سوس العود

mainThumb

29-08-2022 06:46 AM

رن جرس الهاتف فرفع الحاج أبو رباح السماعة ، وانفرجت أساريره وسمع يقول : الله يرضى عنك ويوفقك ... الله معاك ويحفظك يا بني ... حاضر ... حاضر ... سأذهب الآن أنت تعرف ان اللصوص نهبوني في المرة الماضية لكن هذه المرة لن أخبر أحدا من الجيران او الأصدقاء ... اطمئن ، ثم ختم المكالمة :"الله معك ويسهل امرك الله يرضى عنك "!
وضع الحاج بو رباح سماعة الهاتف.... و خرج ضاحكة قسمات وجهه ! منفرجة أساريره :
سألته بامتعاض الحاجة مغيظة زوجته الثانية : إلى أين : قال لها عندي مشوار قصير ... نزل سلم الدرج نحو الدور الأول .... فوجد عند نهاية الدرج حفيده وحفيدته اللذين كانا في سن الثالثة والخامسة: طفلي ابنه رباح المهندس في احدى دول الخليج العربي ... فسألا: "وين رايح يا جدو"؟ فأجاب : إلى السوق يا احبابي! فقالا : [جيب لنا "شيء زاكي ]، فقّبلهما وقال حاضر...... حاضر، فتح بوابة العمارة وخرج وأغلق البوابة وانطلق نحو الشارع الرئيس حيث موقف سيارات الأجرة : استقل سيارة الى البنك ... راودته أفكار شتى : تذكر زوجته الأولى التي لم تعبس في وجهه مرة في حياتها ولم تتذمر من شيء .. كانت زوجة صالحة ... لا تفوه بكلمة تغضب او تجرح من يسمعها ، لقد كانت اما مثالية فقد انجبت ابنه ا لأكبر رباحا وربته خير تربية حتى انه كان من أوائل المتفوقين في المرحلة الثانوية ثم الجامعية ، وهو الان يعمل مشرفا على مشروع هندسي عماري خارج البلاد. واخذ يدعو في نفسه ان يوفق الله ابنه ويرعاه.... وجد ثلاثة اشخاص امامه عند الصراف الالي ... انتظر حتى جاء دوره ثم سحب مبلغا من المال وانصرف ... وفي الطريق اشترى بعض الحاجات من بينها الشيء "الزاكي الذي يحبه احفاده" ..
عاد الى البيت فهرع الطفلان اليه فناولهما شيئا من الحلوى التي طلباها ... شاهدت الحاجة "مغيظة" زوجها وهو يناول الطفلين الحلوى وبعض الهدايا لهما فادركت ان زوجها قد تلقى حوالة مالية ...وازدادت يقينا عندما نادى الحاج زوجة ابنه وناولها مبلغا من المال قائلا لها "هذا المبلغ لك فقد وصلني مبلغ من المال من رباح وهذا نصيبكم الشهري الذي يرسله لكم كالمعتاد"!
نظرت مغيظة الى زوجها وهو يناول زوجة ابنه المال ... فقد كانت تمقت زوجة الابن فهو ليس ابنها بل ابن المرحومة الزوجة الأولى! امتعضت كثيرا وادركت ان زوجها لا يكترث بمشاعرها نحو زوجة ابنه ، فقد كانت تكره المرحومة كرها شديدا ، وبعد وفاتها أخذت تصب جام حقدها على رباح وزوجته ، كان رباح شابا بارا بوالديه مجتهدا متفوقا في دراسته حتى انه حصل على منحة دراسية فلم يكلف والده نفقات الدراسة ، وتخرج وعمل خارج البلاد وبقي بارا بوالديه وزوجة ابيه... في تلك اللحظة لمعت في راسها فكرة فأظهرت البشاشة والحبور.
وقدمت مغيظة الشاي الى زوجها بكلمات لطيفة حميمة ...
واسدل الليل ستاره على الديار وبعد سهر طويل .. نام الحاج أبو رباح في غرفته ... وقبيل الفجر أحس ان شخصا يحاول فتح باب الغرفة .. وفعلا فتح الباب الذي لم يكن مغلقا بالمفتاح بل كان مردودة دفتيه، دخل شخصان مقنعان بعد ان اغلقا الباب .. ثم طلبا منه ان يعطيهما النقود التي صرفها من البنك ... رفض فحاول احدهما ان يعتدي عليه فدافع عن نفسه ممسكا بشعر رأس المهاجم بشدة فانتزع شيئا من شعره حيث علق الشعر بأظافره ! وقد مزقت اظافرة بشرة عنق احد المهاجمين ... فعلق تحت اظافره الطويلة القاسية شيئا من بشرة المهاجم !
وبعد عراك عنيف شهر احد المهاجمين مسدسا في وجهه وقال :" الفلوس او روحك" !
استسلم الشيخ ابو رباح وناولهما المال وخرجا مسرعين ...
لكنه أسرع الى الهاتف واتصل بالشرطة
سمعت صافرات سيارات الشرطة تدوي في ارجاء الحي عند الفجر، حضر عدد كبير من رجال الشرطة وضربوا طوقا حول المنزل و الحي واغلقوا مداخله: دخل رجال البحث الجنائي المختصون بكشف الجرائم . تم سؤال المجني عليه فأفاد بتفاصيل ما وقع. سأل احد رجال الأمن : لكن لا يوجد أي باب مكسور هل تركتم الأبواب مفتوحة ؟
قال أبو رباح :"نحن كل ليلة نغلق الأبواب بإحكام ،لكن الذي يحيرني ان اللصين دخلا كل مرة دون ان يكسرا الأبواب ".
احضر كلب الأثر فشم المكان وخصلات الشعر التي انتزعها أبو رباح من راس المهاجم. واخرج الكلب واخذ الكلب يسرع نحو كرم زيتون قريب من بيت ابي رباح. توقف الكلب عند باب منزل في الكرم مكون من حجرتين . كان الباب مغلقا دق شرطي جرس المنزل ولم يجب احد، حضر الحاج أبو رباح وفتح باب المنزل دخل رجال الامن فوجدوا شابين في العشرينيات فقال أبو رباح هذ ابني وهذا ابن زوجتي ولا اعلم انهما ينامان هنا في هذ البيت. كانت الشمس قد اشرقت وعم النور المكان . لمح شرطي احد الشابين يحاول إخفاء عنقه ، فقال بصوت حازم : قف لا تتحرك .. تقدم اليه وكشف عن رقبته : سأله كيف اصبت بهذه الخدوش .. ارتبك الشاب ولم يجب! قام رجال الشرطة بتفتيش المكان تفتيشا جيدا فعثرا على مسدس أخفي في " بسطار" فسالوا لمن هذا المسدس، فقال أبو رباح : "ارجوك يا سيدي اسمح لي ان اعاين المسدس "، اقترب أبو رباح وادرك ان المسدس يعود له، فقال هذ مسدسي يا سيدي لقد فقدته قبل ثلاثة شهور منذ ان سلبني اللصوص اول مرة.
امر قائد القوة باحتجاز الشابين ونقلهما الى مركز الأمن .
وبعد ان اثبت المخبر الجنائي ان الشعرات الني انتزعها أبو رباح مطابقة لشعر ابن زوجته ! اعترف الشابان انهما هما اللذَان سلبا النقود من ابي رباح كما سلباه النقود في المرات السابقة. وتم ذلك بتحريض من زوجته "ام عفين" التي منحتهما المسدس منذ اول عملية سلب قاما بها وذلك من اجل ان تمنع زوجها من ان يحسن الى عائلة ابنه، واقنعتهما ان يسلما النقود لها حتى تجمعها وتسعى لتزويجهما!
بعد ان تم تبليغ أبا رباح بالأمر عاد الى البيت والشرر يتقادح من عينيه .
وتناول عصا غليظة فانهال بها على العجوز " ام عفين: ورمى بها خارج البيت واقسم انها لن تعود الى البيت ابدا مرددا " انه من كيدكن ...." وصحيح:" سوس العود منه وفيه"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد