الزحـمـــــة العربية ..

mainThumb

02-10-2016 10:56 AM

زحمة يا دنيا زحمة ... أمشي من هناك ... زحمة ...  أعدي من هنا ... زحمة ... زحمة يا دنيا زحمة ... هذه الأغنية القديمة لمحمد عدوية ، جسدت وبصورة عامة حالة أغلب المدن العربية والاسلامية المتكضة والمزدحمة بالسكان ؛ وصورت بالتحديد وضع المدن المصرية ومدينة القاهرة بالذات ؛ وهي المدينة التي تغص بملايين الفقراء والجوعى وبسكان المقابر وبالكادحين الباحثين عن رغيف العيش المفقود ... كما يردد المصريون دائما” ... 
 
إنه واقع بائس لأمتينا العربية والإسلامية في آخر الزمان ، وهو الواقع الذي وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :  يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟قال : حب الدنيا وكراهية الموت  .    
 
عاشت الشعوب العربية ضمن هذا الحال البائس لعقود طويلة ومتواصلة ... ولم تتوقف شعوبنا العربية للحظة واحدة ... لتتأمل ولتتدبر واقعها المفروض عليها من قبل أعدائها  ...ولكن الحال تبدل وانقلب قبل خمس سنوات من الآن  ، حين سألت الشعوب العربية نفسها السؤال الملح والذي توارى عن العقل العربي تحت وطأة الفقر والكدح والزحمة  وهذا السؤال  : لماذا ؟ ...  وإلى متى ؟ 
 
وبعد تلك الوقفة التأملية ثار البركان العربي بقوة ، وانتفضت كثير من الشعوب العربية في وجوه الظلمة والجلادين  ، وكان الشعب العربي المصري في طليعة الشعوب العربية الثائرة ، وهو الشعب الذي اكتوى بنيران الظلم والحرمان والتهميش لفترات وعقود طويلة ...  
فكيف كانت نتائج ومألات هذه الثورات العربية  ؟  قال بعض من المحللين : الحال العربي إنتقل بعد هذه الثورات ؛ من زحمة يادنيا زحمة ... إلى أزمة يا دنيا أزمة ... وإلى مجزرة يا دنيا وإلى  ... مصيبة يا دنيا مصيبة  ... وحتى وصل أخيرا ؛ إلى كارثة يا دنيا كارثة  ... !!!      
 
وهؤلاء لا يجيدون إلا الأقوال وفنون الكلام ... وهم يقولون الآن  : يا ليت العرب قبلوا بواقع الزحمة ولم يثوروا عليه ... ليجدوا أنفسهم ضمن واقع المجزرة والمصيبة والمجاعة والكارثة ... ! 
 
والغريب بأن كثيرا من هولاء المنتقدين لثوراتنا العربية كانوا قبله يعيرون الشعوب العربية ؛ بأنها شعوب نائمة وراتعة وراكعة ... وكأنوا ينهون نقدهم الاستهزائي بالقول : ناموا ولا تستيقظوا فما فاز إلا النوم  ...     
 
ليتتا لم نثور وبقينا نلهث خلف رغيف العيش ... !لينا رضيا بواقع الهرولة الأبدية خلف الرغيف وفي وسط الزحمة ...! مثل هذه الاستنتاجات والمقولات تثلج وتسعد صدور المستعمرين والصهاينة ،  وتدخل السرور في قلوب كل المتربصين بهذه الأمة ، فهي مقولات تطلب من الإنسان العربي والمسلم بأن يقبل بالإستسلام وبالتبعية الأبدية للحاقدين والطامعين  ، وهي مقولات تطالبه البقاء وبصورة أبدية ضمن مجتمعات الغثاء التي تلهو وتلعب وتنكاثر وتأكل وتشرب  ... وتدندن في وسط المعاناة والتيه والزحمة ...  زحمة يا دنيا زحمة ... !!!  
 
للإنسان دوره المقدس الذي خطه ورسمه له خالقه في هذه الحياة ... ولكن الإنسان العربي الذي نزل القرآن الكريم بلسانه له دوره المضاعف والأكير في هذه الحياة ؛ لإنه خيار خالقه لحمل أقدس وأعظم  رسالة سماوية في هذا الوجود .... فلا تتوقعوا أبدا” من الإنسان العربي بأن يخضع ويستسلم لغير خالقه ومولاه ... 
 
والإنسان الذي يطلب من مولاه مجاورة الأنبياء والذي يسأل خالقه الفردوس الأعلى ؛ لن يرضى أبدا” بأن يكون في المؤخرة في هذه الحياة ، وسيخرج في كل فترة من واقع التيه والضياع والزحمة وسيسير بقوة إلى المقدمة ... رغم أنف كل الحاقدين والمنافقين والعملاء والجبناء ...
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد