إبراهيم الذي أحب الأردن

mainThumb

24-12-2020 05:15 PM

سألني ابني ابراهيم( 13 عاما ) عن سبب انشغالي أياما في إنجاز  معاملة رسمية. لم يكن يعلم أنني مشغولة بإتمام أوراق إقامته السنوية.
 
"إقامة" تشكل برأيي وصفة مسيئة لكل ابن أردنية، ابن لا يعرف وطنا غير الأردن، ولد ونشأ فيه وأحب تفاصيله.
 
ينحدر ابراهيم من عائلة مقدسية، والده (رحمه الله) كان يحمل الجنسية الامريكية و سحب منه الرقم الوطني لأسباب قانونية، بينما احتفظ جده وباقي افراد عائلته بالرقم الوطني الأردني حتى اليوم. 
 
في مدونتي هذه لا استجدي احدا للحصول على اقامة او جواز سفر لابني، بقدر ما اعتذر منه لانه في عالم عربي لا يزال يفتقد للمساواة بين الرجل والمرأة. 
 
فنحن نواجه أحيانا في واقعنا مفارقات مؤلمة، فابني أمريكي الجنسية، حصل عليها من دون أن يولد في الولايات المتحدة، في المقابل لا يحمل الجنسية الأردنية مع أن والدته أردنية، وجده أردني وأخواله واعمامه يتمتعون بحق المواطنة.
 
أسئلتي هنا مشروعة …. لماذا يحرم من هذا الحق؟ ولماذا يقف في صف “الغرباء والضيوف” سنويا لتثبيت قانونية وجوده في الأردن؟ 
 
كل عام أعاني من تجديد الإقامة ولكن عام 2020 كان مختلفا ! 
 
ذهبت قبل أيام إلى المركز الأمني القريب من منزلنا، ومعي الأوراق الرسمية التي تُطلب في كل عام للتجديد. قابلني الموظف بقوله “الإجراءات السنة اختلفت” وطلب مني تسجيل المطلوب، اضطررت لتدوينها على الهاتف حتى لا أغفل عن أي خطوة،صدمت بالإجراءات واعتبرتها تعجيزية وقد تحتاج لثلاثة أسابيع، وهي مدة طويلة جدا لارتباط ابراهيم بموعد سفر قريب.
 
انصرفت بعدها لإتمام الإجراءات الماراثونية.
 
اجراءات تتطلب الانتقال بين دوائر رسمية متعددة وكان من حسن حظ ابراهيم، مساعدة أحد المسؤولين في وزارة الداخلية مشكورا بإنجاز ورقة مطلوبة بوقت قصير، وهو ما ساهم باختصار المدة لأسبوعين.
 
في اليوم التالي توجهنا الى المركز الصحي.
 
وقف ابراهيم في صف الوافدين ( مع احترامي الكبير لهم) لإجراء فحص طبي للتأكد من خلوه من الأمراض، بالرغم من انه لم يغادر البلاد منذ اكثر من عام ودفع المبلغ المطلوب وقدره 85 دينارا.( حوالي 110 دولارات )
 
لا انتظر إجابة من أحد على الأسئلة. وأنا من سيجيب إبراهيم بوضوح. 
 
أنت لا تنتظر اوراقا رسمية تثبت إنك أردني، أنت اخترت بوجدانك أن تكون أردنيًا، وغيرك ممن هم في عمر جدك فضلوا التخلي عن عضوية مجلس الأعيان على التخلي عن الجنسية الأميركية . 
 
تذكر دائما أن الأردن يستحق حبك، وأن أول حي في عمان التي تعيش فيها وتحبها ، كان حي المهاجرين، فيه عاش الشوام والشركس والبدو إخوة يتقاسمون الآلام والآمال. 
وتذكر أيضا أن عمان احتضنت هجرات الفلسطينيين والسوريين والعراقيين وغيرهم الكثير.
 
قد تظل معاناة رحلة تجديد الإقامة في ذاكراتي وذاكرتك، ولكن تذكر دوما أن الأوطان تستحق أن نعاني من أجلها لأننا نحبها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد