العنف اللفظي .. وأثره على الحياة الزوجية

mainThumb

01-07-2022 12:41 PM

شرع اللهﷻ الزواج وجعله سكن للرجل والمرأة؛ لبناء أسرة قائمة على المودة والرحمة، والمعاشرة بالمعروف، ولما كان العنف اللفظي أبرز أنواع التعنيف التي تسيء للغاية التي شرع الزواج من أجلها؛ بل يتنافى وقدسية الرابطة الزوجية، وحيث أنه لم يحظ بالتوعية والتثقيف بمدى الأخطار الناجمة عنه، بات لابد من تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي شاعت في المجتمعات عامة، وفي مجتمعنا خاصة.

 
العنف اللفظي هو ذاك العنف الذي لا يترك في جسدك علامات، بل يترك جروحًا وندبات غائرة في روحك ونفسك، وصف عدواني، واغتيال معنوي أشد تأثيراً وألماً، يمس كرامة المرء وقيمته، ويهز تقديره لذاته، ويفقده الثقة بنفسه.
 
لعله يتمثل في : التهديد بالكلام أو بالصراخ، الإساءة المتعمدة، واللوم، والتوبيخ، أو السخرية والاستهزاء، أوالاتهام ، أوالنقد الهدام، والإهمال والتهميش ،ضف إلى كل ذلك القذف والتشهير وتشويه السمعة.
 
لعل ذلك يعود لأسباب كضعف النفس وغرورها، وقوة الشر فيها، وسيطرة الحمق عليها، وقلة لمراقبة الله تعالى فيما يتكلم به الإنسان.
 
لا شك أن الألفاظ السيئة مهما صغرت؛ فإنها قد تكون شرارة صغيرة تلد حريقاً عظيماً من الشقاء على صاحبها أولاً ويمتد إلى أسرته، فهنا يبدأ الكدر والضيق، ويتفاقم الشقاق والنزاع، وتتولد الكراهية والضغائن وتحقن القلوب.
 
وقد عدّ قانون الأحوال الشخصية الأردني الكلمات السيئة والبذيئة؛ من السب والشتم وجرح الأعراض، وإيذاء الأسماع، وإيجاع القلوب، عنصرأساسي من عناصر دعوى الشقاق    والنزاع لما فيها من ضرر معنوي يقع على الأزواج.
 
لعلنا نلحظ في مقابل ذلك ،أثرالكلمة الطيبة على الاستقرارالأسري، فعندما يمتلك الأزواج نفساً شريفة لا تضيق عليهم الألفاظ والأساليب، بل لعل لديهم معجم رحب من الجمل النظيفة، التي تعد منابت خصبة للتربية الأسرية الناجحة والبيئة الصالحة، والقدوة  الحسنة، فيحصدون ثمار تربيةٍ حلوة المذاق، بهدوء نفس، وقرارة عين، وهناء عيش.
 
فالكلمة الطيبة هي حروف مضيئة تنبثق من صدر يتلألأ بالنور فتضيء قلوب الأزواج والأبناء وتزهر أرواحهم ووجوههم بالسرور، فهي عنوان المتكلم ودليله، ومفتاحه إلى القلوب والأرواح، إذ أنها تؤلف بين القلوب، وتصلح النفوس، وتذهب الحزن، وتزيل الغضب، وتشعر بالرضا والسعادة ، سيما إذا رافقتها ابتسامة صادقة.                                   
مع الأسف، الكلمة الطيبة الصادقة أصبحت نادرة.. !! ولم تعد متداولة كما كانت في جيل الآباء والأجداد، وتركنا الحبل للكلمة الخبيثة التي هدمت أخلاقنا وديننا ودنيانا وماضي آباءنا وأجدادنا.
 
من المؤكد أنه لا يوجد مبرر لهذا، لا غرو أن الإسلام ما جاء إلا ليرفع كل أشكال الظلم والإهانة والعنف، ورفع شأن الإنسان، ومنع التعرض له بأي شكل من أشكال الظلم، وقد خصص الله سبحانه وتعالى الزوج والزوجة بهذا الأمر؛ لأهمية العلاقة القائمة فيما بينهم.
 
لردع ذلك العنف والتخلص منه يجب أن لا يرضخ أو يستسلم المعنَّف سواء الزوج أو الزوجة أوالأبناء لهذا السلوك المهين، بل يجب أن يدافع كلٌ عن كرامته وحريته لتحقيق الأمان في المنزل للوصول الى الهدف المنشود، في ظل بيئة يسودها الأمان والاستقراربعزة وكرامة وكبرياء.
 
ختاماً اقول: ماهي إلا حروف نستخدمها ذاتها عند الكلام، فشتَّان بين من ألَّف بين حروفه، وجمع بين كلماته، وأخرج للكون كلمة طيبة نافعة ، وبين من ربط بين حروفه وكلماته برباط سوء؛ فكانت كلماته شرًّا مستطيرًا، وريحًا عقيمًا؛ يذوق شرَّها.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد