التطبيع جريمة لا تغتفر

mainThumb

11-01-2021 09:22 AM

لاحظنا في الآونة الأخيرة إقبال العديد من الدول العربية على ابرام الإتفاقيات وتوطيد العلاقات مع الكيان الصهيوني تحت مسمى " نشر التسامح بين الدول في الشرق الأوسط" كيف قرروا أن بتلك الطريقة سيمحون من ذاكرتنا التي شهدت على العديد من المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق اخواننا في دولة فلسطين، وهل سننسى كيف دخلوا واستوطنوا ارضً عربيةً ؟،   فليس من  حق اي احد أن يمنح أو يتنازل عن من نسميها نحن بسيدة الأرض فلسطين. 
 
يعرف الجميع أن الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني ارتكب جرائم لا تحصى بحق العرب والمسلمين، والمعضلة التي ينتفض الأحرار ضدها هي الجهود التي تبذلها الصهيونية وتطلب من العرب والمسلمين القبول بتلك الجرائم أن يتم التعامل معها كأنها لم تركب اي جريمة، وهو ما يسمى التطبيع. 
 
فالتطبيع مع الكيان الصهيوني، هو بناء علاقات رسمية وغير رسمية، سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية مع الكيان الصهيوني، والتطبيع هو تسليم للكيان الصهيوني بحقة في الأرض العربية فلسطين، وبحقة في بناء المستوطنات وحقة في تهجير الفلسطينيين وحقة في تدمير القرى والمدن العربية، هكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق.
 
وفي اللغة تاتي كلمة تطبيع على وزن "تفعيل"، فهي عملية وصيرورة دائبة وصولاً لتحقيق غاية، لا خطوة واحدة عابرة سريعة أو غير سريعة، فالتطبيع نهج أداء وعقلية جوهره كسر حاجز العداء مع العدو الصهيوني بأشكال مختلفة، سواء كانت ثقافية أو إعلامية أو سياسية أواقتصادية او سياحية أو دينية أمنية أو استراتيجية أو غيرها من الأشكال.
 
لكن بغضّ النظر عن الشكل، فإن فحوى التطبيع مع العدو الصهيوني يبقى واحداً وهو جعل الوجود اليهودي في فلسطين أمراً طبيعياً، وبالتالي فإن أي عمل أو قول أو صمت أو تقاعس يؤدي إلى التعامل مع الوجود الصهيوني في فلسطين كأمر طبيعي يحمل في طياتة معنىً تطبيعياً.
 
ويُراد بالتطبيع إقامة علاقات طبيعية في الجوانب المختلفة: فهناك تطبيع سياسيّ، وتطبيع اقتصادي، وتطبيع دبلوماسي، وغير ذلك. وكل هذه الجوانب مرفوضة ولا تحتاج إلى اجتهاد كبير، فهي واضحة جلية، فالتطبيع مع الظالم ظلم، لأنه إقرار له على ظلمه، وهذا منصوص عليه في مواضع كثيرة: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾(الممتحنة: من  (الآية1). وقال أيضاً: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ﴾(القصص:17). 
 
 وقال النبي(ﷺ): ((من مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه، وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الإسلام))(رواه الطبراني). وقال ﷺ: ((من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع))(رواه ابن ماجه). وقال ﷺ: ((إذا رأيتَ أمتي تهابُ الظالم أن تقول له أنت ظالم، فقد تُوُدِّع منهم)). 
 
وهكذا فإن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية متوافرة متضافرة، تدل بمجموعها على عدم جواز إقرار الظالم على ظلمه، وهذا في الحقيقة موقف العقل والنقل، يعرفه التشريع الدولي ويقره، وهذا ما نص عليه الإسلام.
 
ومن خلال هذا المعيار فإنه لا يشك عاقل في تحريم التطبيع مع إسرائيل، طالما بقيت تصرُّ على الظلم، وتصرُّ على تشريد الشعب الفلسطيني، واغتصاب الأرض العربية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد