كان الأجدى برئيس الوزراء ، لو اكتفى في تعقيبه على الكتاب المتداول بتعيين ( ابناء شخصيات اعتبارية) بنظام شراء الخدمات ، بجزئية:
" ان الحكومة تبحث فيما اشيع من اخبار " ويضيف عليه ان نتائج البحث ستعلن للعامة من حيث عدم صدقيتها ، او صدقيتها، والاجراءات التي سنتخذ حيالها، لكنه آثر الافتاء ان التعيينات غير مخالفة ، وليس فيها أي نمط من المحاباة ، بل ذهب ابعد من ذلك، بتوعده وتهديده من اعتبرهم مروجي الاشاعة.
الكتاب المتداول للتعيينات وعددها تسعة ، الأسماء الرباعية فيها، تبين ان بعضها لابناء شخصيات اعتبارية ، وان التعيين تم بقرار ، وصفه دولته بالمتفق مع الإجراءات القانونية المتوافقة مع نظام شراء الخدمات، لكنه لم يوضح آلية هذه الاجراءات ، وحتى نجلي الصورة، فبند شراء الخدمات في التعيينات الحكومية، وبشهادة مسؤولين كثر ، هو حق اريد به تمرير باطل ، وفق التجارب ا لواقعية .
إن أساس التعاقد وفق البند، يفترض انه خاص بوظائف نادرة، والندرة ، يقصد بها طبيعة المهام وصعوبتها ، وندرة تخصصها .. والندرة او النوادر كلها وفق الواقع ، لانادرة منها توافرت للوظاىف التي تم اشغالها ، الا اذا كان الرسمي الاردني ، يرى ندرة وتميزا في وظيفة التفتيش على الغذاء، والتثبت من تواريخ صلاحياته ، وفي حال الشك بفساده ، يحول عينات منه للمختبرات، وبعيدا عن الندرة مانخشاه في ظل صمت ديوان الخدمة المدنية ، ان تكون تخصصات المعينين لاعلاقة لها من قريب او بعيد بالغذاء والدواء .
ان شراء الخدمات مرتبط بمستجدات على صعيد المؤسسات ، وهدفه، التشغيل او التوظيف المؤقت، لكنه حقيقة الامر، أداة تجاوز على ديوان الخدمة المدنية، ووسيلة قفز على كل ما يفترض انه ناظم لاسس التوظيف في الدولة ، والاسس الادارية التي تحكمه .
قد يظن البعض ان الادارات الصغرى من مرتبة مدير عام او رئيس هيئة وما شابه هو المسؤول عن هذه الالتفافات والتجاوزات ، الا ان الظن بظننا خائب ، فهؤلاء لا جرأة لهم على المخالفة، وتعيين أي كان بعقد شراء خدمات ،حتى لو كانت مؤسساتهم بحاجة ، وما يجري في حقيقته اسقاط بمظلات على شواغر مستحدثة بحجة الندرة ، او الحاجة ، وهذا التوظيف بظننا ياتي ( من فوق ) بدلالة ان الذي (فوق ) لم يكلف خاطره ، بجبر خواطرنا، ليعلن انه سيتحقق من الامر ،وبالمناسبة اللي فوق نقصد به السلطات التنفيذية ( اللي فوق ) ..
في تصريحات سابقة ، لوزير تطوير قطاع عام اسبق أن " شراء الخدمات مفهوم وجد لغايات ومهام محددة ، وبالأصل ينبغي ألا يكون طويلا،وانما لفترات قصيرة،" لكن المفهوم والحديث لذات الوزير " استخدم في الآونة الأخيرة في معظم مؤسسات القطاع العام بشكل واسع، للالتفاف على عمليات التعيين ... ".
وبالمناسبة، وبحكم الوظيفة الرسمية التي هجرناها مبكرا، اسر لي زميل بحكم ادارته الفرعية لمديرية ، بوجود شبان حديثي التخرج اسقطوا على المؤسسة للعمل بها ، ذات مسؤولية لحكومة سابقة ، ومخصصاتهم كانت تدفعها رئاسة الوزراء ، وليس بالضرورة ان يؤدوا أي عمل ، حتى ان تدخلات الزميل باعتباره المسؤول المباشر عن الشبان، كانت الادارة لاتاخذها بعين الاعتبار ، لان لاحيلة بيدها تجاههها ..
وعودا لحادثة كتاب التعيين بشراء الخدمات الذي تعجل الرئيس بنفي مخالفته للقانون ، فتبعا للاسم الرباعي لابناء رؤساء هيئات عاملين، ومتقاعدين، ونواب تم تعيينهم ، محال ان تجمعهم الصدفة بمؤسسة واحدة ، وبكتاب واحد وتاريخ واحد ، حتى ان كتاب التعيين خلا من أي اشارة لوجود لجنة لهكذا تعيينات ممثلة من ديوان الخدمة المدنية ودائرة الموازنة العامة ورئاسة الوزراء ، كما هو معلوم بموجب الانظمة والقوانين ، لكن صمت كل هذه المؤسسات واداراتها ، وان اربك المشهد ، فهو حجة تشكيك بتصريحات رئيس الوزراء ، وافساح مجال لزيادة العلاك على منابر الشارع كافة .
الحديث في هذه القضية، علامات الاستفهام فيه كثيرة وكبيرة ، ومتشعبة أيضا ، وللاسف ان رد الرئيس مهما سعى لتجميله بالمفردات الا ان دالته وفحواه .. " مش شغلك يا مواطن " ولما كان لكل مقام مقال نختم ببضع اببات من قصيدة للشاعر التركي ناظم حكمت الذي يتوق رئيسنا لاستذكاره بين حين وٱخر:
ياوطني ..
- اهترأت قبعتي التي اشتريتها من دكاكينك ..
- تقطع حذائي الذي حمل تراب شوارعك ..
- ،يا وطني لم يبق لدي منك سوى الشيب في شعري ..
- وما عندي منك غير خطوط من الهموم تعلو جبهتي ...