لست ملاكاً

mainThumb

21-09-2022 11:25 PM

تسبّني وتشتمني وتستغيبني وتقول فيّ ما ليس فيّ من سيء الصفات والأخلاق، كل ذلك وأكثر لأن لساني قد زلّ أمامك ببعض الكلمات التي لم تكن مقصودة... نعم أخطأت ولكني لا أستحق منك هذا الجزاء، فالمفروض أننا أصدقاء جمعتنا الدنيا بالصدفة فانتهزت خطيئتي لتقول عني ما تقول.
ألم تشفع العشرة والعمر الذي أمضيناه لكي تتغاضى عن زلة لساني وتسامح، فأنا لم أكن ملاكا ولست كذلك بل إنسان من دم ولحم وأتعلم كثيرا من أخطائي وأخطاء الآخرين من حولي؛ وأظنك مثلي كذلك، فسابقا أخطأت بحقي مرارا فتغافلتُ عن هفواتك ولم أطعنك في ظهرك فلماذا فعلت ما فعلت؟
للأسف الشديد، أقولها كلمة وقلبي يعتصر ألماً لأني لم أعرفك جيدا طوال تلك الفترة وكأني قد وضعت على عيناي غطاء أسوداً منعني من تمييز صنفك من البشر الذين لا يكنون للعشرة والصداقة أي تقدير واحترام.
لقد استغبتني ونقل لي أحدهم ما قلت فيّ من صفات لا أظنني يوما كنت صاحبها، لم أصدق ناقل الخبر في أول وهلة ولكني سمعتك لاحقاً بأذنيّ تنعتني بصفات سيئة، وحينها أيقنت أني كنت مخدوعا بك طيلة هذه السنين. وإن كنتُ يا هذا ميتا حسب وصفك وأستحق الدفن فورا لأني لا أستحق الحياة، فلماذا تكلف نفسك منحي حسنات مجانية من رصيدك؟ ثم ألم تعلم ما قاله المثل العربي الشهير (وهل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها)؟
هذه ليست حادثة عشتها وليس واقعا خبرته بنفسي ولكنها قصة بالتأكيد قد حصلت مع الكثيرين ممن صدموا من واقع اختياراتهم لمن كانوا يظنون بأنهم أصدقاء ليتضح لاحقا بأنهم من الأعدقاء المنافقين الذين يتمنون الخير لأنفسهم ولا يتمنونه للآخرين، ويحسدونك على الابتسامة والضحكة وحب الناس لك... بشر ليسوا من البشر بل هم آفة ومرض إن استشرى أمسى كجائحة الكورونا لا تبقي من شرها أحدا. ومع ذلك فإن البشرية استطاعت أن تجد علاجا وتطعيما يحمينا من هذا الوباء، فمن سيحمينا من شر هذا الصنف من البشر؟
لماذا لم يعد أحدنا يحتمل الآخر؟ لماذا ضاقت علينا الدنيا بما رحبت؟ حتى وصل الأمر إلى الجفاء وقطع العلاقات والأرحام، أوليس فينا ما يكفي من الرشد والاتزان حتى نحتمل بعضنا بعضا وأن نعمل على بقاء شعرة معاوية عوضا عن قطعها.
نعم نحن لسنا ملائكة ولسنا معصومين من الخطأ، ولكننا نحب الحياة ونعشق جمالها ونعلم تماما أن الإنسان كائن اجتماعي بفطرته السليمة، وأن من ينقطع عن الآخرين ويبحث عن أخطائهم لا بد أنه يعاني من خطب ما، ولنا في الحظر الصحي الكلي أو المؤقت أثناء جائحة كورونا دروس وعظات، فعندما حُرمنا من التواصل مع أحبتنا وأصدقائنا بسبب الجائحة أصابنا ما أصابنا من الضيق والتوتر والشعور بالملل وفور أن رُفع الحظر انطلق كل منا يبحث عن أحبته ليزورهم ويتواصل معهم ليشعر بأنه إنسان حي كامل الأهلية والصلاحية.
ما كان لي أن أكتب هذه الكلمات لولا حاجتي للناس مثل حاجتهم لي، فكل منا يكمل الآخر وكل منا لديه فائض من الصفات والأخلاق الحميدة والمشاعر الطيبة ما يمكنه أن يمنحها للطرف الآخر ليرسم البسمة على ثغره ويطمئنه بأن الدنيا لا زال فيها من الأخيار ما يكفي لأن تستمر وتمضي إلى ما شاء الله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد