فتيات يستعدن في ليالي رمضان لعبة الحجلة من الذاكرة الشعبية

mainThumb

23-08-2010 01:56 AM

سهير جرادات - تستعيد فتيات من دفاتر الذكريات العابا شعبية تميزهن عن الأولاد، من خلال لعبة (الحجلة) التي لا تزال تمارس لغاية اليوم على نطاق ضيق .



تتمتع الفتيات بهذه اللعبة في الساحات المخصصة لاصطفاف السيارات لتوفر الإنارة اللازمة بها خاصة في الليالي الرمضانية ، ولاستحالة ممارستها في أوقات النهار لما تشهده من ارتفاع شديد في درجات الحرارة هذه الأيام .



تعتمد لعبة الحجلة على اختيار مساحة من الأرض في حدود أربعة مترات مربعة ويكون شكلها مستطيلا ومقسما إلى مربعات أو مستطيلات حيث يتراوح عدد اللاعبات بين اثنتين الى اربع .


وتبدأ اللعبة بأن تمسك كل فتاة بالتناوب قطعة من النقود وتختار أحد وجهيها ، ثم تقذفها في الهواء ، فإن ظهر الوجه الذي اختارته، تكون هي أول من يبدأ باللعب، وإلاّ فإن من حق زميلتها التي اختارت الوجه الآخر أن تبدأ باللعبة.



" تختار لاعبة الحجلة قطعة فخارية أو حجرية وتضعها على الأرض في أول مربع من مربعات المستطيل، وتدفعها بإحدى قدميها إلى الأمام، بينما تكون القدم الثانية مرفوعة عن الأرض، بحيث لا تلامسها أبدا" وفقا لما يقوله الباحث في التراث الشعبي إحسان الفرحان .



ويضيف لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) الحديث عن هذه اللعبة التي كانت تستهوي الفتيات لإبعادهن عن الاختلاط بحيث " تحاول الفتاة جعل القطعة تستقر في المربع التالي، ثم الذي يليه، وهكذا بحيث تجتاز المنعطف، فإذا توقفت الفتاة على الخط الذي يفصل بين المربع والذي يليه، أو لامست قدمها المرفوعة عن الأرض ، أو داست قدمها التي تستخدمها في دفع القطعة على الخط تكون قد خسرت اللعبة، ويحق لزميلتها أن تحل مكانها" .



تقول انشراح غزال 50 عاما " كنت العب الحجلة مع بنات الجيران وأنا في عمر 8 سنوات ونمارسها في ساعات النهار، وبخاصة في فصل الربيع والصيف ، وعادة ما يكون اللعب على الأرصفة المقابلة لمنزل الفتيات على مرأى من الأهل " .



وتشير الى ان هذه اللعبة خاصة بالفتيات لأنها تحمل خصوصية وفيها من المتعة والتسلية ما يميزها عن غيرها من الألعاب .



وجدت جود ذات السبع سنوات ، وفي ظل تعدد الألعاب مع التطور التكنولوجي ، عشقا في ممارسة لعبة الحجلة التي تعلمتها من والدتها وبنات الحي الأكبر منها سنا ، لاعتقادها بأنه عند مزاولتها لها فإنها تنمي بداخلها روح التنافس واثبات الذات ,فيما تجد والدتها خطورة في ممارسة هذه اللعبة كونها تحتاج إلى مساحات خارجية ، ولا تمارس داخل المنزل كباقي الألعاب الالكترونية والبلاستيكية والمصنعة من القماش.



يشير الباحث الفرحان الى ان قلة ممارسة مثل هذه الألعاب يعود للتقدم المجتمعي، وما واكبه من تطور تكنولوجي ، بحيث حلت الألعاب الالكترونية المعتمدة على اللعب الانفرادي مكان الألعاب الشعبية التي تمارس في العادة في الهواء الطلق وذات الطابع التشاركي وما تحدثه من تنمية في القدرات الجسدية والعقلية .



كما تعود إلى ما شهدته المدن من توسع وازدياد أعداد سكانها وما رافق ذلك من ظهور بعض النزاعات ، وانتشار واسع للسيارات ، إلى جانب توالد الخوف من خطرها بطريقة انعكست على طبيعة التفاعل بين أفراد المجتمع ، حيث بدت تترسخ مفاهيم الفردية والانعزال التي أثرت بشكل كبير على مثل هذه الالعاب الشعبية .



ويقول " ان غياب الألعاب الشعبية سلب الأطفال الابتكار والاختراع وجعلهم مقيدين للتكنولوجيا الغربية التي تجد مجتمعا استهلاكيا في منطقتنا العربية " .



ويعتبر المختص في التراث الشعبي طه الهباهبة أن البيئة التي تمارس فيها الألعاب الشعبية ، مثل ساحات المدرسة والنزهات والرحلات الجماعية لعبت دورا أساسيا في إطالة عمرها مثل ( الحجلة والزقطة والغماية ) .



ويعزو استمرار مثل هذه الألعاب لتناسبها مع توجهات الأهل ،اذ انها تمارس في نقطه ضيقة وأمام عيونهم ، إلى جانب أنها العاب غير مؤذية ، وتعمل على تنمية القدرات الذهنية والجسدية لدى الأطفال وتساعد في تنمية شخصيتهم على أساس من الاحترام للذات وللأخر اضافة الى تعزيز اللعب الجماعي الذي تفتقده الألعاب الالكترونية رغم انتشارها الكبير .  ( بترا )



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد