العالم العربيّ المنكوب

mainThumb

14-09-2023 01:16 AM

مسكينٌ هو المواطنُ العربيّ الذي يعيشُ في الدّول العربيّة مترامية الأطراف، وتشهد بعضُها حروبًا أهليّة طاحنة، لم تُبْقِ فيها حجرًا على حجر، وبعضها ترزحُ تحتَ مِطْحنة الفقرِ والبؤس وتراجع المستويات المعيشيّة إلى أرقام قياسية، إضافة إلى ارتفاع مستويات البطالة بشكلٍ مرعب؛ ما "يُبخّرُ" أحلام الشّباب في بناء مستقبل مشرق.

العالمُ العربيّ، الذي ما زال يعيشُ نتائجَ الربيع العربيّ الكارثية، وتلك الثورات التي انحرفت عن مسارها، واستُغِلّت خارجيًا بصورة بشعة فانعكست على تدمير الأوطان وإثارة الحروبِ التي ما زالت مستعرةً ومشتعلة حتّى اللحظة.
للأسف، تلك الحروبُ التي نشهدُها اليوم، تدارُ بيدِ وعقولِ أبناء هذا الوطن العربيّ، وهذا زادَ المنطقة جراحًا وانهيارًا وتراجعًا على المستويات كافّة، إذْ خلَّفتْ وراءَها حطامًا ماديًا ونفسيًا لمستقبل المواطن العربيّ المظلوم.
في خضّم هذا الواقع المرير، أصبحت المنطقة العربية مع التغيّر المناخي العالمي، في وسط العواصف والأعاصير الكارثية إلى الزلازل المدمرة. فاليوم، المنطقة العربية تتعرض، لعاصفة دانيال التي تركت آثارها المدمرة على ليبيا، التي تعيش واقعًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا في الحضيض، لتزيد هذا الواقع بؤسًا وحزنًا، مخلفة وراءها أكثر من 5 آلاف قتيل و10 آلاف مفقود.. والأرقام الكارثية تتعمّق سواء على صعيد الإنسان أو البنيان.
ليبيا، اليوم تمرّ في كارثة طبيعة عاجزة بكل وضوحٍ عن إدارتها، والتعامل معها، بسبب الانقسام الحاصل بين شرقها وغربها، وكل حكومة فيها تتسابق في إعطاء أرقام متناقضةٍ ومتضاربةٍ، إلا أنّ حجم الكارثة كبير، ويعكس الواقع المرير في العالم العربيّ المنكوب.
في حين، أنّه في المغرب، والذي يتمتع باستقرار سياسيّ منذ مئاتِ السنين، يتعامل مع هول الكارثة، بجهود محلية، وتسابق أبناؤه.. لإغاثة الضحايا المنكوبين في الجبال، وبدأت تتقاطر شاحنات المساعدات من مدن المغرب كافّة، إلا أنّ الإمكانات في التعامل مع هول الكارثة تبقى متواضعة، فما وقع أكبر من قدرات الدّولة.
نحتاج اليوم، في عالمنا العربي، إلى استراتيجياتٍ بنّاءة، وجهود كبيرة من الدول العربية المستقرّة والغنية، لإعادة الاستقرار، ووقف الحروب في المناطق الملتهبة، وإعادة البناء، والاستثمار في الإنسان، وبناء الأوطان، ومن ثم تأسيس مؤسسة أو منظمة عربية مشتركة مهمتها التدخل في مواجهة الكوارث بكلّ احترافيّة، وتزويدها بالمعدات المتطورة جدًا، بالإضافة إلى تدريب الكوادر البشرية على آخر التطورات التقنية في عمليّة الإنقاذ والإسعاف في الكوارث الكبيرة؛ لأنّ العالم العربيّ مقبل، وفق خبراء، على كوارث طبيعية كبرى، من أعاصير، وزلازل، ويجبُ البدء بالتحرك جماعيًا لوضع الاستراتيجيات الملائمة لمواجهتها، على الفور.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد