قصص مأساوية في دور المسنين وقصة جراح القلوب .. تدميها ألماً

mainThumb

02-12-2020 10:52 PM

عمان – السوسنة -  شرين الصغير - القدر خلاني آجي هون ، إجيت غصب عني مش بإرادتي” ، كلمات بدأت بها أم أحمد حديثها، عند سؤالها عن سبب ميجيئها إلى دار المسنين، لديها من الأبناء أربعة ، ولا أحد منهم يرعاها . فهذا جزاء  الوالدين عند طعنهم في السن ، وعدم قدرتهم على خدمة أنفسهم .
 
أم أحمد البالغة من العمر 75 عاماً تعاني من الرعاش في أطرافها تحتاج الى العطف و الرعاية الخاصة ، وبالرغم من كل ما تعانيه إلا أنها مازالت شفتاها تلهج بالدعاء لأبنائها ، وتنادي بأسمائهم وتنتظر أن ترى موطئ قدم أحدهم يأتي لزيارتها . أم أحمد المربية معلمة اللغة العربية ثم مديرة مدرسة ، أمضت شبابها في تنشئة الأجيال ، يفعل بها أبناؤها ذلك ؟ !
 
أم أحمد ومثلها البعض، بلغ إجمالي عدد كبار السن المنتفعين من خدمات دور رعاية كبار السن الإيوائية 383 مسنا ومسنة، منهم 135 تتم رعايتهم على نفقة وزارة التنمية الاجتماعية، وفقا لمدير مديرية الأسرة والحماية في الوزارة، محمود الجبور.
 
وقال الجبور في تصريحات صحفية إن “هؤلاء المسنين موزعون على 10 دور مسنين منها 6 تابعة للقطاع التطوعي و4 للقطاع الخاص”، فيما بلغ عدد المسنين الذين يقيمون على نفقة الوزارة 72 مسنا و63 مسنة، أما عدد المسنين المقيمين على نفقة ذويهم 118 مسنا و130 مسنة. ”
 
وفي حديث مع إبراهيم عبيد مدير “دار وادي الشتاء للمسنين” قال لــ " السوسنة " ، أن :" وزارة التنمية الاجتماعية هي المسؤولة عن منح تراخيص لدور الرعاية الإيوائية لكبار السن، سواء كانت الدار حكومية أم خاصة، وأن هذه الدار هي ملكية خاصة، تهدف لتوفير رعاية ايوائية تحقق مستوى معيشياً ملائماً لحاجات هذه الفئة من كافة الجوانب، التي تضمن استمرار تواصلهم و دمجهم مع المجتمع وبما يحفظ كرامتهم. "
 
والذي يخفف عزلة أم أحمد في الدار دفتر صغير تملؤه بذكرياتها التي بقيت معها في وحدتها ، فأصبحت تلك الذكريات المؤنس والصديق في الدار ، إضافة إلى انخراطها بين المقيمين من أمثالها من عانوا غدر الزمان وجفاء الأهل والأصدقاء ، يجلسون يتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث ، فتارة يضحكون وتارة أخرى يبكون.
 
ولكن الذي لفتني رجل في الثمانين من عمره يجلس بعيداً عن الآخرين وكأنه يقول دعوني مع عزلتي التي فُرِضت عليّ ، فما كان مني إلا أن مزقت ذاك الصمت الذي أحاط نفسه به ، و كسرت خلوته بسؤالي ما قصتك يا عم ؟ فنظر إلي برهة بتلك العينين المليئتين بالحزن قبل أن يأتي ممرض الدار ليخبرني أنه مصاب بالزهايمر و ليس لديه زوجة أو أبناء ، فأحضره إخوته إلى الدار ليتم الاعتناء به ، ولكن الذي أوقفني عاجزة عن الكلام أنه في شبابه كان طبيبا جراحاً للقلب ، هنا لم أتمالك عباراتي ، فطبيب القلوب لم يستطع إسعاف نفسه.
 
هذه حال بعض كبار السن ذنبهم أنهم كبروا ولم يعودوا قادرين على إعانة أنفسهم ، هل هذا جزاء عطائهم ، هل هذا جزاء تضحياتهم، غداً سنكبر سنحتاج لأحد يربت على كتفنا ، يمسح عبراتنا ، يمسك بأيدينا عند حاجتنا لهم ، فأي ذنب اقترفوه ليلاقوا هذا المصير.
 
وأيضاً لا نستطيع أن نسقط ذلك على جميع كبار السن فمنهم من يعيش بين عائلته معززاً مكرماً كما هي أغلب عائلاتنا.
 
  فبحسب الجبور فإن الإقبال على الدور الإيوائية لكبار السن محدود جدا بالمقارنة مع عددهم في المجتمع، حيث توفر هذه الدور حلولا مهمة لحالات معينة من كبار السن ممن هم دون معيل أو الذين يعانون من الفقر والمرض ويصعب على ذويهم رعايتهم.
 
ويبلغ عدد كبار السن في الأردن نحو 561 ألف مواطن من فئة كبار السن حتى نهاية عام 2018 ويشكلون 5.5% من سكان المملكة ، وبحسب التقرير الإحصائي السنوي 2018 و الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة فإن عدد كبار و كبيرات السن الأردنيين (+60عاماً) بلغ 561060 شخصاً ، منهم (275430 امرأة و بنسبة 49.1% ) ، ( 285630 رجل و بنسبة 50.9%) علماً بأنه كل يوم يحتفل 85 أردنياً منهم 41 امرأة بعيد ميلادهم الـ 60 و هو ما يعادل حوالي 31.2 ألف نسمة سنوياً .
 
و أكد أستاذ الشريعة في الكلية العربية للتكنولوجيا د. عيسى اللداوي لـ " السوسنة "  إلى أن الأبناء الذين “يفرطون” بوالديهم مهما كانت الأسباب ، فهذا من أنواع ” عقوق الوالدين”، لقوله تعالى” إما يبلغن عندك الكبر” ، فتقديم كلمة عندك لم تأت عبثا وإنما التقديم هنا للأهمية والتركيز على أن الوالدين عند كبرهما يجب أن يبقيا في بيتهما أو بيت الأبناء، لأن ذلك أرحم لهما، وهذا غاية الإحسان ، فالوالد بالإنفاق ، والوالدة بالإشفاق. وقال عليه الصلاة والسلام ” الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِع ذلك الباب، أو احفظه”.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد