العمل الإسلامي يطالب باستقلال "مكافحة الفساد" عن الحكومة

mainThumb

09-07-2011 12:35 PM

طالب حزب جبهة العمل الإسلامي بمنح هيئة مكافحة الفساد الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية ورئيس الوزراء، وربطها بالسلطة القضائية باعتبارها جهة تحقيقية.


ودعا الحزب إلى منح رئيس الهيئة ومجلسها الحصانة القانونية اللازمة لدرء أي مساس بفعالية دورها، وإلزام السلطة التنفيذية بتوفير كافة الموارد البشرية والمالية والإسناد للهيئة بما يحقق مستوىً عالياً من الفعالية والأداء.


وشدّد الحزب في مذكرة مفتوحة بشأن استقلالية هيئة مكافحة الفساد على ضرورة الرقابة القضائية على أعمال الهيئة وقراراتها، وإلزام السلطة التنفيذية بعدم عرقلة عملها، وإزالة أي عوائق تشريعية أو إدارية أمام عمل الهيئة.



وفيما يلي نص المذكرة:

مذكرة مفتوحة بشأن استقلالية هيئة مكافحة الفساد صادرة عن حزب جبهة العمل الإسلامي

بين يدي مناقشة قانون هيئة مكافحة الفساد نعرض رؤيتنا لهيئة مستقلة قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها مبتدئين بعرض الواقع القانوني قبل إنشاء هيئة مكافحة الفساد، والذي يتحدد بأن النيابة العامة وفقا لقانون إصول المحاكمات الجزائية والمعتبرة جزءاً من السلطة القضائية هي صاحبة الولاية العامة في الاضطلاع بمهام حماية الحق العام، وتحريك شكوى الحق العام، والتحقيق في الجرائم المرتكبة، ومنها قضايا الفساد المالي والإداري، ويساعدها في ذلك موظفو الضابطة العدلية، إضافة إلى دور ديوان المحاسبة وأجهزة الرقابة في الوزارات والمؤسسات الرسمية كرقابة داخلية في إطار السلطة التنفيذية.


وبسبب انتشار ظاهرة الفساد واستفحالها توصل الجهد العالمي لضرورة إنشاء هيئات متخصصة في كل دولة لغايات الحد من هذه الظاهرة، وعليه وبعد إنضمام الأردن إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 بتاريخ 8/6/2004، وصدور قانون هيئة مكافحة الفساد لسنة 2006، تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد للاضطلاع بهذه المهام، وتحقيقاً لهذه الغايات.


إلا أن الخلل (المقصود و/أو غير المقصود) كان في هدم إستقلالية هذه الهيئة من خلال إرتباطها وتبعيتها لرئاسة الوزراء، حيث نصت المواد 3/أ و 8/أ و10/أ من قانون مكافحة الفساد على:


المادة 3


أ‌. تنشأ في المملكة هيئة تسمى (هيئة مكافحة الفساد) ترتبط برئيس الوزراء، تتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري، ولها بهذه الصفة القيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لتحقيق اهدافها، وحق ابرام العقود والتقاضي . وينوب عنها في الاجراءات القضائية المحامي العام المدني ، ورئيس النيابة العامة الإدارية في الدعاوى الادارية.


المادة 8


أ‌. يتولى ادارة الهيئة مجلس يتكون من رئيس وستة اعضاء ممن يتصفون بالعدالة والنزاهة والحيدة والخبرة، ولا يشغلون وظائف عامة. ويتم تعيينهم بارادة ملكية سامية بناء على تنسيب رئيس الوزراء.


المادة 10


أ. لمجلس الوزراء بناء على تنسيب من مجلس الهيئة انهاء خدمة الرئيس او اي عضو من اعضائه خلال مدة المجلس في اي من الحالات التالية:


1. اذا اخل بواجبات الوظيفة والمهام الموكولة اليه او قام بعمل يمس الشرف او الكرامة.


2. اذا ارتكب اي فعل او تصرف مما يدخل في نطاق الفساد وفق احكام هذا القانون.


3. اذا تغيب عن اجتماعات المجلس ثلاث جلسات متتالية او ست جلسات متفرقة خلال السنة الواحدة دون عذر يقبله المجلس.


ويعتبر هذا الواقع الإداري والتشريعي مخالفة جوهرية للالتزامات القانونية الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي نصت على غايات وأهداف مكافحة الفساد، والتي تقتضي استقلالية هيئات مكافحة الفساد كما نصت وبشكل مباشر المادة (6) فقرة ( 2 ) على:


تقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة او الهيئات المشار اليها في الفقرة (1) من هذه المادة ما يلزم من الاستقلالية، لتمكين تلك الهيئة او الهيئات من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ له. وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين، وكذلك ما قد يحتاج اليه هؤلاءالموظفون من تدريب للاضطلاع بوظائفهم .


وعليه فأن المادة(6) من ذات الاتفاقية أكدت على منح هيئات مكافحة الفساد الاستقلالية اللازمة لإيجاد دور فعال، وبمنأى عن أي تأثير. وجاء نص الاتفاقية على شكل التزام وكفالة الدول المصادقة على الاتفاقية بضمان الاستقلالية لهيئات مكافحة الفساد من خلال النصوص التشريعية الواضحة . ومن خلال عدم التدخل في شؤون هيئات مكافحة الفساد . وقد جاء الاستقلال بلفظ عام: (- استقلال إداري بمعنى لا ارتباط بالسلطة التنفيذية تعييناً وعزلا.)


(-استقلال في العمل والدور المناط بها بمعنى عدم تدخل السلطة التنفيذية في عملها وقراراتها)


ولما لأهمية استقلال هيئة مكافحة الفساد من إنتاجية واضحة ، وحماية لنتائج أعمالها، فقد أكدت الاتفاقية على استقلالية ذلك، ثم اتبعت هذا التأكيد بالنص على استقلالية القضاء والنيابة العامة، حيث نصت المادة (11)على:


( نظرا لاهمية استقلالية القضاء وما له من دور حاسم في مكافحة الفساد، تتخذ كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني ودون مساس باستقلالية القضاء ، تدابير لتدعيم النزاهة ودرء فرص الفساد بين اعضاء الجهاز القضائي. ويجوز ان تشمل تلك التدابير قواعد بشأن سلوك اعضاء الجهاز القضائي .


وحيث أن التكييف القانوني لهذه الهيئة بأنها هيئة تحقيق ما قبل النيابة العامة والقضاء ( هيئات تحقيق وضابطة عدلية) سندا لنص المواد :

 المادة 7


تتولى الهيئة في سبيل تحقيق اهدافها المهام والصلاحيات التالية:


أ. التحري عن الفساد المالي والاداري ، والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الادلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير في الاجراءات الادارية والقانونية اللازمة لذلك.


ب‌. ملاحقة كل من يخالف احكام هذا القانون، وحجز امواله المنقولة وغير المنقولة، ومنعه من السفر، وطلب كف يده عن العمل من الجهات المعنية، ووقف راتبه وعلاواته وسائر استحقاقاته المالية اذا لزم، وتعديل اي من تلك القرارات او الغائها وفق التشريعات السارية المفعول.


المادة 16


يكون للرئيس والاعضاء صفة الضابطة العدلية، لغايات قيامهم بمهامهم، ويحدد المجلس الموظف في الهيئة الذي يتمتع بهذه الصفة.


وحيث إن الواقع يشير إلى أن موضوع وعمل ومجال عملها هو مكافحة الفساد بالشكل الأساسي والأكبر في أداء السلطة التنفيذية والرقابة عليه والتدقيق في أعمالها فان إرتباط الهيئة وتبعية رئيسها وآلية تعيين مجلس الهيئة وعزله مرتبط بالسلطة التنفيذية ومجلس الوزراء ورئيس الوزراء ويعتبر ذلك هدماً لإستقلالية هذه الهيئة ويضعف بشكل كبير دورها وقدرتها وفعاليتها في مواجهة من ترتبط به فكيف يحقق شخص مع مرجعيته؟


وكما نشيرالى الضعف و/أو الخلل في أطار تقييمنا لدور وأداء هيئة مكافحة الفساد الحالي عمليا (وليس من خلال ثبوت النص القانوني الحالي فقط). وذلك من خلال البنود التالية:


1. رغم حجم الفساد الكبير، وملفات الفساد المثارة والمطروحة في الأردن، إلا أن الهيئة لم تقم بدورها إلا تحت ضغط الظرف الحالي الضاغط في مجال مكافحة الفساد ولم نلمس سابقاً مبادرات من الهيئة ( للأسف) بمعالجة جريئة لهذه الملفات.


2. وبرغم وجود ظرف وطني مناسب وضاغط وداعم لهيئة مكافحة الفساد، ولغايات اتخاذ خطوات حاسمة وجريئة في معالجة ما لديها من ملفات، الإ إننا نلاحظ البطء في البت ببعض الملفات، والتعذر بأسباب إدارية ولوجستية.


3. التعذر بأسباب دستورية و/أو قانونية وإحالة بعض الملفات لمجلس الأمة / النواب لغايات السير بمحاكمة الوزراء، والصحيح من وجهة نظرنا هو إحالة الملفات المنتهية تحقيقا إلى النيابة العامة لإجراء المقتضى القانوني، والنيابة العامة أن وجدت أن بعض الملفات التحقيقية تحتوي على شخص وزير معين تحيل أمر هذا الوزير فقط وجزائيا إلى مجلس الأمة/ النواب لغايات السير بمحاكمته سندا لأحكام الدستور، وقانون محاكمة الوزراء، بدلا من تعطيل كامل الملف التحقيقي ذلك أن الوزير مدنيا مسؤول ولا يحتاج إلى إجراءات دستورية من خلال مجلس الأمة، ويجوز سماع أقواله في التحقيق وليس اتهامه لغايات وحدة القضية سندا لنص المواد:


المادة 2/ من قانون محاكمة الوزراء رقم 35 لسنة 1952:


تسري أحكام هذا القانون على الجرائم التي ترفع بصورة قانونية إلى المجلس العالي المنصوص عليه في المادة 55من الدستور


المادة 9/ قانون محاكمة الوزراء رقم 35 لعام 1952:


الوزراء مسؤولون مدنيا وفق أحكام القانون المدني مع مراعاة أن الملفات التحقيقية قد تحتوي على أشخاص آخرين غير شخص الوزير، فلماذا يعطل كامل الملف، ويفلت البعض من العقاب؟.


المقترح الأقرب للصواب:


وإعتماداً على ما سبق ذكره فإننا ولغايات إنجاز وتحقيق الأهداف المبتغاة من إنشاء هيئة مكافحة الفساد ودعمها بجرعة عالية من الفعالية والإسناد نقترح ما يلي:


1. التعديل التشريعي بمنح الهيئة الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية وعن مجلس الوزراء ورئيس الوزراء.


2. التعديل التشريعي بارتباط هيئة مكافحة الفساد بالسلطة القضائية باعتبارها جهة تحقيقية ونوعاً من أنواع النيابة العامة المستحدثة، والمتخصصة في نوع معين من الجرائم، ولها صفة الضابطة العدلية، ومآل أعمالها وقراراتها ونتائج جهدها سيحال إلى القضاء.


3. التعديل التشريعي بمنح رئيس الهيئة ومجلسها الحصانة القانونية اللازمة لدرء أي مساس بفعالية دور الهيئة علما بان كامل هذه الحصانة ممنوحة لرئيس ديوان المحاسبة بنص الدستور.


4. التعديل التشريعي بالزام السلطة التنفيذية توفير كافة الموارد البشرية والمالية والإسناد للهيئة بما يحقق مستوىً عالياً من الفعالية والأداء.


5. التعديل التشريعي بما يسمح للرقابة القضائية على أعمال الهيئة وقراراتها سواء بمبادرة من القضاء و/أو النيابة العامة و/أو، بطلب من أي مواطن لغايات التحقيق في ملف معين، و/أو التقصير في أي ملف وعدم اتخاذ الهيئة الإجراء المناسب.


6. التعديل التشريعي بما يُلزم السلطة التنفيذية تحت طائلة المسؤولية القانونية بتسهيل مهام عمل الهيئة، والالتزام بعدم عرقلة عملها، وتوفير كافة الأسباب لإنجاز عملها.


7. التعديل التشريعي بإزالة أي عوائق تشريعية و/أو إدارية تمنع من التحقيق، و/أو إتهام، و/أو محاكمة أي شخص أو مسؤول.


عمان في: 7 شعبان 1432 هـ حزب جبهة العمل الإسلامي

الموافق : 9 / 7 / 2011 م


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد