اللغة العربية والقانون: إرث حضاري وحماية للعدالة

اللغة العربية والقانون: إرث حضاري وحماية للعدالة

17-12-2025 07:43 PM

في اليوم العالمي للغة العربية 18 كانون الاول، نتوقف جميعًا لنحتفي بهذه اللغة العريقة، لغة القرآن والنهضة، لغة الفكر والفلسفة والقانون. فالاحتفاء بها يعكس تقديرنا لإرثنا الثقافي وحضارتنا المتجذرة في التاريخ، ويُذكرنا بالدور الفعّال الذي لعبته اللغة في نقل المعرفة والحضارة عبر القرون. ومن هنا، تتضح أهمية اللغة العربية ليس فقط كتراث ثقافي، بل كوسيلة أساسية لفهم القيم والمبادئ التي تحكم مجتمعاتنا، بما في ذلك القانون.
فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي أداة أساسية لفهم القانون وتطبيقه، فهي التي تضمن دقة النصوص القانونية، ووضوح المعاني، وحماية الحقوق والواجبات. فعندما نعتمد العربية في صياغة القانون، نضمن أن تصل الرسالة القانونية لكل فرد بوضوح ودون لبس. فكل مصطلح قانوني مكتوب بعناية في العربية يحد من الالتباس ويساعد في تفسير القانون بما يحقق العدالة، ويمنع الانحراف أو سوء الفهم الذي قد يؤدي إلى ظلم الأفراد. وبالتالي، تصبح اللغة جسرًا بين النصوص القانونية والعدالة الواقعية التي يعيشها المواطنون.
ومن دون اللغة العربية، قد تضيع مقاصد التشريع وتتشتت العدالة بين الأفراد، لأن الفهم السليم للقوانين يتطلب وضوح التعبير ودقة المعاني، وهو ما توفره اللغة العربية بمفرداتها الغنية وقدرتها على التعبير عن أدق التفاصيل القانونية. وبهذا يظهر جليًا أن اللغة ليست مجرد أداة، بل هي روح القانون نفسه ومرآته.
إن القانون يستمد قوته وشرعيته من اللغة، فكل نص قانوني مكتوب بالعربية يحمل معه القدرة على التعبير عن العدالة والحقوق بطريقة دقيقة ومفهومة. ولذلك فإن أي تلاعب أو إهمال في اللغة يعرض القانون للتشويه ويضعف مصداقيته. فاللغة تجعل النص القانوني مرآة للضمير الأخلاقي للمجتمع، وتعكس قيمه ومبادئه، فهي تربط بين النص والممارسة العملية، وبين الحق والواجب. وهذا الترابط بين اللغة والقيم الأخلاقية يضمن للقانون حضورًا حقيقيًا في حياة الناس اليومية.
فاللغة العربية تمكن القضاة والمحامين والباحثين من صياغة النصوص، وشرح الأحكام، وضمان عدم التلاعب بالمعاني أو الالتباس في تفسير النصوص. ومن هنا تأتي أهمية تعليم العربية القانونية وتأهيل الكوادر القانونية على فهمها وإتقانها. وهذا بدوره يحافظ على استقرار القانون ويقوي ثقة المواطن في النظام القضائي، ويتيح للقضاة اتخاذ قرارات عادلة قائمة على فهم دقيق للنصوص والمقاصد القانونية. وبذلك تتحقق العدالة بشكل عملي ويشعر المواطن بأن حقوقه محفوظة.
كما أن اللغة العربية تتيح وصول العدالة لجميع المواطنين، فهي اللغة التي يفهمها الجميع، وتساعد على نشر الثقافة القانونية، وتعليم الحقوق والواجبات، وتمكين المواطن من الدفاع عن نفسه أمام القضاء. وهذا يجعل القانون قريبًا من الناس، ويجعل المواطن شريكًا في حماية المجتمع والقيم القانونية.
وبذلك تصبح اللغة جسراً يربط بين القانون والمجتمع، ويضمن تحقيق العدالة للجميع، كما تعزز من شفافية المؤسسات وتتيح للمواطنين المشاركة في الحياة القانونية والسياسية بثقة ووعي. فاللغة هنا ليست مجرد أداة، بل عنصر فاعل في بناء مجتمع متماسك ومستنير.
في هذا اليوم، علينا أن ندرك أن التمسك باللغة العربية ودعمها في المجال القانوني ليس مجرد واجب ثقافي، بل هو ضرورة لضمان وضوح النصوص القانونية وحماية الحقوق الإنسانية. فاللغة العربية هي العمود الفقري للنظام القانوني، وغيابها يعني فقدان مرجعية واضحة للعدالة.
فاللغة العربية هي الدرع الذي يحمي القيم القانونية ويضمن عدم غياب العدالة، وهي الوسيلة التي تحفظ الحقوق الأساسية للأفراد والمجتمع على حد سواء. ومن هنا تأتي مسؤوليتنا جميعًا في تعزيز مكانة العربية في التشريع والمحاكم والتعليم القانوني.
فلنحتفل اليوم بلغتنا العربية، ولنُدرك أنها اللغة التي تحفظ القانون، وتحمي الحقوق، وتنير سبيل العدالة لكل أفراد المجتمع. ولنحرص جميعاً على نشرها وتعليمها وتعزيز استخدامها في كل المجالات القانونية والتشريعية، فهي ليست مجرد لغة تواصل، بل أداة فعّالة لبناء مجتمع عادل ومستنير.
لكن مع تأكيد لكل ما ورد أعلاه فإن الأستاذ الدكتور جورج جبور صاحب فكرة يوم اللعة العربية خاطب القمة العربية يوم 15/آذار/ 2006 من جامعة حلب مؤكداً بأن "الحس العربي السليم بل التدقيق العلمي السليم بأن العربية صانها القرآن الكريم وانها وهي الأقدم من الإسلام، إنما كان أبهى أيام كينونتها ذلك اليوم الذي به بدء النزول، هو يوم اختاره الله". ويقصد الدكتور جبور أن يكون يوم اللغة العربية موعده يوم "أُنزلت سورة إقرأ".


هل يعمل الملوك والرؤساء العرب لتحقيق ذلك؟؟؟


أمين عام اتحاد المحامين العرب(سابقا)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد