ليسَ وقتًا للهزيمة .. لكنّه «اعترافٌ بالعار»
لا أعرفُ إنْ ظلّ أحدٌ لم يهرس "الشّعور بالهزيمة" عظامَه، لا أعرفُ إنْ كانَ أحدٌ نجا من موتِ شيءٍ داخله منذُ مساء الثّلاثاء، أو نجا من أن يُصبِح حجرًا حرفيًا. ليسَ مناسبًا هذا الوقتُ للهزيمة.. ولا للشّعر، لكنّه شعور بالعار نحملُه كلّنا..، إنّني الآن أفهم ما هو العار وما هي الهزيمة التي أدّت بخليل حاوي إلى (النّجاة التّامة) عندما دخل جيش الاحتلال بيروت عام 1982، أفهمُ شعورَه "أنّه يحمل كلّ هذا العار وحده" أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
ليسَ وقتًا للهزيمة.. ليسَ وقتًا للشّعر.. لكنْ ماذا يحسّ الجالسونَ تحت الطائرات تمامًا؟، ماذا يفعلُ الشّاكُ بوجود دقيقةٍ قادمة؟، ماذا يفعلُ الماشي من موتٍ مقسَّم إلى موتٍ تام؟.. ماذا يفعلُ الحاملُ أطفاله متفحّمين من تحت الرّدم؟ أو الذي يلملم أشلاءهم من الطّرق؟ كم شخصًا سيخرجُ من الحرب ليسَ بلا عائلة أو بلا يدٍ أو قدم فقط.. بل أيضًا بلا قلب.. بلا منطِق.. بلا قدرة على استيعاب ما يجري وجرى.. بلا قدرة أيضًا على النّظر إلينا. نحنُ "الآمنون المهزومونَ" نكادُ نجنُّ.. نكادُ نفقد عقولنا.. نحنُ الذين ننظر في عينِ دمهم عبر الشّاشات تحجّرنا.. نحنُ فقدنا يقيننا بنا.. وبكلّ شيء.. نفقدُ شبه اتّزاننا.. كنتُ أخجل حتّى يصل خجلي السّماء.. وأردد: "الخجل عاطفة ثوريّة"، وأبكي.. الآن.. لا ينفعُ الخجل ولا البكاء ولا الصراخ المكتوب المكتوم السّخيف... إنّ صوتي يختنق في فمي.
إنّ صوتي يختنقُ.. فأعيدُ مشاهدة مشاهد اليقين القادِمة من غزّة.. إنّ غزّة لا تغسُل عارنا.. وتحملُ همّنا.. وتعطي دمها وحدها (فداءً) لدمِنا وصمتنا وتخاذُلنا فحسب، بل إنّها تكملُ "رسالتها فينَا" حينَ تعطينا هي القوّة، تعطينا آيات في اليقينِ المطلق.. في الثّبات.. والثّقة.. والحقّ..: "تعيطش".. "فدا الوطن".. "رائحة المسك".. وطفل يلقّن أخاه الشّهادتين، ومشاهد من التّجاسُر فوقَ قدرةِ البشريّ.. فوقَ قدرة البشر يا الله، وإنّ لديهم يقينًا يفوق الوصف. إنّنا نحمّلها أكثر من طاقتها.. وهي تقول "وسوى الرّوم خلفَ ظهركَ رومٌ".. إنّنا نأخذُ حتّى "التّصبّر" و"النّصر" منها.. ولا نرى إلّا بمقدارَ ما تتسعُ له الكاميرا فقط. هذا ليسَ وقتًا للهزيمة.. ليسَ وقتًا للشّعر.. لكنّه اعتراف بالعارِ الذي أحسّ به.. منّي ومِنّا ومن كل مَن لم يحسّ بالعار يحرقُ قلبه.
"اقتلوه.. إنّنا نحملُ دمه في رقْبتنا".. قالَت الجموعُ، مجازًا، يومَ إعدام الحلّاج على لسان صلاح عبد الصّبور، اليومَ.. لا أحدَ يقول "إنّ دمهم في رقبتنا" حتّى، إنّ غزّة تموتُ على البثِّ المباشِر، إنّ مشاهدَ المخيّمات وخيام اللاجئينَ تدمي وجوهنا. وإنّ الضفّة الغربيّة تقطّع أوصالها المقطّعة أصلًا، فما بينَ مشاهد تجعلنا ندفنُ رأسنا في التّراب، وما بينَ مشاهدِ عزّة لمقاومين ينقصهم كلُّ عَتادٍ إلّا الإيمان بفلسطينَ الكاملة، وما بينَ عدوانٍ مستمرٍّ للاحتلال، واعتقالاتٍ وصلت نحوَ 5000 معتقلٍ منذُ السّابع من أكتوبر الجاري. إنّ العالم أزالَ اللثامَ عن وجهِهِ، وتعرّى أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى، ولم يَعُد يكلّف نفسه بالكذب بشكلٍ مقنعٍ حتّى. نحنُ الآنَ نصبحُ أرقامًا.. وأقتبس من إبراهيم جابر إبراهيم: "أنتَ الآنَ رقمٌ في سجلات اللاجئين، وفي نشراتِ الأخبار، وفي اجتماعات اللِّجان ومساعي الوفود، وفي قصائد الشعراء الذين يستفيدون من قتلى المعارك أكثر مما يستفيد عُمّال المقابر".
ليسَ وقتًا للهزيمة.. ليسَ وقتًا للشّعر. لكنه اعترافٌ بالعار. وأبدأ بنفسي.
* كاتب فلسطيني
دبي 2026: أفضل أماكن وحفلات رأس السنة بين الفخامة والمغامرة
موسى التعمري يتألق في كأس فرنسا ويقود رين لانتصار بثلاثية
خفض ضريبة السجائر الإلكترونية يضاعف أعداد المدخنين .. تفاصيل
الحكومة النيجيرية تعلن تحرير 130 تلميذا مختطفا
ضربة بطائرة مسيّرة تقتل 10 أشخاص في السودان
المغرب يهزم جزر القمر 2-0 في افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025
سمر نصار: مشروع جمال سلامي ممتد لتطوير كرة القدم الأردنية نحو كأس العالم 2026
المفوضية السامية: عودة مليون لاجئ سوري إضافي عام 2026
الجيش اللبناني يعثر على جهاز تجسس إسرائيلي في يارون
الأردن والسعودية يبحثان جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة
49 محاميا يؤدون اليمين القانونية أمام وزير العدل
الفيصلي يتجاوز الجليل في دوري سي إف آي الممتاز
صدور القانون المعدل لقانون الجريدة الرسمية
غارتان إسرائيلية على ياطر في جنوب لبنان تسقط شهيدا وتصيب آخر
مدعوون للتعيين وفاقدون لوظائفهم في الحكومة .. أسماء
ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
عندما تصبح الشهادة المزورة بوابة للجامعة
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية