أيتها الوردة .. أيها الغضب

mainThumb

15-11-2023 01:56 AM

السادسة والنصف صباحاً، أمشي في شارع بطن الهوى برام الله الفارغة من السيارات والناس. هو أمامي الآن، شاب لا أعرفه، لكنني استنتجت من لهجته «التي أحبها» أنه من غزة، كان يتحدث (بالموبايل) غاضباً مع شخص ما: «قلتلك مليون مرة يا راجل ما تحكي معي بهاي الطريقة. سيبك من الفلسفة وبدي هلقيت أعرف ليش حكيت عني هيك. الله يلعن أبو اللي جابك.. تفقعش قلبي. ما تدخلش بيني وبيناتهم».

كان صوته عالياً وهادراً، وكنت وراءه أحاول أن أتفادى تساقط حجارة غضبه فوق رأسي، ظل يمشي أمامي يهدد ويتوعد، رأيت الناس يطلون من النوافذ مستغربين خائفين.
نهاية الشارع، اختفى الغزاوي الغاضب، تمنيت له في سري هدوءاً وراحة بال، وواصلت طريقي إلى الأمام.
في طريق العودة بعد نصف ساعة إلى دوار المنارة، صاعداً من طريق بيتونيا، لمحته من بعيد يمشي قادماً تجاهي.. كان هادئاً، مبتسماً ابتسامة عريضة يحمل باقة ورد ضخمة في يده، وفي اليد الأُخرى يتحدث (بالموبايل) مع شخص ما: «حببيتي انتِ، ولا يهمك، بس خليني في بالك راح أضل أسعد إنسان في العالم. ما دام انت موجودة في أيامي أنا راح اضل في مأمن من الأذى.
تجاوزني الشاب الغزاوي المبتسم دون أن يراني أو يحسّ بي.
ظللت أراقبه من بعيد، يتحدث ويضحك بصوت عالٍ ويتمايل منتشياً، وكنت سعيداً بتساقط بتلات ورداته فوق قلبي، رأيت أناساً يطلون من النوافذ مستغربين ضحكاً صباحياً مبكراً.
في منتصف الطريق الخالي من السيارات والناس، أنزل موبايله، ووضعه في جيبه وشرع بالرقص.
هدأت العاصفة وصارت ابتسامات وضحكاً ورقصاً.
عدت إلى البيت وأنا أغني هذه العبارة: آه أيتها المدينة التي هناك، أيتها الوردة.. أيها الغضب.

 

 

(الأيام الفلسطينية)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد