فَضَّلَ اَللهُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ لِيُسَخِرَنا لِبَعْضِنَا اَلْبَعْضَ.

mainThumb

17-10-2019 08:52 AM

خلقنا الله من آدم عليه السلام وزوجه مختلفين في اللون واللغة والمواصفات الْخَلْقِيَةِ والْخُلُقِيَةِ ومتفاوتين في الرزق من كل أنواعه، الذكاء، القدرات العقلية، المهارات اليدوية، الوسامة، الجمال ... إلخ. فالرزق ليس مالاً فقط وإنما حسن خلق وخِلْقَةِ وجاه وعلم ومستوى إجتماعي ومحبة وإحترام وتقدير الناس ... إلخ من المواصفات المادية والمعنوية. وهذا الإختلاف بيننا نحن البشر هو ليبتلينا الله فيما آتانا من كل شيء ويحاسبنا على كيف تصرفنا في ما رزقنا الله هل بما يرضى الله عنَّا أم بما يرضي أهواء أنفسنا؟ وسنحاسب على ذلك يوم الحساب العظيم وربما في الدنيا قبل الآخرة (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام: 165)). خلقنا الله مختلفين في كل شيء حتى يعمر الكون ونخدم بعضنا بعضاً، فمنَّا المهندس والطبيب والحداد والنجار والمقاول والميكانكي والمزارع والعامل ... إلخ (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (الزخرف: 32)). فالله هو الذي قسم معيشتنا في الحياة الدنيا.
 
فكثيراً ممن ينظرون بعين الحسد إلى ما رزق الله غيرهم من أرزاق مختلفة (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (النحل: 71)) متناسين أن تلك القسمة كما أسلفنا هي من الله (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (الشورى: 27)) ولا أحد يستطيع أن يعترض على الله (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (الأنبياء: 23)). ولا يقفون أولئك عند هذا الحد بل يتآمرون ويحيكون المؤامرات والدسائس بالسر على من يعتقدون أنهم أفضل منهم في كثيرٍ من الأشياء ليلحقوا بهم الأذى والضرر إنتقاماً وحقداً وحسداً وليس إحقاقاً لحق لهم. وهذا الشعور والتصرف هو السبب الحقيقي لما يقع من مشاكل بين الناس وليس ما يعلن من أسباب مصطنعة يظهرونها لمن حولهم. وسبب هذه المشاكل هو عدم القناعة والرضى بما قسم الله لعباده من رزق وعدم الإيمان بما جاء في كتاب الله عزَّ وجل (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و 23)). فعندما سمع أعرابي قادماً من الصحراء قسم رب العالمين، قال : من أغضب رب العالمين حتى يقسم هذا القسم العظيم؟. ولكن ما زال الكثير من الناس لا يؤمنون بهاتين الآيتين.
 
فنقول لكل من لم يقبلوا فيما قسم الله لهم من رزق مختلف في هذه الحياة الدنيا، لا تكونوا ممن ذكرهم الله في الآية (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44))، أو ممن ذكرهم الله في هذه الآية (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(الأغراف: 179))، فلا تخسروا الدنيا والآخره. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم على لسان رب العالمين بحديثه القدسي: يا اِبنَ آدمَ خَلَقتُكَ لِلعِبَادةَ فَلا تَلعَب، وَقسَمتُ لَكَ رِزقُكَ فَلا تَتعَب، فَإِن رَضِيتَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ أَرَحتَ قَلبَكَ وَبَدنَكَ، وكُنتَ عِندِي مَحمُوداً، وإِن لَم تَرضَ بِمَا قَسَمتُهُ لَكَ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُسَلِّطَنَّ عَلَيكَ الدُنيَا تَركُضُ فِيهَا رَكضَ الوُحوش فِي البَريَّةَ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَكَ فِيهَا إِلا مَا قَسَمتُهُ لَكَ، وَكُنتَ عِندِي مَذمُومَا، فلنكن محمودين عند رب العالمين وليس مذمومين. ونحمد الله على ما رزقنا من نعم لا تعد ولا تحصى حتى يديمها ويزيدها علينا (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (إبراهيم: 7)). وبالشكر تدوم النعم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد