غزة تُباد بأيد صهيونية .. والسودان يُقتله أبناؤه

mainThumb

19-12-2023 12:32 AM

ربّما خطفت الحرب الهمجيّة التي تقودها وتنفِّذها «إسرائيل» على قطاع غزة، الأضواءَ عن ملفاتٍ عربيّة في غاية الأهمية، لا سيّما الحرب الأهليّة السودانية التي اشتدّت ضراوتها هذه الأيام، دون أن يلتفتَ إليها أحد، وغابت عن شاشاتِ الفضائيات التي غرقت بمشاهد دماء الشعبِ الفلسطيني.

جاء تفاعل العالم أجمع مع العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ لبشاعته ومخالفته الكبرى للفطرة التي بُني عليها الإنسان، وما تضمّنه ويتضمّنه من جرائم موثقة عالمياً، وبشكل مباشر استهدفت حياة آلافِ الأطفال والنساء، ودمرت المستشفيات والمدارس والمباني المدنية على رؤوس ساكنيها، في تطهير عرقي بشع ومستمر منذ أكثر من ثلاثة وسبعينَ يومًا، عجزَ العالمُ كلّه عن وقفه، وصلت حصيلة ضحاياهُ إلى أكثر من 18 ألف شهيد وخمسين ألف جريح، ونزوح 90 بالمئة من سكان القطاع، أي حوالي مليون و900 ألف مواطن، باتوا الآن بلا مأوى.

أميركا تشارك في المعركة في قطاع غزة، من خلال الخبراء والجنود والسلاح الفتاك المتطوّر، وتشارك في اجتماعات الحرب الصهونيّة، دون أن يعنيها غضبُ العالم، أو يمسّ «سُمعتها» (الملطخة أصلًا في العراق وأفغانستان وفيتنام) إزاءَ ملفات حقوق الانسان، التي رَمَتها تحت قدميها، وأكملت مسيرة الإبادة، وفي المقابل أيضًا، وفي ذاتِ الوقت تُدير المعاركَ التي تشتد ضراوتها هذه الأيام في السودان، والتي أفقدت أكثر من 12 ألف سوداني حياتهم، وأجبرت أكثر من 12 مليون مواطنٍ سودانيٍّ على النّزوح سواء داخل بلادهم أو خارجها.

الحرب العبثية، التي تدور في السودان الآن وبأيدي أبنائِها من المؤسّسة العسكرية، للأسفِ تدمي القلب، ولا تسرُّ صديقًا، وتشير المعلومات الواردة من هناك، أنّ قوات الدعم السريع تكاد أن تسيطر على مدينة ود مدني التي أوى إليها الكثير من السودانيين على اعتبارِ أنّها آمنة، وتدور معاركُ ضارية هناك مع قوات الجيش السودانيِّ للسيطرة على المدنية الاستراتيجية، في حين تضغطُ واشنطن على قوات الدعم السريع بعدمِ اجتياح المدينة والتوقف، وهو ما اعتبره الكثيرون سعيًا من أميركا إلى المحافظةِ على توازنِ القوى بين طرفي النزاع؛ لإطالةِ أمده دونَ حسمه، وإبقاء السودان في غياهب العنف والدمار والنزوح لأطولِ فترة ممكنة، ولإخراجه من أي عملية تقدم أو تطور، وصولاً إلى تقسيمِه مرّة أخرى، وهذه المرّة يبدو أن التقسيم سيكونُ إلى دُويلاتٍ صغيرة.. ومتناحرة.

إنّنا نغضب ونعتصر ألماً لما يجري من حربِ الإبادة في قطاع غزة، ونصلي في كل جمعة صلاة الغائب على أرواح الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ والمجاهدين، وندعو بالنصر للشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال البغيض، ونستغرب في ذاتِ الوقت من جنونِ السُّلطة الذي يُسيطر على جنرالاتِ السودان، الذينَ دمّروا البلادَ بأيديهم، ونصلي صلاةَ الغائب في أنفسنا على المدنيين الضحايا، ونتمنى أن لا نُصليها على السودان كله... ونتمنى أن لا نبكي البلاد العربيّة واحدة تلوَ الأخرى.. كما بكينا.. ونبكي الأندلس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد