من أنتم من أنتم
لكن بعيداً عن هذا المثال، ولو بقينا في إطار الفروقات بين البشر، فلا بد أن نعترف أنه «لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» حسب المفهوم القرآني، وحسب بقية المفاهيم والأعراف. وبالتالي، لا يمكن أن ندعو إلى المساواة بين الشعوب التي قطعت أشواطاً عظيمة على طريق التقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي وبين الشعوب المتخلفة التي لا تعرف من الدنيا سوى استهلاك ما ينتجه المخترعون والمتفوقون من الشعوب الأخرى.
دعونا من شعارات المساواة والإنسانية الفضفاضة التي تلجأ إليها الشعوب والدول المتخلفة عندما تتعامل مع القوى الكبرى المتقدمة، فحتى بالمفهوم الديني، كما أسلفنا، لا يمكن أن تضع الذين يفقهون والذين لا يفقهون في سلة واحدة، فلا يمكن وضع النحاس مع الذهب وتشمل المعدنين تحت قائمة واحدة سميتها «المعادن»، فشتان بين قيمة الذهب والنحاس كي لا نقول بين الألماس والحجر. وبالتالي، يجب أن نعترف أن الغرب واليابان والصين وغيرها من القوى الصاعدة يجب ألا تكون على نفس المستوى في هذا العالم من حيث القيمة والمكانة مع بقية الأمم. لا أبداً، فنحن العرب وبقية الأقوام المتخلفة مجرد توابع من كل النواحي، لا بل عالة على العالم أحياناً، لأننا مجرد مستهلكين، ويجب ألا نشتكي من معاملة المتقدمين لنا حتى لو أساؤوا المعاملة أحياناً، فنحن نستورد أبسط حاجاتنا الاستهلاكية من الخارج، بما فيها الفول والحمص والفلافل والغطرة والعقال، وحتى أدوات ما نسميه بالقهوة العربية نستوردها من الخارج، ونجلب أدواتها من الصين أو الغرب، ثم تصنعها لنا خادمة فيلبينية أو عامل هندي في بعض الأحيان.
ولا ننسى أيضاً أنه حتى ثرواتنا التي نعيش عليها لم يكن بمقدورنا أن نكتشفها ونستثمرها لولا الخبرات والتقنيات الأجنبية، ولو ظل النفط في باطن أراضينا ملايين السنين لما عرفنا كيف نستفيد منه لولا التكنولوجيا والمخترعات الغربية وغيرها، وبالتالي يجب أن نعترف ونقر بأنه لا يستوي المتخلفون والمتقدمون أبداً، وأن همروجة أن الغرب يتآمر علينا لا ترتقي حتى إلى مستوى النكتة السمجة، فهل يعقل أن يتآمر القوي والبارع والطالع على المتخلف والنازل باستمرار؟ بالطبع لا. هل أنتم قوى عظمى كي يكيد الأقوياء لكم أم أنكم مغلوبون على أمركم ولا تشكلون أي تهديد لأحد على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو الثقافي، وحتى الجماعات «الإرهابية» المحسوبة عليكم ليست أصلاً من صناعتكم، بل من تأليف وإخراج القوى الكبرى واستخباراتها الأخطبوطية. وتلك الجماعات مجرد أدوات يصنعونها لتنفيذ بعض المهمات القذرة، ثم يرمونها في سلة الزبالة، والأمثلة كثيرة على تلك التنظيمات التي لم تظهر في العالم إلا بعد أن احتاجتها القوى الكبرى خلال النصف قرن الماضي، ولم نر لها مثيلاً على مدى التاريخ الإسلامي. باختصار حتى أسوأ ما عندكم من صناعات ليس من صنعكم أصلاً.
وأرجو ألا يقول لي أحد إننا نملك المال ونستطيع أن نشتري به ما نشاء من الدول الصناعية والتكنولوجية، فكما قلنا إنك لم تتعرف على خيرات بلادك أصلاً لو الأجنبي، فهو الذي اكتشفها لك ثم جعلك تبيعها وتحصل منها على المال، وحتى لو صار لديك مال من وراء الاكتشافات التي وفرها لك الخارج، ففي لحظة ما قد تجد أن أموالك بلا أي قيمة عندما تنعدم السلع والمواد الغذائية التي كنت تستوردها من الخارج. ولا شك أنكم سمعتم الأخبار التي تقول إن العالم العربي مقبل على مجاعات واضطرابات ليس لأنه لا يملك المال اللازم لشراء حاجاته، بل لأن هناك مشكلة في تصدير السلع والحبوب من روسيا وأوكرانيا وغيرها بسبب الحرب والصراع الدولي. وهذا يؤكد أننا «طفيليات» نعيش على جهد الآخرين وتقدمهم، ونموت إذا توقف الآخر عن توفير تلك المواد لها.
أضحك كثيراً أحياناً عندما أسمع بعض العرب الذين كفروا بأنظمتهم وحكامهم وهم يتمنون سراً لو أن إسرائيل أو أمريكا تأتي وتحتلهم وتنقذهم، وهم بالطبع حالمون جداً، فمن هو الذي يريد أن يحتلكم ولماذا؟ أنتم تعتقدون أنكم تقدمون خدمة لمن تحلمون بأن يستعمركم، بينما هو أصلاً ليس مهتماً بكم، لأنه يسيطر على بلدانكم وأنظمتكم وثرواتكم ويتحكم بكم بالريموت كونترول دون أن يكلف نفسه عناء الحكم المباشر.
هذا الكلام المر والقاسي طبعاً ليس ازدراء ولا افتراء ولا تجنياً على ما نسميه أمتنا «العربية» مطلقاً، بل صرخة في واد، لعلنا نخرج من حفرتنا السحيقة في وقت بدأ شكل العالم يتغير، ونبدأ نفكر جدياً بمجاراة الأمم الصاعدة كالصاروخ حتى التي كانت فقيرة ومعدمة ومستعمرة كالهند والبرازيل والمكسيك، ونحن مازلنا نتفاخر بأننا «خير أمة أخرجت للناس» بينما في واقع الأمر يحلم بعض بلداننا المنكوبة بأن تصبح مثل رواندا التي نهضت من تحت أنقاض الحروب الأهلية لتغدو أفضل وأنظف بلد في أفريقيا.
المركزي الأميركي: توقعات بخفض الفائدة في ديسمبر
الاحتلال يهدد باستئناف الحرب على غزة
انطلاق منافسات دور الـ 16 من بطولة كأس الأردن الثلاثاء
الثقافة تطلق مهرجان الأردن المسرحي الخميس المقبل
شروط اختيار المشاركين في مهرجان الزيتون
وفاة طفلة دهساً في منطقة الكريمة
منتخب الطائرة للناشئات يخسر أمام أوزبكستان
الرواشدة يرعى احتفالية بذكرى الفنان الراحل فارس عوض
مهم من الزراعة بشأن استيراد زيت الزيتون
السوداني: الانسحاب الأميركي شرط لنزع سلاح الفصائل
انتصارات لدوقرة وعمان إف سي والصريح بدوري الدرجة الأولى
أبرز ما جاء بلقاء رئيس الوزراء ونظيره القطري
خطة لإنتاج محتوى مرئي يُبرز الأردن كأرض للقداسة
ارتفاع تاريخي لأسعار زيت الزيتون في الأردن .. تفاصيل
أمانة عمان لا "تمون" على سائقي الكابسات .. فيديو
إحالات للتقاعد وإنهاء خدمات موظفين حكوميين .. أسماء
الحكومة ترفع مخصصات الرواتب والتقاعد لعام 2026
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية في وزارة التنمية .. أسماء
فوائد مذهلة للقرنفل .. من القلب إلى الهضم والمناعة
تشكيلات إدارية في وزارة التربية… أسماء
التربية: دوام المدارس المعدل الأحد .. والخاصة مستثناة
أسرار الحصول على خبز هش وطري في المنزل
وزارة الصحة تفصل 18 موظفاً .. أسماء
مأساة سوبو .. ظلم مُركّب في أميركا
تحذير من مصفاة البترول للأردنيين

