الأستاذ بدون "مزدوجين"

mainThumb

26-09-2023 11:35 PM

ارتبط اسم محمد حسنين هيكل بـ«الأهرام» أكثر بكثير من اسميّ مؤسسيها سليم وبشارة تقلا. وارتبط اسمه باسم جمال عبد الناصر أكثر من أي سياسي، أو صحافي قريب منه، ولما غاب عبد الناصر وجرّد من «الأهرام»، قال الناس إن هيكل انتهى في الصحافة وفي السياسة.

لكن هيكل أو «الأستاذ»، كان قد استعد للحدثين باختراع هيكل جديد. هيكل يغرف من ذكرياته مع عبد الناصر، ويحولها إلى حكايات تسهر عليها الأمة، كما تسهر على ترديدات أم كلثوم. والأرجح أنه كان في داخله قد قسم مصر إلى قسمين: قسم يطرب لما يسمع، وقسم يطرب لما يقرأ.

لم يكن يملك صحيفة، أو داراً، أو منصباً، لكنه أتقن إتقاناً هائلاً فن البقاء في الضوء حتى اللحظة الأخيرة. تشرشل، كان يقول المهم أن تعرف البقاء في الضوء. ليس مهماً كيف، وهيكل قرأ دون شك، الكثير في تلك المدرسة: هو، كصحافي، مراسلاً أو كاتباً، الأعلى أجراً. وهو صاحب السيجار الكوبي الضخم في مهنة المعاشات المتواضعة. وهو الأكثر أناقة في صحافة تُكتب عن هندامها المسرحيات المضحكة: مخصوم منك يومين!

كان حليفاً تاماً وعدواً كاملاً. لم يكن في حاجة إطلاقاً لأن ينتظر وفاة الرئيس حسني مبارك كي يثأر منه في كتاب لم يلق أي اهتمام. لكن الناس تفهمت القنابل اليدوية التي رشق بها أنور السادات، فالأخير أبعده. ثم حشره في السجن مثلما حشر مئات السياسيين والصحافيين. وكثير من أكابرهم ظلوا في السجن حتى لحظة اغتيال السادات على منصة 6 أكتوبر، فأعلن مبارك العفو عنهم.

تحل مئوية هيكل وقد تغيرت صناعة الصحافة. ولم يعد البقاء في الضوء سباقاً مع الذات ومع الآخرين. ولا عادت الأسماء ثريات تقتصر على مصر: محمد التابعي، والعقاد، ومصطفى وعلي أمين، والشناويين، والأباظيين، ومواكب مواكب.

كان الأستاذ هيكل ظاهرة صحافية أكثر منه مدرسة. وفي تلك المدرسة، كان هو أنجب تلامذتها: حدِّ بلا حدود، وعمل بلا نهاية، وثقافة ذاتية تحول الأزمنة إلى كبسولات يفرغها ساعة يشاء. اختلفنا معه على أشياء كثيرة، ولكن دون أن ننسى دوماً، أنه الأستاذ بدون مزدوجين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

العيسوي يلتقي مجلس إدارة الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين

الأمن العام يخصص رقماً للابلاغ عن مخالفات المواكب واطلاق العيارات النارية

بوتين وترمب يبحثان فرص التسوية وحل النزاع مع أوكرانيا

التعاون الإسلامي تصدر بيانا بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية

نقابة المهندسين تنظّم لقاءً تعريفيًا حول البرنامج الوطني للتشغيل

قافلة النزاهة تزور صندوق تسليف النفقة

فريق طبي بمستشفى الجامعة يزرع صمامًا رئويًا بالقسطرة

علماء أستراليون يكتشفون بروتينات قد تغير أساليب علاج السرطان

حماس تقترب من الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار

العودات : الشباب في قلب التحديث السياسي ومحور القرار الوطني

ارتفاع اشتراكات الإنترنت المتنقل في الأردن 2025

عقوبات أمريكية جديدة تطال مسؤولي القرض الحسن لدعمهم حزب الله

التسعيرة المسائية للذهب في الأردن .. تفاصيل

غارة إسرائيلية تستهدف سيارة قرب بيروت .. فيديو

هل يجوز صيام عاشوراء إذا صادف السبت .. الإفتاء تجيب