أعلِنوا المونديال واضربوا عليه بالغِربال

mainThumb

21-11-2022 02:56 PM

منذ الصِغر، كُنا نُسأل أينما سافرنا: من أين أتينا! كان من البديهي في الدول العربيّة أن نقول من قطر، أمّا في الدول الأجنبية فكنّا نختصر الإجابة بأننا من الشرق الأوسط، أو الخليج العربي، وكلنا عجب من تجاهل الشعوب الغربيّة لجغرافيا العالم.

ففي الوقت الذي كانت فيه معلوماتنا المدرسيّة التاريخية والجغرافية شاملة أرجاء الكُرة الأرضية من العصر الحجري حتى القرن العشرين، لم يكن التعليم في بلاد الأجانب مُهتّمًا بتدريس تاريخ وجغرافيا الدول العربيّة، وكان الأمر مُثيرًا للتعجب.

وإذا عُرِف السبب بطَل العجب، فتاريخ أوروبا وبريطانيا العظمى ومن ثم أمريكا، مُشبّعٌ بالاحتلال والتوسع الذي كان فيه الوطن العربي لقمةً سائغةً على موائد الظلم والشراهة، فكان على حكوماتهم إظهار محاسن الأخلاق والعدالة لكسب ثقة شعوبهم، وتحويل أنظارهم عن جرائمهم وحقيقة أهدافهم.

وإيمانًا بقوله تعالى: «وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ» أتأمل الحاضر في تراجع المُجتمعات، وانكشاف الستر عن شعارات القِيم والمبادئ حول أهميّة الأسرة «نواة العالم» التي يُحاولون شطرها بكل الوسائل، بلا اكتراث بتبعات انشطارها الذري، وما سيخُلّفه من دمار شامل.

إذ يُجسّد دعم المثليّة -بالقوانين الموضوعة- سيفًا بتّارًا يُقطّع شرايين الطبيعة ويُخالف دورة الحياة، مُعارضًا كل الأديان السماوية. ولا خطر على الإنسِ أشدّ من غضب الله، «وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ» أفلا تعقلون!

تُكافح المُجتمعات الطبيعية بكل ما أوتيت من قوةٍ ذلك التيّار المُدّمر لثروتها البشرية، كلّنا نُكافح العربيد اللامع الذي يُحاول الالتفاف حولنا، راجين أن يُهشَّمَ رأسُه قبل أن تعصرنا عضلاته بكل ما تحمل من شذوذ.

يقول المثل الشعبي: «من لا يرى من ثقوب الغِربال أعمى» ولقد بيّن لنا فوز دولة قطر بكأس العالم 2022، مدى اهتمام الغرب بالترويج للمثليّة، بل وللمُحرّمات عامّة، جُمَلٌ وشعاراتٌ تتزيّن بالحقوق الشخصيّة، وكأن العدالة لا تتحقق إلا بالرذيلة، عن أي عدالة يتكلمون، وكيف يقتنع البعض بأن القدر الذي وُلدوا عليه بين ذَكَرٍ وأُنثى قابل للتغيير!

نشرت دولة قطر بعض الآيات والأحاديث النبوية في عدة أماكن، ليقرأها الزائرون واللاعبون، وهل يوجد أفضل من هذه الفرصة للتوعية بفضائل الدين، حتى صوت الأذان للصلاة تم اختياره وتوزيعه بعناية فائقة، لجذب الغرباء للإنصات برضا وسلام، كما تم طباعة رموز إلكترونية يتم الدخول إليها عبر الموبايل، تتضمن شرحًا بسيطًا عن الدين الإسلامي بعدة بلغات، أحيانًا كلمة واحدة تجذب الإنسان للبحث في الأعماق.

وفي الوقت الذي يتجه به البعض إلى إخفاء الهُوية الوطنية، بحجة أن صوت الأذان يُزعج السياح وأن منع الخمور في الأماكن العامة سيُقلل من الموارد، وأن الجهر بالسوءِ حرية شخصية، تمسّكت قطر، حكومةً وشعبًا، بإظهار الهُوية الدينية والوطنية بكل فخر واعتزاز.

الحق كالحبوب الكاملة، ولا يتساقط من الغربال إلاّ قشورها والمكسور منها.

ليَضربوا على فوزنا بالغربال، لن نتساقطَ من ثقوب الحضارة طالما تماسكنا بقوة على الحق، رأس الحكمة مخافة الله، ووحدتنا مصدر قوّتنا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد