الشعب التركي يضع الحصان أمام العربة

mainThumb

16-07-2016 03:12 PM

تعودنا أن من يحمي الأنظمة هي الجيوش، وتعودنا أكثر أن من يصمت لآخر لحظة هم الشعوب، تعودت أن تقول: (الليي بتزوج أمي بصير عمي)، إلا أن الأتراك يفكرون بعقلية الشعب الذي حكم العالم أكثر من أربعة قرون لا يقر بهذه المتلازمة البائسة، ولا يعرف التفكير بمفردات العبودية اليائسة...أردوغان ليس شخصاً وإنما مشروعاً يجب أن يبقى ويمتد لأن تركيا لم تر العالمية منذ مئة عام تقريباً، تركياً خرجت من حلبة السباق منذ 1918، ولم يعد الأتراك أصحاب كلمة في العالم كما تعودوا لمئات السنين، لكن روح الأبهة عادت إليهم مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، وتحويله تركيا من دولة فاشلة إلى امبراطورية اقتصادية ناجحة، باتت تحضر اجتماعات السبع الكبار، وتقرض البنك الدولي، وتؤثر في السياسة الدولية...ففي العام 1994م زرت تركيا للسياحة، وكان سعر الدولار يساوي 50ألف ليرة تركية أما الآن فهو يساوي ثلاث ليرات فقط...أردوغان بمشروعه الاقتصادي والاجتماعي أعاد الحياة للأتراك وللمتابعين من المسلمين، أعاد لهم معنى الكرامة المفقودة والحرية المسلوبة، فعادوا يفكرون بذهنية الأحرار لا العبيد، لم يكن أردوغان يبني قصوراً شخصية ولا يشتري اقطاعات عائلية، وإنما كان يبني الفقراء والأيتام والعجزة قبل الأقوياء...لذا لما وجه خطابه عبر سكايب ومن هاتفه الشخصي للشعب التركي، لبى الشعب النداء وأعلنوا انتفاضة الأحرار التي ترفض عزل الحرية عن الأحرار، لقد جنب أردوغان تركيا بحراً من الدماء بصموده وصمود حكومته، لقد فكر بعقلية السياسي لا الواعظ، فقد مرت مثل هذه التجربة على سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي رفض أن يترك أنصار الخلافة يقاومون الإنقلابيين في المدينة المنورة، فكانت فتنة عصفت بدماء المسلمين، وتكررت مع السلطان عبد الحميد الذي استسلم من أجل أن لا يريق دماء المسلمين في استنبول، لكنها أراقت دماء الشريعة والعقيدة على مدار تسعة عقود كاملة، وتكررت مع الملك فاروق الذي فعل نفس الفعل فتسلمت قيادة مصر طغمة العسكر التي تسبب بهزائم الأمة وتسليم فلسطين على طبق من ذهب للصهاينة، وآخر ما حصل كان للرئيس مرسي الذي فعل نفس الشيء واستسلم بدون حتى أن يصدر بياناً، فكانت مذابح رابعة والحرس الجمهور وعشرات الألوف من المعتقلين، ودمار الاقتصاد المصري...أردوغان يتعامل مع السياسة بعقلية السياسي لا الواعظ وهذا ما ينقص الكثير من القيادات الإسلامية...أما الشعب التركي فقد لقن الشعوب العربية درساً لن ينسوه في التاريخ الحديث لعقود، لقد علمهم أن الحرية لا تعطى ولكنها تنتزع، فتحية لتلك الوجوه والجباه التي خرجت تلبي نداء قائدها الفذ لإبطال المؤامرة.....الإنقلاب لم يفشل في الوصول للحكم فقط، وإنما أفشل نظرية الساسة العرب الفشلة الذين يقولون إن الإسلاميين لا يصلحون للحكم وهم يدمرون شعوبهم...إن الشعوب التي تستطيع أن تنتخب تعرف كيف تحمي نتائج الصناديق...لقد نجح أردوغان في تهذيب العقلية العسكرية للجيش...إلا من شرذمة لا زالت تحمل عقلية يهود الدونمة المؤسسين للجيش، لذا كان لا بد أن يتم بترها بالكلية بمشرط الشعب لا مشرط السلطة....
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد