فرصة تاريخية سودانية للتوافق !!!

mainThumb

11-08-2016 02:00 PM

في يناير 2014م قدم الرئيس البشير خطاباً سُمي ( بالوثبة ) والذي دعا كل الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة للنظام و الحركات المسلحة التي تحمل السلاح ضد الدولة للحوار على مائدة مستديرة ، تتساوي فيها الرقاب والكتوف والمناصب للتحاور في الأزمات التي شلت البلاد عن النهوض منذ فجر الإستقلال الوطني عام 1956م وبدأ الحوار حول ست قضايا هامة تداول فيها المجتمون بالروح التي تضمنت خطاب الوثبة الذي كفل الحماية والحصانة لكل المعارضين وحملة السلاح أن يطرحوا ما يشاءون من رؤى إقتراحات في إطار القضايا المطروحة الحكم ، الاقتصاد ، العلاقات الخارجية، الحريات، والحقوق الأساسية و الوحدة و الهوية . 
 
 
 
 
هذه المحاور قتلت بحثاً من قبل سياسيين وعلماء وأساتذة جامعات وتكنوقراط وخبراء من السودانيين كافة، مختلف الشخصيات والقبائل لا استثناء لاحد ولا علو لاحد على أحد ميزة هذا الحوار الذي تم في الخرطوم بأيد سودانية خالصة وأستمر لأربعة أشهر  . 
 
 
 
إمتنع عن هذا الحوار حزب معارض كبير برئاسة الصادق المهدي برغم أن هذا الحزب إنشطر الى عدة أحزاب شاركت فيه، إضافة لثلاث حركات مسلحة من دارفور لم يتخطاها الحوار برغم التعنت وطول الانتظار حيث صبرت الحكومة على المعارضة حتى تضمن درجات قصوى من التوافق . 
 
 
 
الحوار الوطني مس كل القضايا الجوهرية التي مثلت تحدياً لكل القوى السياسية وأقعدت السودان طويلاً عن إدراك الاستقرار والوحدة والسلام . 
 
 
 
هذا الصبر الطويل على المعارضة وإن كان مصدر تندر على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الكتابات الصحفية الا انه أتى بفائدة حيث ضغط المجتمع الدولي على ما تبقى من معارضة لم تشارك في مؤتمر الحوار على التوقيع على خارطة الطريق المقدمة من قبل الآلية الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة تامبو أمبيكي رئيس جنوب افريقيا السابق والتي وقعت عليها الحكومة السودانية من اول وهلة والتي تقضي على تهيئة المناخ من وقف اطلاق النار ومن ثم الدخول في مفاوضات تفضى الى سلام دائم، مما أحرج المعارضة وكشف وجهها أمام القوى الدولية.  
 
 
 
الحكومة وعلى لسان البشير الذي تحدث مؤخراً أمام إجتماع الجمعية العمومية على أن الحكومة على أتم الاستعداد للتواصل الى تفاهمات مع فصائل المعارضة المتبقية لإتمام الحوار والخروج بالبلد من وهدتها إلى أفق الرفاه والاستقرار والتنمية . 
 
 
 
المراقبون يرّون أن هنالك فرصة تاريخية لتحقيق السلام وذلك لاسباب كثيرة تذكر منها أن الحرب لا تؤدي الى نيل المطالب بل تسبب دماراً شاملاً وهلاكاً كاملاً للحرث والنسل ودونهم تجارب دول كثيرة في المحيط الاقليمي ناهيك أن الحوار المباشر بين السودانيين بدون وسطاء يؤدي الى توافقات مميزة وحلول واقعية دون تفكيك للنظام القائم او إقصاء لاحد او تهميش لاخر . 
 
 
 
ما رشح من مداولات الحوار الوطني وتوصياته التي لم يُصادق عليها المؤتمر العام للحوار الذي من المؤمل أن تشارك فيه ما تبقى من معارضة وحركات مسلحة حتى يحدث توافق سوداني لم يحدث منذ استقلال السودان ، يعمل على صياغة دستور دائم للبلاد ، ورؤية صالحة لتداول سلمي للسلطة . 
 
 
 
الحكومة لم ينفرط عقدها او تفكك حسب ما تشتهي المعارضة رغم سنوات الحرب الطويلة بل صمدت في وجه الحرب والحصار الاقتصادي وأبقت على السودان موحداً رغم إنفصال عبر تقرير المصير الذي صوت عليه أهل الجنوب بنسبة 98% وكونوا دولة لم تستقر حتى الآن وعدتّها الامم المتحدة من الدول الفاشلة وندم الذين كان من وراء هذا الانفصال من القوى الدولية والاقليمية ندماً شديداً ، بينما لم تلغ الحكومة المعارضة رغم ضعفها ، هذه سنة الله على عباده . 
 
 
 كل القطاعات من المجتمع السوداني سوى سياسيين واكاديمين او مثقفين او قوى مجتمع مدني أجمعوا على ان الحوار الوطني كان جريئاً وصريحاً وشفافاً وغطى كل ما يمس الازمة السودانية مباشرة . 
 
 
 
 الحكومة حددت العاشر من أكتوبر القادم لاجازة توصيات الحوار الوطني حيث الاجازة تكون بثلثي الاعضاء اي ما يشبه الوفاق الكامل اوأقرب اليه . 
 
 
 
هناك حيثيات كثيرة تدفع كلا الطرفين للتوصل الى سلام منها الضربات الموجعة التي مُنيت بها المعارضة على ساحات المعارك التي جففت الى حد كبير من التمرد ثم الانهاك الدولي من المشكلات التي تفجرت في العالم بأجمعه وشح الموارد الداعمة لكل هذه الحركات المسلحة غير إدراك السودانيين بشكل قاطع ان الحرب و الاقصاء والتهميش وإدعاؤه سيؤدي بالسودان الى مالات خطيرة ومنزلقات تضيع على اثرها البلد . 
 
 
 
تجربة الحوار الوطني بين كل الاطراف السودانية سواء في الحكومة او المعارضة تجربة جديرة بالتأمل خاصة في هذا الوقت والعالم يموج بحالة من الجنون من سفك الدماء وإقصاء الاخر لاسباب عديدة لبست جوهرية إنما ثانوية وجدت من يؤججها ويشعل نارها على الدوام . 
 
 
الطريق الذي سلكته الحكومة والذي تلتحق به المعارضة الان يؤدي الى الهدوء والاستقرار وتقبل الاخر، والتداول السلمي للسلطة وتقاسم الثروات . 
 
 
 
من الواضح توفر الإدارة السياسية للحكومة السودانية بشكل صلب وقوى ، مع إنهاك غير مسبوق للمعارضة والحركات المسلحة ، وميل معقول للقوى الدولية لإدراك دولة إستراتيجية في أفريقيا ، خاصة بعد الفشل الذريع لدولة الجنوب المولود الشرعي لتلك القوى ... هل يستغل السودانيون الفرصة ؟؟ نأمل ذلك !!! 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد