والآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِمَن يُؤْمِنُ بِاللهِ واَلْيَوْمِ الآخِر

mainThumb

22-07-2020 12:26 PM

لو وقفنا وقفة تأمل لدقائق في صباح باكر بعد نوم عميق هاديء ونفسية مرتاحة وفكرنا في السموات والأرض، وفكرنا كم من أمم مرت على هذه الأرض وقضت نحبها (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (يس: 31))، (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ (إبراهيم: 45)). وكم من أمة تعيش على هذه الأرض وتنتظر مغادرة الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة كما أخبرنا الله في كتب الرسالات السماوية السابقة والقرآن الكريم. وخلال وقفة تأملنا هذه سألنا أنفسنا هل عادت أي أمة من الأمم السابقة والتي توفاها الله منذ آلاف السنين إلى الحياة الدنيا مرةً ثانية؟. ولو فكرنا كم عاش من قبلنا من أمم وأفراد على هذه الأرض من أيام سيدنا نوح عليه السلام حتى يومنا الحاضر (سيدنا نوح حالة إستثنائية وقد عاش على الأرض الف سنة إلا خمسون) وإستمر النقصان في أعمار بني آدم منذ زمان سيدنا نوح حتى وقتنا الحاضر حتى بلغت ما بين السبعون ونادراً من تجاوز بعضهم المائة سنة. علماً بأن الأعمار إن طالت أو قصرت فهي محددة لكل إنسان من الله سبحانه وتعالى عندما بلغ في رحم أمه مائة وعشرون يوماً وعلينا أن نتدبر هذه الآية العظيمة بخصوص أعمار الناس (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر: 67)). حتى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام توفاه الله عن عمر ثلاثة وستون عاماً وقال له الله (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (الزمر: 30))، وقال (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ (الرحمن : 26 و 27))، وقال للملائكة عندما قالوا نحن لسنا في الأرض وإنما في السموات (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: 88)).

فمما تقدم فكل إنسان كَيِّسٌ وفَطِنٌ يصل إلى قناعة أنه لا محالة، لا بد أن يأتي يوماً في حياته يغادر هذه الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة ليلقى وجه ربه بما عمله من أعمال خلال سنوات عمره في الحياة الدنيا وكما قال الله تعالى في آخر آية نزلت في القرآن الكريم (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281))، وقال أيضاً ليوضح إلى ما سيؤول إليه الإنسان في الحياة الآخره بعد الحساب (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران: 185)). فالحياة الدنيا هي متاع الْغُرُور. ولهذا السبب نقول لكل إنسان يؤمن بالله واليوم الآخر مهما طال العمر أو قصر فسوف نعود جميعنا إلى الله رب العالمين وسوف يكون حساب وعقاب وثواب، جنة دائمة أو نار دائمة فالآخرة خيرٌ وأبقى. فالكيِّس والفَطِنُ من يحاول أن يستغل سنوات عمره في عبادة الله وأعمال الخير وخصوصاً قضاء حوائج الناس وجبر خواطرهم لأن قضاء حوائج الناس وجبر خواطرهم هي أفضل عبادة يحبها الله أكثر من الصلاة (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُون (الماعون: 1 – 5))، فالصلاة جاءت بعد اليتيم والمسكين. َويكون من يقضي حوائج الناس ويجبر خواطرهم ممن يحبهم الله (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة: 195))، (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران: 134)). وَأَمَّا الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِ، فَهُوَ إِيصَالُ النَّفْعِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ إِلَيْهِمْ، وَدَفْعُ الشَّرِّ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ عَنْهُمْ. ويدخل في ذلك أَمْرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَعْلِيمُ جَاهِلِهِمْ، وَوَعْظُ غَافِلِهِمْ، وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّتِهِمْ وَخَاصَّتِهِمْ، وَالسَّعْيُ فِي جَمْعِ كَلِمَتِهِمْ، وَإِيصَالُ الصَّدَقَاتِ وَالنَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ إِلَيْهِمْ، عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَتَبَايُنِ أَوْصَافِهِمْ ومعتقداتهم لأنهم كلهم من خلق الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد