قاله وزير خارجيته  في إحدة القمم العربية في عمان عبد ‏الحليم خدام "كل واحد يقلع شوكو بإيدو"!! فأي مقاومة وممانعة يتحدثون عنها ‏؟وهل نسينا  المفاوضات السورية –الإسرائيلية التي قيل انها غير مباشرة  في ‏أنقرة برعاية السيد رجا الطيب أردوغان عام 2008 ، وكان أردوغان قد إستدعى ‏أولميرت  وقال له انه توصل إلى إتفاق إطار مع السوريين ،  يعجز الإسرائيليون ‏عن  التوصل إليه ، ويقضي بموافقة سوريا على  حل سلمي مع إسرائيل يضمن لها  ‏السيادة على شاطيء بحيرة طبريا ، وعندما قرأه أولميرت  قال لأردوغان أنه ‏سيعود  لإجراء مشاورات ، لكنه  هرب إلى الأمام وشن عدوانا على غزة.‏
ولا ننسى  ما يطلق عليه إبان حكم حافظ "عهدة رابين " التي تقضي بإنسحاب ‏إسرائيل من الجولان ، ولا أظن  أن أحدا عاقلا سويا  يقبل على نفسه  تصديق ‏خزعبلات  النظام السوري بدءا من سليمان الجد مرورا بحافظ الإبن وصولا إلى ‏بشار"...". 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد