تمكنت المقاومة السورية قبل أيام من أسر ضابط مصري مرتزق يقاتل في صفوف جيش ومرتزقة بشار"..." ، وإعترف هذا الضابط المأسور أن السيسي الذي قاد إنقلابا عسكريا وتربع على عرش مصر ، أرسل كتيبة مصرية للقتال مع بشار"..."،إلى هنا وينتهي الخبر الذي لا يمكن التشكيك فيه لأنه جرى بثه بالصوت والصورة ، ما إنتفى عنه صفة الخبر الصحفي الذي يحتمل التصديق أو التكذيب ، بمعنى أنه حقيقة لا خلاف عليها.
وقبل الغوص في بقية التفاصيل الحقائق المتعلقة بهذا الخبر ، لا بد من التأكيد على أن النظام الإنقلابي في المحروسة مصر ، والنظام الإنقلابي في سوريا ، يتشاركان في مقعد واحد تحت المظلة الإسرائيلية ، من حيث تنفيذ أجندة مستدمرة إسرائيل ، نظير تعهدها بحمايتهما وتوفير الدعم الخارجي لهما .
لو كان الأمر يتعلق بالمصلحة السياسية ، وتنفيذا للقول الدارج "عدو عدوي صديقي "، لوجدنا عذرا للسيسي أن يهب بجيشه لنصرة شريكه في المظلة الإسرائيلية بشار "..." ، لكن الأمر لم يندرج ضمن هذا المفهوم ، بل إنبثق من شراكة النظامين البائسين المهزوزين المثبتين بالمسمار الإسرائيلي ، ليس لسواد عيونهما بل للخدمات الجليلة التي قدماها لمستدمرة إسرائيل ، فالسيسي حرف المحروسة مصر إلى منحدر أخطر بكثير من منحدر السادات ومبارك، وبشار "..." ، أخرج سوريا نهائيا من المسار العربي ، مستكملا بذلك مسيرة والده حافظ "..."الذي مكنه أبوه سليمان "..."من الوصول إلى الحكم ، وأشهد أنه كان ذكيا عندما ضحك على ذقون العرب وأقنعهم بأنه بعثي قومي عروبي .
عندما وقع السادات معاهدة كامب ديفيد - إثر تمكينه مستدمرة إسرائيل من إلحاق الهزيمة بالمحروسة مصر في حرب تشرين المجيدة التي سجل فيها إبننا الجندي العربي المصري أروع آيات البطولة ، بعبوره قناة السويس ، وتلقينه الجيش الإسرائيلي درسا لن ينسوه أبدا ، لكن السادات الذي إتفق مع وزير خارجية أمريكا الأسبق الثعلب الماكر "العزيز" هنري كيسنجر على سيناريو الحرب ، حوّل النصر المصري المؤزر ، إلى هزيمة عربية منكرة ، شاركه في ذلك الرئيس السوري حافظ"..." الذي أمر جيشه بالعودة من العمق الفلسطيني - قال أن الجيش المصري لن يدخل حربا مع أحد ، وليته صدق .
لقد قام السادات بتوريط الجيش المصري في حروب جانبية أولها شن حرب على ليبيا ل"تأديب الواد المجنون القذافي" ، وبعدها شن الجيش المصري حربا أخرى على السودان من أجل منطقة حلايب الحدودية، وبعده جاء مبارك الذي أرسل قوات مصرية للمشاركة في حلف حفر الباطن لشن حرب على العراق ، وأكملها السيسي بتوريط الجيش المصري في الحرب الهلية السورية وتحويل الجيش المصري إلى جيش مرتزقة .
هذا هو حال النظامين الإنقلابيين في سوريا ومصر ، جردا جيشيهما من صلاحية الحرب على مستدمرة إسرائيل ، وحولاهما إلى جيوش مرتزقة يقمعون الشعوب أولا والأخوة ثانيا ، ونقلا العلاقة مع مستدمرة إسرائيل من علاقة التنسيق إلى علاقة التحالف ، ومع ذلك أبشرهما أن مستدمرة إسرائيل ستستغني عنهما في مرحلة ما بعد إستنفاذهما ، وتوريط بلديهما أكثر.
نحن نتحدث عن المحروسة مصر التي كانت غطاؤنا حتى مجيء السادات ، وقد كنا نأمل خيرا أن نسترجع مصرنا من براثن مبارك لاحقا ، لكن العمل غير المدروس والمراهقة السياسية ، نقلت المحروسة مصر من براثن مبارك إلى براثن السيسي المرتبط حتى النخاع مع مستدمرة إسرائيل.
أما بخصوص سوريا فقد كنا على ثقة تامة أنها إختطفت منا منذ الجلاء الفرنسي عنها ، لأن أحد قادة الجلاء وهو العلوي سليمان "..." أبرم إتفاقا مع الوكالة اليهودية والحركة الصهيوينة ،بأنهم أي قادة الجلاء ،سيغضون الطرف عن جنوب سوريا "فلسطين " مقابل سعي اللوبي اليهودي لدى باريس للحصول على الإستقلال السوري، وهكذا كان ، وتسلم إبنه حافظ الحكم لاحقا وكبل سوريا بالقيد الإسرائيلي، وأدى مهمته على أكمل وجه ، ومارس عبثه في سوريا ولبنان وأسهم إلى جانب آخرين في قتل الثورة الفلسطينية بعد فشله في السيطرة على الورقة الفلسطينية .
بقي القول أن السيسي صاحب الإنقلاب في المحروسة مصر ، قد عمق التحول في مصر وحرفها مجددا عن سكة المسار العربي ، نظرا لأن إنتماءه وولاءه بعيدان عن العروبة والقومية ، وكافة تصرفاته تدل على ذلك ، وهذا يعني أن إرساله كتيبة من الجيش المصري للقتال مع بشار "..."ليس مستهجنا .
وأختم أن المظلة الإسرائيلية لا تضم فقط نظامي بشار "..."والسيسي ، بل معهما قوة دولية عظمى هبت بالباع والذراع لتثبيت حكم بشار ".." في سوريا بعد تجديد ثقة الصهيونية به ، وهذه القوة بالطبع هي روسيا التي لم تعد تفرق عن أمريكا شيئا.