السياحة في عهد جلالة الملك قصة نجاح يحتذى بها عالمياً

mainThumb

04-11-2009 12:00 AM

الدكتور . ابراهيم بظاظو

ينتمي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني إلى الجيل الثالث والأربعين من أحفاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد تسلم جلالته سلطاته الدستورية ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية في السابع من شهر شباط 1999م، يوم وفاة والده جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه.وقد ولد جلالة الملك عبدالله الثاني في عمان في الثلاثين من كانون الثاني 1962م، وهو الابن الأكبر لجلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وصاحبة السمو الملكي الأميرة منى الحسين. تلقى جلالته علومه الابتدائية في الكلية العلمية الإسلامية في عمان عام 1966م، بداية، لينتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم بمدرسة إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته الثانوية.

منذ اعتلائه العرش كان جلالة الملك عبدالله الثاني مصمما على تحويل الأردن إلى نموذج حيوي في المنطقة، يكون محفزاً لبناء الشرق الأوسط. لذلك، فإن التنمية السياحية المستدامة، والنمو الاقتصادي، وتنمية الموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي هي في رأس أولويات الأجندة الوطنية، ويتم تحقيقها في مناخ يكفل الإصلاحات السياسية والديمقراطية والترابط الاجتماعي، من أجل تزويد الأردنيين بالأدوات اللازمة لتمكينهم من المساهمة في التنمية السياحية وتطوير بلدهم. ويضع جلالة الملك عبدالله الثاني في سلم أولوياته قضايا الاستثمار السياحي، ويبذل كل جهده لتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي وتعظيم دور القطاع الخاص في التحرر الاقتصادي لتحقيق تنمية سياحية مستدامة وتوفير فرص العمل وتأمين مستوى معيشي أفضل لأبناء شعبه الأردني.

ومن أجل تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في القطاع السياحي، وبناء على توصيات المؤتمر الاقتصادي الوطني الأول، أصدر جلالة الملك عبدالله الثاني مرسوماً ملكياً في الثالث عشر من كانون الأول 1999 عيّن بموجبه 20 عضواً، غالبيتهم من القطاع الخاص، في المجلس الاستشاري الاقتصادي لمراقبة تطبيق الإصلاحات الحيوية في كافة المجالات الاقتصادية ومنها السياحية، وذلك بهدف مواجهة تحديات العولمة، وفي ذات الوقت إدامة التنمية السياحية المستدامة، وتحسين مستويات المعيشة.

تحظى السياحة باهتمام كبير من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، لإدراكه برؤيته الثاقبة وتطلعاته المستقبلية المبنية على الأسس العلمية أهمية السياحة من الناحية الاقتصادية وإبراز مدى التقدم الحضاري و السلام الاجتماعي، لذا حث جلالته في كتب التكليف السامي للوزارات في عهده على الاهتمام بالسياحة وتوفير كافة الإمكانات و التسهيلات لقيام صناعة سياحية متقدمة ومتميزة وجاذبة ، وقد أمر جلالته بالاهتمام بالسياحة الدينية و العلاجية بشكل خاص ، علماً أن السياحة كانت وما تزال من أولويات المباحثات التي كان يجريها جلالته خلال زيارته إلى دول العالم بحيث يتم تسويق الأردن بشكل يدعو إلى الإعجاب و التقدير. وتقديرا لجهود جلالته فقد حاز جائزة القيادة العالمية في السياحة لعام 1999 ،فمتابعة جلالته الحثيثة قد أسهمت في تطوير الأردن سياحيا و جعلت منه وجهة سياحة متميزة .

انطلاقا من الاهتمام بزيادة مساهمة السياحة في الناتج القومي من خلال تأسيس مشاريع تنموية إنتاجية، صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على قانون صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية كقانون مؤقت رقم 81 لعام 2001. ويعتبر صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، الذي يعمل كمؤسسة غير حكومية، وسيلة رائدة لدعم مشروعات التنمية السياحية الصغيرة والمتوسطة بهدف الحد من الفقر والبطالة ،ورفع مستوى معيشة المواطنين، خاصة في المناطق الأقل حظا.

ينطلق صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، كأسلوب ريادي، من إيمانه المطلق بأن تأسيس مشاريع سياحية تنموية إنتاجية مربحة ومستدامة في مختلف المواقع السياحية في المملكة يعتبر متطلبا أساسيا للحد من الفقر والبطالة وتحقيق تنمية شاملة مستدامة. ويحرص الصندوق على التعاون مع القطاع الخاص في الأمور المتعلقة بتصميم هذه المشاريع وتنفيذها وإدارتها، والاهتمام بشكل خاص بأبناء المناطق التي تقام فيها المشاريع من خلال توفير فرص عمل فيها أو امتلاك جزء منها، مما يؤدي إلى الحفاظ على ديمومة المشاريع وربحيتها وتطور القطاع السياحي.

شهد الأردن تطورا مستمرا في كافة المجالات السياحية والفندقية في عهد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم حيث غدا الأردن في مصاف الدول السياحية خلال فترة وجيزة التي يشهد لها الكثيرون في منطقتنا وفي دول العالم الأخرى بتطبيق سياسات التنمية السياحية المستدامة والمتميزة والتي كان لها الأثر الايجابي الكبير على رفع مستوى معيشة المواطن الأردني وتطور المواقع السياحية. لقد تحقق كل ذلك التقدم الملموس بفضل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الهاشمية والمتابعة الحثيثة بتنفيذ المشروعات السياحية ؛بهدف تحقيق رؤية جلالته بالوصول إلى التطور السياحي مما ينعكس على الرخاء الاقتصادي لأبناء هذا الوطن المعطاء.

إن أبرز المؤشرات على تطور القطاع السياحي في الأردن في عهد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم زيادة عدد الفنادق من 422 عام 1999 إلى 468 عام 2005، وارتفاع الدخل السياحي من 564 مليون دينار في عام 1999 إلى 1165 مليون دينار عام 2005. كذلك يوفر القطاع السياحي فرص عمل واسعة وتشير البيانات إلى أن واحدة من كل عشر وظائف على المستوى الدولي هي في مجال السياحة.

وشهدت المملكة نمواً مطرداً وكثافة في الاستثمارات السياحية وخاصة في الفنادق التي تزايدت أعدادها بمعدلات غير مسبوقة. فقد تضاعفت أعداد الفنادق السياحية من (129) فندقاً في عام 1994 إلى (278) فندقاً في عام 2000، واستمرت الزيادة حتى وصلت إلى 320 فندقاً في عام 2005. وصاحب الزيادة في أعداد الفنادق زيادة كبيرة أيضاً في أعداد الغرف الفندقية التي قفزت من حوالي (7250) غرفة في عام 1994 إلى حوالي (15) ألف غرفة في عام 2000، واستمرت اتجاهات الزيادة حيث وصلت أعداد الغرف إلى حوالي (17800) غرفة في نهاية عام 2005.

وفي المقابل فقد سجلت الاستثمارات في المشاريع الفندقية نمواً كبيراً حيث قفز حجم الاستثمارات من حوالي (59) مليون دينار في عام 1994 إلى حوالي (3120) مليون دينار في عام 2005. وكانت هذه الفترة قد شهدت ولادة عدد كبير من فنادق الخمسة نجوم التابعة لسلاسل فندقية دولية مثل فنادق حياة وموفنبيك وشيراتون ورويال والفورسيزون والمريديان وراديسون ساس بالإضافة إلى فنادق الهوليداي إن وبريستول وامبريال. كما تم خلال نفس الفترة الممتدة إقامة (11) مشروعاً سياحياً في مجالات مدن التسلية والترويج السياحي بالإضافة إلى مشروعين سياحيين لمراكز المؤتمرات. وقد بلغ إجمالي الاستثمارات في هذه المشاريع حوالي (55) مليون دينار في نهاية عام 2005.

اتخذ صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم خيارا استراتيجيا لتحقيق نمواً في الاستثمار السياحي وزيادة الدخل القومي من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، اتفاقية الايفتا واتفاقية التجارة الحرة العربية واتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.انطلاقا من إيمان راسخ بأن التنمية السياحية اليوم جاءت نتيجة توسع الأسواق وفتح الحدود الوطنية أمام الحركة السياحية، فقد تم تبني التحرر الاقتصادي كجزء من إستراتيجية الأردن للتنافس الفعال في الاقتصاد العالمي الجديد ونتيجة لذلك أدخلت إصلاحات اقتصادية وبنيوية رئيسية لدمج الاقتصاد الأردني بصورة فعالة بالاقتصاد العالمي مما انعكس إيجاباً على تطور القطاع السياحي.

اهتم صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم بالتربية السياحية كنظاماً متكاملاً مبنياً على أهمية إكساب الفرد سلوكيات لا تكتفي بالشعارات ؛ وإنما تترجم بسلوك على أرض الواقع يقوم على التسامح والمحبة واحترام الغير مما ينعكس إيجاباً على وحدة المجتمع وتعزيز الأمن والاستقرار ، وقد بدأت وزارة التربية والتعليم في الأردن في الفترة الأخيرة بوضع الإطار العام لنتاجات التعليم الفندقي والسياحي منطلقة من مفهوم أهمية تضمين التربية السياحية في مناهج التعليم الفندقي والسياحي وتعزيز هذا المفهوم الذي يقوم عليه العلاقة بين الفرد ومجتمعه الذي يعيش فيه من خلال تعليم (الطالب) ما يحتاجه من معلومـــات وقيـم ومهارات حتى يتسنى له معرفة وإدراك حقوقه وواجباته التي تقيس قدرات وتصرفات ذلك المواطن تجاه التطور السياحي والفندقي خاصة في ظل التزايد المستمر في التنمية السياحية .

حديثا كان لدخول البتراء إلى عجائب الدنيا السبع الجديدة إنجازاً هائلاً للأردن بقيادة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم،فقد سطر هذا الإنجاز دخول الأردن إلى السوق السياحي العالمي بقوة ، خاصة وأن الأردن يعد من الدول الأنموذج في الأمن والاستقرار ، وثبات نظام الحكم ؛مما ينعكس إيجاباً على حجم الحركة السياحية والتوسع في الاستثمار السياحي .

* رئيس قسم الإدارة السياحية والتسويق – جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد