أصدر مجلس التعليم العالي قرارا برفع الحد الأدنى لمعدل القبول في تخصصات كليات الشريعة في الجامعات الأردنية من (65%) إلى (80%) اعتبارا من العام المقبل ، وحجة المجلس في ذلك أنه يريد طلاباً شرعيين أذكياء وأقوياء ، ولكن دعونا نناقش هذا الأمر الذي سيكون له انعكاساته على الطلبة والجامعات والمجتمع عموماً .
لقد اتخذ مجلس التعليم العالي قراراً مماثلاً قبل بضعة سنوات يقضي برفع معدلات القبول بكليات الشريعة في الجامعات الأردنية من 65% إلى 70% مبرراً ذلك بنفس الحجة الحالية ،فكانت النتيجة أن انخفض تسجيل طلبة الشريعة في الجامعات الأردنية إلى عدد أصابع اليدين ، مما اضطر رؤساء الجامعات إلى توجيه خطاب استغاثة لجلالة الملك يناشدونه بإرجاع معدلات القبول إلى سابق عهدها حتى لا تغلق كليات الشريعة ويحرم المجتمع من خيرها ، فاستجاب جلالة الملك وجمد مجلس التعليم قراره وعاد إلى المعدل السابق ، أي أن التجربة فشلت بامتياز .
أيها السادة : إن رفع معدلات القبول إلى 80% أمر خطير قد يؤدي فعلاً إلى إغلاق كليات الشريعة التي هي قليلة أصلاً حيث يوجد في كل جامعاتنا 10 كليات فقط ، والإقبال عليها ضعيف بطبيعته لظروف كثيرة ، فكيف إذا أضفنا هذا الشرط .
أيها السادة : إن طلبة الثانوية العامة الذين يحصلون على معدل 80% أقلية بالنسبة لأعداد الطلبة فهم لا يتعدون أكثر من 30% في أحسن الأحوال ، وجُل هؤلاء من طلاب القسم العلمي الذين يفضلون دراسة الطب والهندسة والمواد العلمية الأخرى .
ولنكن واقعيين أكثر فإن معظم الطلاب الذين يحصلون على معدل أكثر من 80% من القسم الأدبي وغيره آخر ما يفكرون به دراسة الشريعة ، ربما لقلة الراتب أو لقلة فرص العمل أو حتى ظروف العمل ، أول لشيطنة الأنظمة العربية والعالمية لطلاب العلم الشرعي ومحبيه .
أيها السادة : لقد بح صوت وزارة الأوقاف وهي تطالب بأئمة وخطباء ووعاظ ، لسد النقص في مساجدها ، حتى اضطرت الوزارة أن تبتعث طلاباً لكليات الشريعة يدرسون على نفقتها مقابل أن يلتزموا معها لسنوات معدودة وبالكاد وجدت الأعداد القليلة الذين لم يتعدوا هذا العام في محافظة إربد مثلاً – حسب كلام مدير أوقافها – 90 طالباً ، فماذا يحدث لو طبقنا نظام رفع معدلات القبول .
وأمر آخر : إن الأردن ومعها بلاد المسلمين يعانون من مشكلة الإرهاب والعنف الناتجة عن سوء الفهم للإسلام ، فنحن بحاجة إلى طلاب علم شرعي أكثر حتى نُعلم الناس الإسلام الصحيح ونربيهم على سماحته ورحمته وعدله ، فكيف نَحد من أعداد طلبة العلم الشرعي .
وأخيراً أقول : هل اتخذ القرار بحسن نية فعلاً لرفع كفاءة الشرعيين ؟ وهل اللذين حذفوا الآيات القرآنية من المناهج حريصون على رفع كفاءة طلاب كليات الشريعة وتحسين نوعية المخرجات أم أن وراء الأكمة ما ورائها ؟ أطالب بالرجوع إلى المعدل السابق 65% حرصاً على بلدنا ومواطنينا ، والله الموفق لما فيه الخير .