أشبعناهم مقاطعة وفازوا بالموازنة

mainThumb

03-01-2018 10:22 AM

ليس من العدل جلد الذات كثيراً، لكن من الحكمة أن نتعلم من الأخطاء، وندرس التجارب لنتجنب العثرات، فلن تكون حادثة التصويت على الموازنة هذا العام الأخيرة في سجل النضال السياسي لفريق المعارضة في مجلس النواب الذي أخذ على نفسه العهد أن يقاوم كل أشكال التمادي الحكومي على جيب المواطن ومقدرات الوطن؛ إلا أن ما حصل في جلسة التصويت على قانون الموازنة كان لعبة استراتيجيات وآليات أكثر من موالاة أو شراء ذمم، فقد قامت كتلة الإصلاح وعدد من النواب المستقلين بالتوقيع على عريضة مقاطعة لجلسات مناقشة الموازنة حتى يتم إزالة كافة بنود رفع الأسعار، ولكن المحير أن قائمة المقاطعة بدأت بـ(105) وانتهت (15)، ومع هذا استمرت الكتلة بالمقاطعة، دون أن تحسب حساباً للنتائج، وظنت أن أوراق السياسة الحكومية في مواجهة هكذا ظروف ستقف مشلولة حتى تسقط موازنتها وتعيد حساباتها التي بذلت فيها ثمرة عقول المتغولين على قوت المواطن و المتهورين في مد اليد إلى جيبه الخاوي أصلاً.
 
نعم لم تكن الحكومة لتقف أمام مقاطعة من عدد يزيد عن النصف ولا يسمح بانعقاد الجلسة لفقدانها النصاب، وبما أن العدد تهاوى أمام أشياء نعلمها ولا نعلمها فقد كان لزاماً على كتلة الإصلاح التي يتوجب عليها أنها تمتلك أوراقاً متعددة يمكن أن تناور فيها وكذلك خطط بديلة يمكن أن تلجأ إليها في حال فشل الخيار المعروض أو المتعامل فيه، فهل عجزت آليات كتلة الإصلاح والمتماهين معها من المستقلين عن أن تأخذ قصب السبق هذه المرة من بين يدي الحكومة التي أعلنت مرارا وتكراراً أن بترول الوطن هو المواطن وليس شيئاً آخر، أما كان حرياً بنواب كتلة الإصلاح أن يلتحقوا بالجلسة وقد علموا أنهم أصبحوا أقلية وأن  هناك من يسيرون معهم في الركب ويمكن أن يشكلوا تياراً جارافاً لإسقاط قانون الموازنة قبل التصويت عليه؟ ألا يفترض بهم أن يكونوا أكثر حنكة في مراقبة الأمور ومتابعة التطورات فينقضوا على كل تكتيكات الحكومة ويحبطوها من داخل المجلس لا من خارجه؟ ألم يتعلموا من التجارب أن التمترس خلف الخيار الأوحد لا يوصل إلا إلى نتيجة واحدة معروفة؟...أنا أعترف وهذا رأيي أن الحكمة السياسية والنضج الاستشرافي يغيب عن الكتل السياسية في المجلس، وبالتالي فإن الرؤية النمطية لطريقة المعارضة لا زالت تحكم أداء نواب المعارضة، وطريقة أداء الدور المنوط بهم.
 
لا أريد التنظير ولست في قلب الحدث لكنه يجوز أن أدلي برأيي لتقييم الموقف على الأقل من وجهة نظري، والتي تملي علي أن أقولها بصراحة: لم تكن كتلة الإصلاح بمستوى الدهاء السياسي المرتجى منها، لذا فقد نفذت الحكومة ما تريد وأوصلت إلى الشارع الأردني رسالة مفادها: هذه هي معارضتكم وتلك هي قصة المقاطعة، ولا يفي المقام حقه إلا أن نقول: أعطيناهم مقاطعة وأعطونا موازنة كسرت وستكسر ظهر المواطن الضعيف، ولازال المتعاطفون والداعمون لكتلة الإصلاح يتكلمون عن المواقف لا عن النتائج. نعم هي هزيمة سياسية بامتياز لكننا نرتجي منهم أن يمعنوا تفهم الدرس واستخلاص العبر، لأن الحكومة نجحت في هز مكانتهم في المجلس، فكانت النتيجة....التصويت على الموازنة بعُجرها وبُجرها...ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم....
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد