الإعلام والواقع .. أي واقع؟
لم يكن هناك ما هو أفضل من تقرير يعكس الواقع بأمانة... هكذا تعلم طلاب الصحافة على مدى أجيال، وتعلموا أيضاً أن إدراك هذا الواقع بوصفه حاصلاً ومعيشاً وقابلاً للإثبات، يحتاج جهداً وتركيزاً شديدين؛ إذ سيستلزم ذلك درجة مناسبة من الموضوعية، والإيراد الدقيق للمعلومات، والتثبت من مصادرها، والتوازن في تعيين أطراف الوقائع، وإتاحة الفرص العادلة لها للتعبير عن مواقفها، فضلاً عن أهمية عدم تجاهل خلفيات الأحداث وسياقاتها الضرورية.
كان الواقع مُؤطراً ومُعيناً بوضوح لعقود طويلة، وكان إدراكه كما هو ونقله للناس مع الشرح المطلوب جوهر مهمة الصحافيين، وعندما أخفق صحافيون، أو تعثرت وسائل إعلام، في نقل الواقع كما هو، تم توجيه الانتقادات والاتهامات؛ لأن أحدهم تحايل ودلّس في إدراك الواقع ونقله على نحو أمين، وهنا تم تصنيف وسائل الإعلام «التقليدية» مهنياً تبعاً لدرجة قربها، أو ابتعادها عن تحقيق الهدف المهني المنشود: إدراك الواقع، ونقله بأمانة.
لكن هذه المعادلة السهلة والبسيطة في آن لم تسلم من المعاندة والتجريح في عالم الوسائط «التقليدية»؛ إذ ظهرت الأهمية البالغة للإعلام في تشكيل الصور الذهنية والتأثير في الرأي العام مبكراً، كما ظهر التدافع النهم على تطويعها لإدراك المصالح، فازدهرت أنشطة التزوير والتحايل، وهيمنت على قطاع كبير من الممارسات الصحافية.
لم تكن تلك المخاطر غائبة عن المتابعين والنقاد منذ قرن من الزمان، حتى إن الكاتب والصحافي الشهير والتر ليبمان رأى في عشرينات القرن الفائت أن ما انطوت عليه وسائل الإعلام «التقليدية»، آنذاك، من «أكاذيب واختلاقات» كفيل بأن «يخلق عالماً كاملاً من الزيف».
ستُلقي هذه المآلات المنحرفة للحالة المعلوماتية، التي خاتلت في إدراك الواقع ونقله بأمانة، بأعباء كبيرة على قدرة الجمهور على فهم الواقع وتحليله تحليلاً صائباً، واتخاذ القرارات الرشيدة. أو هذا على الأقل ما حدث تحت القصف المركز للدعاية النازية والشيوعية في منتصف القرن المنصرم، وهو أمر لم تسلم منه «الميديا الغربية» بطبيعة الحال.
لكن القدرات الضخمة التي امتلكتها وسائل الإعلام «التقليدية» على مدى عقود طويلة، واستطاعت من خلالها أن تؤطر وعياً مُصطنعاً في بعض الأحيان، ستكون اليوم مجرد بدايات خجولة، إذا ما قورنت بالإبداع الخارق في مجالات الاصطناع والفبركة، الذي نشهده ضمن تجليات وسائط «التواصل الاجتماعي».
ومن واقع تم الجور عليه بسبب الممارسات المُسيئة لأقنية الإعلام «التقليدية»، انتقلنا إلى واقع آخر ترسمه وسائط أكثر نفاذاً وجرأة وشراسة. وسيتنبأ الفيلسوف الفرنسي جان بودريار، قبل عقدين، بما ستؤول إليه حالة الواقع في عالمنا، وسيقول بقدر لافت من المباشرة والوضوح: «في هذا العالم تزداد المعلومات أكثر فأكثر... بينما يصبح المعنى الحقيقي أقل فأقل».
وقد خصص بودريار وقتاً وجهداً كبيرين لتسليط الضوء على أدوار التزييف والتشبيه والمحاكاة في سلب الواقع واقعيته، وبناء سياق مُصطنع بديل، يعيش خلاله الناس مخدرين ومنومين... أسرى لاختلاقات تشبه الحقائق، لكنها أبعد ما تكون عنها.
ويشرح هذا الفيلسوف القادم من حقل علم الاجتماع فكرته في أن «التشبيهات سَتُضْحِي في المجتمع المُعولم أشد مصداقية من الواقع ذاته... ستكون واقعاً فائقاً» (Hyperreality) ؛ واستناداً إلى ذلك الواقع الفائق، الذي هو في حقيقته مفبرك ومصطنع، سيتم تشكيل الوعي والوجدان لقطاعات كبيرة من الجمهور، وهو أمر يجسد كابوساً مكتمل الأركان.
حدث ذلك كثيراً بالضبط وفق الوصف الدقيق لبودريار، وكانت اتجاهات الرأي العام حيال جائحة «كوفيد - 19»، أو الانتخابات الأميركية الرئاسية الأخيرة، أو الحقائق المُتعلقة بالحرب الروسية - الأوكرانية، شاهداً على شيوع الاصطناع، وتعدد الواقع، وانقسام الناس حيالهما.
ومع انبلاج عهد الـ«ميتا فيرس» خطت البشرية خطوة جديدة في طريق تعاملها مع الواقع؛ إذ تم تأصيل الاصطناع، وتطوير أنموذج أعمال دائم ومتطور لتجاوز الواقع، وتحويله من مفهوم «ثابت» إلى مفهوم مُتغير ومُتعدد.
وعبر صناعة متكاملة، تستخدم تقنيات جذابة، ينشأ عالم افتراضي جديد، يقدم تجربة غامرة تصطنع واقعاً كاملاً ركائزه من الخيال، وفي هذا الواقع الجديد سيمكن لأي شخص أن يعيش ويتعامل ويتشارك مع آخرين في واقع غير الواقع.
وسيكون لزاماً على الإعلام والإعلاميين أن يوطدوا أنفسهم للتنقل بين ثلاثة أنماط من الواقع؛ أولها حاصل ومعيش، وثانيها مضطرب ومضروب بالتزييف، وثالثها مُخلق ومُصطنع بالكامل، وهو أمر مُربك وخطير.
نتنياهو يتوعد بتحرير المحتجزين واستئصال حماس
إصابتان بتصادم مركبتين على طريق معان
حماس تمهل زعيم عشيرة معارض للاستسلام
سمية الخشاب: كنت أرفض حلق أحمد سعد
صدور نظام إدارة وتطوير الخدمات الحكومية لسنة 2025
الأوميغا 3 .. مكمل غذائي يعزّز فقدان الوزن
وصول عدد من الأطفال الغزيين إلى الأردن
إصابة أسير فلسطيني بشلل جزئي جراء التعذيب بسجون الاحتلال
ثريدز يطلق الرسائل ويبدأ الانفصال عن إنستغرام
تحطم مروحية أفريقية في مقديشو يودي بثلاثة
171 مليون دينار فائض تجاري لصالح الأردن مع أمريكا
بلدية إربد تُثبت اسم ميدان فضل الدلقموني
كيف تختار اللابتوب المناسب لاحتياجاتك؟
فضيحة طبية تهز جرش .. فيديو وصور
ضبط سائق شاحنة تسبب بتلف 15 كم من الطريق الصحراوي
مدعوون للامتحان التنافسي في مؤسسات حكومية .. أسماء
حرارة تلامس 50 مئوية بسبب قبة حرارية لاهبة .. تفاصيل
توجه حكومي لخفض جمارك السيارات المستوردة
مهم للأردنيين الراغبين بالسفر براً عبر السعودية
تعيين أول سيدة برتبة متصرف في الداخلية .. من هي
محاميان: منع الطلبة من الامتحانات تجاوز أكاديمي خطير
انخفاض جديد على أسعار الذهب محلياً السبت
استئناف النقل البري بين أوروبا والأردن بعد انقطاع دام 14 عامًا
الحكومة ترفع أسعار المحروقات بنوعيه البنزين والديزل .. تفاصيل
مرشحون للتقدم للإختبار التنافسي لإشغال وظيفة معلم
بلدية إربد تدعو لتسديد المسقفات قبل نهاية الشهر الحالي
انسحاب منتخب الأردن يثير غضب الإعلام العبري .. تفاصيل
أستاذ مخضرم ينتقد امتحان الرياضيات: لم يراعِ الفروق الفردية .. فيديو