السمكة لا تعاين الماء - روز جبران

mainThumb

21-07-2016 10:00 AM

الثقافة هي الافتراضات غير المنتبه لها واللامرئية غالباً التي تؤثر تقريباً في كل جوانب حياتنا اليومية وتفكيرنا المقولب، وخاصة في كيفية تعاملنا وتفاعلنا مع محيطنا.

 

 

 

إن الثقافة بتعريفاتها المبسطة هي زوج النظارات التي من خلالها نرى الحياة، هي شيء يجمع الناس داخل المجتمع الواحد، الثقافة هي نحن. نحن نصنعها ونحن نشكلها كما نحب نحن أن تكون.
 
 
 
هي نداءٌ للأفراد للاتفاق والاجتماع على بعض القيم التي توحدهم في تناغم واحد. وكلما ازدادت معرفتنا وازداد اطلاعنا على ثقافة الآخرين، تفتحت عقولنا أكثر وأصبحنا أكثر تقبلاً للآخر وأكثر تسامحاً وتفهماً تجاهه. إنها الاحترام والفهم اللذان يجعلاننا إنسانيين وبشراً بحق.
 
 
 
وبالطبع هناك مستويات عدة للثقافة، فهي إما ثقافة الفرد على المستوى الشخصي، وهي التي يتلقاها غالباً عن طريق عائلته القريبة أو البعيدة، وإما ثقافة الشعب الواحد أو الأمة الواحدة وهي التي تضفي نكهة خاصة على شعب بعينه، وإما ثقافة عالمية عابرة للحدود والقارات تجمع كل أطياف الجنس البشري في مجموعة قوالب محددة.
 
 
 
تتجلى الثقافة في بعض الأحيان من خلال اللغات المحكية أو اللهجات المحلية أو العادات والتقاليد، أو الموسيقى الشعبية والفنون بأنواعها، وحتى أنواع المأكولات وتفضيلاتها.
 
 
 
قد يسأل البعض: ما هي أهمية الثقافة؟ ولماذا عليّ أن أهتم أو أعطيها حيزاً من تفكيري؟
 
 
 
للإجابة على هذه التساؤلات سأورد مقولة قد نجد فيها ضالتنا المنشودة، هذه المقولة تفيد بأن “السمكة تعاين كل شيء حولها وفي محيطها ما عدا الماء الذي تسبح فيه”.
 
 
 
برأيي إن المقولة السابقة هي تماماً عين ما نصبو إليه لفهم الثقافة، فالسمكة قد تتعرف وتتعامل وتألف كل شيء في محيطها المائي من أحجار وتراب وعوالق وأسماك وكائنات بحرية أخرى، بل وحتى أشعة الشمس المنعكسة داخل الماء، ولكنها تبقى غير مدركة وجاهلة لطبيعة وكنه الماء الذي تعيش فيه وهو السبب الرئيسي لوجودها والعامل أو الفاعل الأساسي في حياتها.
 
 
 
من هنا ندرك أن الثقافة هي الافتراضات غير المنتبه لها واللامرئية غالباً التي تؤثر تقريباً في كل جوانب حياتنا اليومية وتفكيرنا المقولب، وخاصة في كيفية تعاملنا وتفاعلنا مع محيطنا، ولكنها موجودة أمام أعيننا طوال الوقت وفي كل لحظة من لحظات حياتنا ومهمة لنا ولوجودنا كبشر كأهمية الهواء والماء بالنسبة لنا.
 
 
 
إنها هويتنا وما نحن عليه وما نتعلمه من تجاربنا الإنسانية اليومية، وما نستطيع تعلمه وتشكيله ليلائمنا ويوائم شكل معيشتنا.
 
 
 
إنها ما نضيفه إلى رصيد معرفتنا البشرية، وما نستطيع أن نُغني به مخزون التنوع الإنساني على امتداد رقعة جغرافيا هذا الكوكب الأزرق. ومن يدري؟ ربما يمتد الأمر إلى عوالم وكواكب أخرى في المستقبل، وهي باقية ببقاء العرق البشري كما كانت في البدء حاضرة بوجود الإنسان الأول على سطح هذه البسيطة.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد