المسافر السعيد وحراس المستنقعات
ولأنني وافد من بلاد يسعى كل شاب فيها إلى الاستقالة منها، سألت المسافر إن كان يفكر في الإقامة بلندن أو نيويورك، حيث يمكنه مواصلة معركته. جاء الجواب بالنفي. قال إنه سعيد في بلاده ويعتبرها مكاناً محترماً للعيش ويشعر بأنها قادرة على متابعة سياسة الاستقرار والتقدم معاً. استوقفني قوله إن ما يزيد تفاؤله بالمستقبل هو أن الدول المجاورة لبلاده تكافح حالياً من أجل تحسين وضعها الاقتصادي. تحدث عما يجري في ماليزيا لكنه تطرق بإعجاب إلى ما يجري في فيتنام التي طلقت قاموس الماضي والبحث عن المواجهات لتكرس جهودها لاجتذاب السياح والاستثمارات. ولاحظ أن لبلاده الصغيرة مصلحة فعلية في تقدم جيرانها، ذلك أن التقدم الاقتصادي يخفض منسوب العدوانية في سياسة الدول، خصوصاً إذا ذاق سكانها طعم البحبوحة وثمار التقدم.
أدرك الرجل أنني أفضل دور المستمع على دور المتحدث فأفرحه ذلك. قال إن الإرادة تلعب الدور الأول في التقدم. المستقبل يبدأ بقرار. حكى أن سنغافورة دولة تفتقر إلى الموارد الطبيعية على اختلافها وكان شعبها يتلوى على وقع ارتفاع معدلات الفقر والجريمة والحساسيات العرقية التي تتعايش على أرض الجزيرة الصغيرة. وأضاف أن من كان يحكم البلاد فعلياً هو عدوها الأول واسمه الفساد، لافتاً إلى أن الأخير أخطر من السرطان، لأن السرطان يقتل فرداً في حين يستطيع الفساد قتل شعب بكامله. وكان لا بد من أن يقفز إلى الواجهة اسم لي كوان يو، القائد الفعلي للمسيرة التي نقلت سنغافورة من عالم الفشل إلى عالم الريادة. قال إن الأمر احتاج إلى حكومة نزيهة صاحبة رؤية وقادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه. شعرت بنوع من الإحراج. مضى زمن لم أسمع فيه بهذا النوع من المفردات في بلادي. حكومة نزيهة صاحبة رؤية وقادرة على اتخاذ القرار وتنفيذه. تمنيت أن يطلب قائد الطائرة ربط الأحزمة كي لا يذهب جاري السنغافوري بعيداً، ويسألني: لماذا لا يشبه لبنان سنغافورة؟ ولماذا أبحر في الاتجاه المعاكس؟
قال المتحدث إن الرأي العام في بلاده لا يتساهل أبداً حيال الفاسد ولا يتغاضى مطلقاً عن الفاشل. هذه الحقيقة تعطي المواطن شعوراً بأن مصير أولاده موضوع في أيدٍ أمينة تحسن توظيف القدرات، خصوصاً أن التحسن في مستوى التعليم أنتج أجيالاً عصرية وضاعف فرص الإبداع والتكيف مع معطيات العصر. ولاحظ أن التعليم الجيد والعناية الصحية المتقدمة وإتاحة الفرص والمركز المالي والانخراط في التقدم التكنولوجي؛ كلها عناصر تجعل السنغافوري يحلم بأيام أفضل. الاحتفاظ بالأمل ضروري لمتابعة التقدم.
كانت سنغافورة نائمة تحت الفقر والجريمة والمستنقعات. وفي حفنة عقود تحولت قصة نجاح ملهمة. تمكنت الإدارة الخلّاقة من صهر الاختلافات العرقية في بوتقة التقدم الاقتصادي وتحسين مستوى حياة الناس. لم تطالب الحكومة المواطنين بالتنازل عن تراثاتهم، لكنها شجعتهم على عدم تحويلها قنابل تنفجر بأطفالهم. بلاد تصلح للعيش.
سألني المسافر السعيد عن الوضع في بلادي. من حسن الحظ أنه غير منخرط في التفاصيل. خفت أن يسألني كيف يقبل شعب أن يعيش في جمهورية مقطوعة الرأس؟ وكيف يقبل العيش في ظل حكومة تتوكأ على ألف عكاز ولا تستطيع المشي؟ وكيف يقبل العيش في بلاد يستمر حاكم البنك المركزي فيها في ممارسة عمله رغم اتهامات داخلية وخارجية له بالضلوع في الفساد و«تبييض الأموال» مع شبكة واسعة من الشركاء في المنظومة التي صنعت الخراب وتحرس ديمومته؟
شعرت بالحسد. لماذا أرضنا بخيلة ولا تنجب إلا الأفخاخ والألغام؟ لماذا لا تنجب هذه التربة رجلاً يشبه لي كوان يو؟ ولماذا لا تنجب زعيماً واعداً يحظى بصدقية خارج مضارب طائفته؟ ولماذا غابت مفردات الإرادة والنزاهة وحكم القانون، فتم تحويل الأيام مستنقعات، وبيع صخور الجبال، وتعميم الذل على سكان الخريطة، ودفع شبانها إلى الهجرة ولو متعلقين بـ«قوارب الموت»؟
بلاد بخيلة لم تنجب رجلاً يصنع منعطفاً ولم تنجب فكرة تنقذ، بلاد كئيبة تتخبط مع كتيبة الخرائط المتصدعة في الفقر والعصبيات والمتفجرات والمسيّرات. كأننا لم نرث من التاريخ غير هذا الانحدار الرهيب. كأننا أسرى هذه الرغبة السرطانية في الانحدار والانتحار. دم المستقبل يلمع على أنياب الفاسدين والفاشلين.
تمنيت للرفيق السنغافوري النجاح في مؤتمر مكافحة السرطان. مسافر سعيد سيعود إلى بلاده المستقرة. لا يشعر بالحاجة إلى شراء جواز سفر أو استئجار وطن بديل. لا يشعر بالذنب إن أنجب طفلاً. وفي جزيرته أمل وقانون وشرطي ومحكمة وأفكار تنافس وتتقدم. أعجبني أن ينفق رجل شطراً من عمره في هدف نبيل من هذا النوع بدل أن تكتظ ذاكرته بروايات الحروب الأهلية وإبداعات القساة الذين أحالوا الخرائط مستنقعات. ما أقسى الخرائط المتصدعة يديرها حراس المستنقعات وينفق المواطن عمره مصاباً بسرطاناتها. يولد كئيباً ويموت ذليلاً!
وزارة التربية تعلن 706 مخالفات وعقوبات في التوجيهي
أسعار الخضار والفواكة في السوق المركزي .. السبت
هجوم على كنيس يهودي في أستراليا
رصد جسم غامض يثير الجدل: هل يمر عبر نظامنا الشمسي زائر ذكي
راكب هندي يثير الذعر على متن طائرة أمريكية بمحاولة خنق راكب آخر
ارتفاع أسعار الذهب 30 قرشا في الأردن السبت
تحذير أمريكي خطير: بيض ملوث بالسالمونيلا يهدد الصحة العامة
لجنتان لدى الاحتلال تحددان أولويات الإفراج عن المحتجزين في غزة
ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن الأسبوع المقبل
الحالة الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة السبت
لماذا هذا التشظي العربي تجاه سورية
رسالة مفتوحة الى دولة رئيس الوزراء
المدرج الروماني يحتضن حفلاً احتفاءً بالأعياد الوطنية
مدعوون للامتحان التنافسي في مؤسسات حكومية .. أسماء
مهم للأردنيين الراغبين بالسفر براً عبر السعودية
مطالبون بتسديد أموال مترتبة عليهم لخزينة الدولة .. أسماء
مرشحون للتقدم للإختبار التنافسي لإشغال وظيفة معلم
حبس وغرامة تصل لـ 500 دينار لمرتكب هذه المخالفة
تعيين أول سيدة برتبة متصرف في الداخلية .. من هي
محاميان: منع الطلبة من الامتحانات تجاوز أكاديمي خطير
الحكومة ترفع أسعار المحروقات بنوعيه البنزين والديزل .. تفاصيل
استئناف النقل البري بين أوروبا والأردن بعد انقطاع دام 14 عامًا
انسحاب منتخب الأردن يثير غضب الإعلام العبري .. تفاصيل
المفرق: بوابة الأردن الشرقية ومطار المستقبل
الأشغال تدعو مرشحين للإمتحان التنافسي .. تفاصيل
غدًا .. تشغيل خطي نقل عمّان إربد وجرش رسمياً