دراسة عن أهمية الفن عند الطفل

mainThumb

08-09-2021 03:22 PM

السوسنة -  يبدأ الطفل في التعبير عن نفسه منذ ميلاده، فهو يبدأ برغبات غريزية معينة لا بد له من إبلاغ العالم الخارجي بها، وهو عالم تمثله الأم في البداية تمثيلًا يكاد يكون تامًا، و أول صيحاته وحركاته تكون لغة بدائية يحاول الطفل بواسطتها الاتصال بالآخرين، ويستطيع المحيطون فعلًا في الأسابيع القليلة الأولى من حياته تمييز التعبير الموجه نحو غاية مثل إشباع حاجة الجوع ،وبين التعبير غير الموجه، وليس له من غرض آخر سوى إظهار وجدان أكثر تعميماً كالسرور أو القلق أو الغضب.
وتبعًا لذلك يمكن القول مثلما قال هربرو ريد في كتابه التربية عن طيف الفن، بأن حالة الوجدان التي يعبر عنها تختلف في مداها حتى في حالة الطفل الرضيع، ويحاول الطفل التعبير عن حالته الوجدانية أو المزاجية ويتحكم في هذا التعبير استعداده الجسمي والسيكولوجي، وعندما يكون التعبير غير مباشر نسبياً، وأن المقصود منه ليس إشباع حاجة مباشرة فإننا نسميه التعبير الحر.
اللعب أم الفن؟؟
اللعب أوضح شكل من أشكال التعبير الحر عند الأطفال، وقد حاول علماء النفس المطابقة بين جميع أشكال التعبير الحر وبين اللعب، وقد بالغ فرويل حين ادعى أن اللعب أعلى نوع من أنواع التعبير عن التطور البشري لدى الطفل، وذلك أنه وحده هو التعبير الحر عما يوجد في نفس الطفل، فهو أنقى ما ينتجه الطفل من ثمرات، وأشدها روحانية، كما أنه في الوقت نفسه يعد طرازًا ونسخة من الحياة الإنسانية في كل مراحلها وجميع علاقتها، وبهذا المعنى المتسع فإن طرق التعبير التشكيلية هي شكل من أشكال اللعب.
وتعتبر تلقائية الطفل تعبير عن النفس دون تقييد أو امرأه، أي أن التعبير الحر أو التلقائي هو الإظهار أو الكشف غير المقيد المناشط العقلية، التفكير والوجدان والإحساس والحدس، فإذا حدث لسبب ما أن هذه المناشط العقلية لم تستطع إحراز التعبير المباشر نتجت عن ذلك حالة توتر، فربما انطلق التوتر فجأة أو بطريق الصدفة، وعندئذ يتخذ التعبير سمة إلهامية.
وتعرف الدكتورة هاردنج الإلهام بأنه نتيجة عامل ما غير معلوم يتصادف الإلقاء به، وهو يعمل عمله في عقل رجل العلم أو الفنان في تلك اللحظة المعينة التي يتجه فيها نحوه توتر معين إما عن طريق تجمع الرؤيا أو الألوان أو الأشكال، أو عن طريق الحقائق والعكوف على التفكير فيها أثناء محاولة غير ناجحة لحل مشكلة، ومع أن الإلهام قد يهبط على أي إنسان فإنه لن يتجلى في أعلى درجاته إلا عند الأشخاص القادرين على هذا الضرب من التوتر الإنفعالي.
وأما الدكتورة منتسوري فتقول في كتاب التربية الفنية عن طريق الفن لهربرت ريد أن الرسم لا ينبغي أن يعلم للطفل، وإنما ينبغي أن يكون نشاطاً تلقائياً أي تعبيرًا حرًا عن ذات الطفل نفسها وأفكار الطفل نفسها.
ماذا يحدث عندما يبدأ الطفل في الرسم؟
بدأ البحث في هذه المسألة على يد جون ريسكن عام ١٨٥٧ م، حين لفت الأنظار لأول مرة إلى ما يمكن تسميته باسم ( الإمكانيات التربوية للرسم) حيث كان يرمي لإنتاج الفنانين، وقد لفت هذا نظر (ابنزار كوك) في أن يعيد النظر في مبادئ تعليم الفن في المدارس، وقد اتصل بأبرز علماء النفس الإنجليز جيمس سلى، وأخذا يدرسان معا أهمية رسوم الأطفال، وقد عالج سلى نواحي كثيرة من عقل الطفل، وعندما يشرع في معالجة الطفل كفنان فإنه يتعقب خطأ طرازيًا للتطور، يأخذه من رسوم مختارة ويقوم بأول محاولة لربط هذا التطور ب ( ظاهرة ثقافة الأجناس البدائية)، حيث كانت نظريته قائمة على التطور وهو أمر لم يكن منه بد في ذلك الزمان الكي يعيش فيه دارون.
لاحظ سلى رسوم الأطفال وتطورها وقصر جهده على تخطيطات الأشكال البشرية والحيوانات وبخاصة الحصان منها، وفيما عدا بعض حالات استثنائية لم يخرج عن مجال الأعمار المتراوحة بين الثانية والسادسة، وقد فرق بين مختلف مراحل التطور بادئًا بالشخبطات التي لا هدف لها، ومنتقلا من خلال التصميمات البدائية التي يمثلها كطراز ما يسمى بالشكل القمري للوجه البشري، وواصلا إلى ما يقرب من سن السادسة حين يرسم أشكالًا ممتعة للشكل البشري، وباختصار فإن التصنيف الذي وضعه سلى يعتبر أساسًا لكل ما جاء من بعده من تصنيفات.
وقسم فيكتور ليونفيلد مراحل تطور رسوم الأطفال إلى سبعة مراحل، هي:
١. مرحلة ما قبل التخطيط
 تبدأ من الولادة إلى سنتين تقريباً، إذ إن الطفل في هذه المرحلة ليس له اتجاهات معينة عند التعبير الفني.
٢. مرحلة التخطيط
تبدأ من سنتين إلى ٤ سنوات تقريباً، ففي سن الثالثة يبدأ الطفل في عمل تخطيطات غير منظمة، إما رغبة في تقليد الكبار أو عن طريق الصدفة، وتدل هذه المرحلة على بعض الإحساسات العضلية والجسمية.
ثم يبدأ التخطيط غير المنظم في التطور حتى يأخذ مظهرًا نظاميًا خاصاً، إما تخطيطا أفقيًا أو رأسيًا أو مائلًا، وفي سن الثالثة تقريباً يتطور التخطيط إلى خطوط شبه دائرية ويرجع ذلك إلى قدرة الطفل على التحكم في عضلاته.
يبدأ الطفل في حوالي الرابعة في التحول من الإحساسات العضلية الجسمية إلى الخيال الذي يعتمد على التفكير كأن يرسم رموزًا متنوعة يطلق عليها أسماء، كأن يرسم رموزًا متنوعة يطلق عليها أسماء، فيرسم خطًا أو دائرة ويقول هذا بابا أو يذكر له تسمية، وقد يستخدم الألوان للتفريق بين الرموز.
٣. مرحلة تحضير المدرك الشكلي ٤_٧ سنوات
تبدأ رسوم الأطفال في هذه المرحلة بالاعتماد على التفكير المستمد من الواقع فأصبحت الرموز محملة بخبرة، فتبدأ الصورة تبين ما إذا كانت تعبر عن إنسان أو حيوان.
ويغلب على رسوم الطفل الخطوط شبه الهندسية، فالرأس يمثله على شكل دائرة ، والأذرع والأرجل خطوط مستقيمة ومنحنية.
ثم ينوع الطفل في رسم العنصر الواحد، فإذا طلب منه التعبير عن شكل معين في مرات متعددة، جاءت رسومه في كل مرة منها تختلف عن المرة الأولى.
ويعبر الطفل هنا ذاتيا عن العلاقات المكانية، فالطفل لا يعنيه عندما يريد التعبير عن الشارع أن يكون الباص في الوسط والأشجار على الجانبين، بقدر ما يعنيه أن تكون هذه الأشياء موجودة على الورقة.
إن استخدام الألوان استخدام ذاتي لا يعتمد على الرؤية البصرية، لهذا نشاهده وهو يستخدم اللون الأحمر ليعبر به عن السماء الزرقاء، أو الأشجار الخضراء.
٤. مرحلة المدرك الشكلي ٧_٩
عندما يبلغ الطفل هذه المرحلة من حياته، تكون شخصيته قد تحددت معالمها، وذلك بفضل نضوجه العقلي والاجتماعي، وأثر هذا ملحوظ في تعبيره الفني، إذ نلاحظ أن رسوم هذه المرحلة تتسم بالحرية والتلقائية، وتحمل بين ثناياها سمات أصحابها، هذا فضلاً عن بعض الاتجاهات الأخرى الشائعة بين الأطفال.
٥. مرحلة محاولة التعبير الواقعي ٩_١١ سنة
هنا يصبح التحول من الاتجاه الذاتي إلى الاتجاه الموضوعي، ويتمسك الطفل بالعلاقات والمظاهر المميزة للأشياء، وتختفي بعض المظاهر السابقة كالمبالغة والحذف والشفافية وخط الأرض ويحل مكانها ما توحي به الرؤية البصرية وإدراك القريب والبعيد، ويستخدم الألوان بشكل موضوعي.
٦. مرحلة التعبير الواقعي ١١_١٣ سنة
يتحول الطفل في هذه المرحلة من حياته إلى حياة الرجولة والشباب ، فيطرأ عليه تغييرات في جميع النواحي فيقل إنتاجه الفني ويقوم بها بنوع من الكلفة والفتور، ونلاحظ أن فئة من التلاميذ يتابعون النشاط الفني بحماية.
٧. مرحلة المراهقة ١٣_١٨ سنة
لا تختلف اتجاهات التلميذ في هذه المرحلة عن اتجاهات المرحلة السابقة، فضلاً عن ملاحظة ظاهرة جديدة ،وهي رسم أنصاف أو أجزاء من العناصر التي يود التلميذ التعبير عنها، فيعتمد على الحقائق البصرية بشكل كبير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد