أحداث إيران مجرد شدة رَسَن

mainThumb

07-01-2018 10:07 AM

لم يكن من المحبذ تلك الفرحة الغامرة التي أخذت تمتد على صفحات الفيسبوك وغيرها والقنوات الفضائية بما يحصل في إيران، وكأننا نحن من صنعنا هذا التغيير. والأصل أننا مجرد متفرجون على كعكعة تقضم وتهضم ولا دور لنا إلا التصفيق أو النحيب على ما قُسم أو دُمر أو انتهك أو اغتصب...
 
وأقول علينا إنَّ لا نفرح فقد بتنا كحمار العرس، إن تمت عزيمته لا يعزم إلا لنقل الحطب أو جلب الماء...فلن تكون أمريكا مستعدة بعد لتستغني عن نظام الملالي في إيران على الأقل في المرحلة الراهنة، حيث إنَّ الرتبة التي بلغتها إيران في تمددها المتسارع عبر الأعوام الخمسة الماضية لم يكن ليأتي بصورة تلقائية لولا دعم الغرب أو  تغاضيه عن سياسة إيران التوسعية وأطماع ساستها في الوصول إلى  المتوسط شمالاً وباب المندب جنوباً، لذا فقد خرجت إيران من وكرها وراحت تجوب بلاد العرب السنة شمالاً وجنوباً وشرقاً، حتى أضحت إما مسيطرة أو فاعلة فيها أكثر من أي نظام عربي آخر، على  الرغم من كل ما بذلته بعض الأنظمة العربية في مهادنتها للغرب أو ممالأتها لأمريكا منذ احتلال العراق وحتى دمار آخر ذرة من تراب من سوريا، أو سقوط آخر يمني على أطلال سد مأرب.
 
ولعل ما نشاهده اليوم من اضطرابات تهز المدن الإيرانية ليس إلا مظهراً من مظاهر شد حبال الأشرعة من أجل التخفيف من قوتها وليس طيها أو إنزالها، لأن إيران بعد وجبتها الدسمة من التوسع والسيطرة صارت تجلس على طاولة التفاوض في مرحلة ما بعد خراب سوريا أو اليمن أو العراق، لذا كان لزاماً على المخططين الكبار للعبة الربيع العربي أن يضعوا حداً أو يحدوا من الفوقية  التي بدت إيران تتقمصها في تعاطيها مع هيكلة الخرائط العربية الحديثة في منظومة القرن القادم؛ فسرعان ما وجدت إيران نفسها كالأفعى التي خرجت بكليتها من وكرها ولما انشغلت في كامل جسدها بأمر فرائس متعددة، اكتشفت أن ذيلها ليس بمأمن من الخطر، فعادت لتحصينه وتجنب خطر بتره.
 
نعم إيران الآن في مرحلة إعادة هيكلة من قبل النظام العالمي المستعمر للمنطقة، شاءت إيران أو أبت، وعليها أن تقبل لأنها دخلت اللعبة وصارت في وسط الحلبة، فإن استجابت ورضخت فإن حياة مديدة لها مرهونة بمدى طاعتها للأوامر واستجابتها للرغبات، وإلا فإن هناك خراباً سيجر خراباً آخر مماثلاً لما حصل في سوريا والعراق واليمن. وخصوصاً أن إيران شاركت في تجريف المنطقة من كل معارضة للغرب، بل وقامت بتمكين الإدارات  الغربية من التدخل السافر في المنطقة على نحو لم يسبق له مثيل منذ الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي.
 
ومن العجيب أمره أن الاحتجاجات في إيران حملت بصمات تكون قريبة كثيراً إلى نظريتها التي بدأت في سوريا قبل ستة أعوام، مما يضيف دليلاً جديداً على أن المهندس واحد والسماسرة مجرد نسخ لا أكثر في كل دولة يمكن لهم أن يقبضوا رواتب باهظة من أجهزة المخابرات الدولية حتى وإن كانوا في مراكز الحكم، وإذا حانت ساعة الصفر فعليهم أن يلبوا النداء فينشقوا أو ينقلبوا، وإلا....
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد