درنة الجميلة أخذها البحر
سجلُ الأحزان الليبية قديمٌ، وكبيرُ الحجم، وثقيلُ الوزن، وازداد حجماً وثقلاً خلال نصف القرن الأخير، خصوصاً في السنوات التي أعقبت سقوط النظام العسكري. وحالياً أضيفت إليه صفحات أخرى، سُجلت تحت اسم كارثة الإعصار «دانيال». إعصار باسم نبيّ وفعلِ شيطان. الكثير من المدن الليبية في الشرق، تعرضت فعلياً للغرق، بفعل السيول المتدفقة من مياه الأمطار. ومواقع التواصل الاجتماعي الليبية تحولت إلى سرادق عزاء كبير، يجعل المرء لا يصدق حجم الكارثة التي حاقت بمدن وبلدات وقرى الشرق الليبي. أسماء الوفيات والمفقودين بدأت في الظهور في قوائم بالعشرات، ثم سريعاً بالمئات. في بلدة اسمها مرتوبة، دفن الأهالي 300 ضحية في مقبرة جماعية في وقت واحد.
السيولُ جرفت الطرق والمنازل والمزارع والبشر والحيوان والجسور والسدود وأعمدة الكهرباء، وقطعت وسائل الاتصالات. في مدينة درنة الجميلة حاضرة البحر اختفت أحياء كاملة وجرفت أهلها في البحر. دمار غير مسبوق، وكارثة أخرى حاقت بشعب يعيش في بلد مقسوم سياسياً، ومنهوب من كل الجهات، ومتجاهَل. وزاد الأمر سوءاً أن الليبيين لا عهد ولا معرفة ولا خبرة لهم بالأعاصير وأفعالها وكيفية الاستعداد لها. وأذكر أن أسوأ ما حاق بليبيا سابقاً من كوارث الطبيعة، كان هزة أرضية حدثت في مدينة المرج، في أوائل الستينات من القرن الماضي. وما أحدثته من خسائر في الأرواح والممتلكات، لا وجه للمقارنة له بما أحدثه الإعصار. ومع ذلك ما زال كبار السن يتذكرونها ويترحمون على ضحاياها. الأمر الآخر هو أن البنية التحتية لمدن الشرق الليبي خصوصاً، والمدن الليبية عموماً، هشَّة ومتداعية، نتيجة الإهمال منذ عشرات السنين. وزاد الطين بلّة أن الدول المتورطة في الأزمة الليبية منذ فبراير (شباط) 2011 ظلت طوال السنين الماضية، تزوِّد حلفاءها المحليين من الجماعات المسلحة في كلِّ ليبيا بالدعم المالي والعسكري والسياسي، في سبيل الحفاظ على نفوذها ومصالحها، وحين هبَّ الإعصار دانيال أدارت له ظهرها، واكتفت بالصمت، كأن الأمر لا يعنيها، وهو فعلياً لا يعنيها، لأن الضحايا ليسوا مواطنيها ولا تربطها بهم صلة. لذلك، لم تُبدِ اهتماماً بالكارثة، وتركت أمرها لليبيين!
وبالفعل، وجد الليبيون في كل مناطق البلاد أنفسهم وجهاً لوجه مع الكارثة. وأدركوا أنْ ليس لهم إلا أنفسهم. وتبيَّن جلياً حقيقة أن «ما يحس النار إلا اللي عافس فيها». وأنه ليس أمامهم سوى تناسي أحقادهم وخصوماتهم، والمسارعة بتقديم الدعم والعون والإغاثة. الإعصار «دانيال»، رغماً عن كل شيء، كان نداءَ إيقاظ وتنبيه، والنائبة التي عرف فيها الليبيون عدوَّهم من صديقهم.
فداحة الأضرار المادية والعمرانية وفي البنى التحتية التي أحدثها الإعصار «دانيال» لم يتم حصرها بعد رسمياً. لكنّ الإحصاءات الأولية المبدئية تؤكد أن الخسائر في الأرواح والممتلكات غير مسبوقة. وهي أيضاً لن تكون مفاجأة لأحد، لأن البلدات والمدن والمناطق التي وقعت ضحيةً لها عانت بنيتُها التحتية عقوداً طويلة من الإهمال والتجاهل، وبخاصة في فترة الحكم العسكري. وكان ذلك الإهمال متعمَّداً بقصد إنزال عقوبة بها، بسبب تحولها إلى مدن ومناطق معارضة، وبيئات اجتماعية وفَّرت ملجأ آمناً للمتطرفين الإسلامويين.
من ناحية أخرى، وكما يقول المثل: «رب ضارة نافعة»، تمكَّن الإعصار «دانيال» من إحياء مشاعر الأخوة والتضامن بين الليبيين، في مختلف المدن والمناطق، وبشكل ملحوظ. وتطوع المئات من الشباب من مختلف مدن ومناطق ليبيا لنجدة إخوانهم في الشرق على وجه السرعة وبوسائلهم الخاصة، وقاموا بتسيير قوافل الإغاثةوفتحوا بيوتهم وقلوبهم أمام إخوانهم معلنين استعدادهم لاستقبال الأسر المتضررة، وتقديم الدعم والمساعدة. وبدأ الليبيون في المهاجر في تجميع التبرعات بهدف مساعدة المتضررين. تلك المشاعر الأخوية الإنسانية التضامنية تكاد تكون تلاشت خلال السنوات الماضية.
ومن دون شك، ومن سابق تجربة وخبرة، فإن الكثيرين من الليبيين سيبدأون في توثيق أحداثهم الحياتية بقدوم الإعصار دانيال، كما فعل أجدادهم من قبل، حين لجأوا إلى ما مر بهم من كوارث في التوثيق لميلاد أبنائهم، أو زواجهم... إلخ من الأحداث. أسماء كثيرة تَرد في البال كنا نسمع بها صغاراً ولم نعشها، وعرفناها فيما بعد: عام الطليان، عام الوادي، عام الإنجليز، عام الشر، عام الزلزل، عام الزينقو، عام الثلج. من الآن وصاعداً سيدخل الإعصار «دانيال» الذاكرة الجمعية الليبية، وسيسمى عام 2023 «عام الإعصار دانيال».
الصحة العالمية: المساعدات الطبية لقطاع غزة غير كافية
مدير عام البحوث الزراعية يزور مختبر فحص زيت الزيتون
زراعة المفرق تنفذ مشروع تشجير طريق جابر الدولي
روسيا تخفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية
ساحات المعاصر في موسم الزيتون تنبض بالحياة
الزرقاء الحرة تشهد طفرة تخليص مركبات محلية
النواب يستعدون لدورة تشريعية حافلة
البرلمان العربي يؤكد دعمه للأونروا
عشرات آلاف يصلون الجمعة في الأقصى
حماس تتهم الاحتلال بخرق الاتفاق واستغلال ملف المساعدات
ورشة حول أهمية العمل التطوعي بالمفرق
فادية خرفان تحرز البرونزية ببطولة العالم للتايكواندو
اتحاد المزارعين يعلن الحد الأعلى لسعر تنكة الزيت
إحالة موظف في أمانة عمان للمدعي العام .. تفاصيل
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلية
فتح باب التجنيد في الأمن العام .. تفاصيل
وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات .. أسماء
الحكومة تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي .. تفاصيل
50 موقوفًا على ذمة مشاجرة الجامعة الأردنية .. تطورات
ما هي الألوان التي تناسب بشرتي
دمج العمل والسفر: نصائح للإنتاجية والاكتشاف
إغلاق مصنع صحون مخالف يهدد سلامة الغذاء
مجلس الوزراء يوحد مدد رخص القيادة إلى 10 سنوات
4 علامات تحذيرية تسبق النوبة القلبية
