ان غداً لناظره قريب

mainThumb

06-01-2024 08:02 AM

كنت قد اضربت مكرها عن الكتابة بشأن المجزرة التي تحدث في فلسطين، اكرهت بفعل المشاهد الفظيعة والعمى الذي يعم العالم، أصابني الإحباط كما الكثيرين، انتابني اليأس والإحباط وبت مؤمنا بأن الكارثة التي يقف ورائها الغرب بزعامة الولايات المجرمة والصمت العربي والإسلامي المشين تحتاج الى معجزة سماوية لوقفها.
اعترف انني قد هزمت نفسيا وأصاب روحي ما أصاب اهل غزة من قتل وجراح ودمار، ولكنني إزاء الصمود الأسطوري الذي شاهدته وسمعته ممن تبقى على قيد الحياة في غزة وعموم فلسطين المحتلة، أنعش روحي مجددا وحرك قلمي المضرب، خاصة بعد تصريح المختل جون كيربي ليلة أمس فقد أوحى لي بفك الاضراب وأعاد لي الثقة بأن الشعب الذي خذلته كل الدنيا قد انتصر.
قد يرى البعض أن تصريحات هذا الصفيق متناقضة، ولكن من يقرأ بين سطورها سيعي مقدار الهزيمة التي مني بها هو والعصابة التي يدعمها ومن يقف ورائهم في صف الظلم و التآمر، تسعون يوما تحالف خلالها نصف العالم وتخاذل النصف الاخر ولم تسقط غزة ، شنت عليها "حرب عالمية" مع كل ما يحمله التعبير من الم وحزن وفقد ودمار ، ولازالت صامدة وليس الصمود الذي أعنيه صمود من لا خيار له ، فقد راهن نصف العالم المتآمر على ان خيارات الهزيمة كثيرة وعلى الغزيين اختيار أحدها ، فتوقعوا ان حجم الاجرام الذي مورس ويمارس سيدفع المواطنين الى الانقلاب على المقاومة ولكن فاجأهم هذا الشعب بالتمسك بالمقاومة حتى النخاع كخيار لا رجعة عنه ،فتحولت انظار المتآمرين الى التهجير خارج حدود الوطن ولكن تبين لهم بأن غزة أكبر في قلوبهم من الموت وفقد الأبناء والتجويع و الإرهاب وان خيار الموت على ترابها أهون كثيرا من خيار الهجرة . فتحولوا الى الرهان على خيار الاكتفاء بقتل أكبر عدد ممكن مع قضم شمال القطاع وقص شريط "أمنى " على طول حدوده ولكن بسالة المقاومة التي لم يتوقعوها هي ما دفعهم للبحث عن أي حل يخرجون به من غزة ولو على حساب ماء وجههم الذي تمرغ برمال غزة.
يبحث النصف المتآمر الان عن أي بند يخرج تحته هو من غزة وليس العكس، هذا ما قرأته في تصريحات إدارة الكذب والتضليل العالمي على لسان الوقح كيربي، الذي ناقضت كل كلمة قالها الكلمة التي تلتها ولم يعرف من أين يبدأ ولا كيف ينتهي، بقي طوال "المؤتمر الصحفي " يلوح بيديه محاولا إخفاء ملامح الهزيمة على وجهه القبيح ،اظنه وعلى الوقاحة المعروفة عنه وعلى كل الكذب الذي اعتاد عليه لم يتمكن من إخفاء الإخفاقات المتتالية التي أصابتهم.
فقد أكد على ما يسميه "حق" العصابة المجرمة من "الدفاع" عن نفسها ، وأشاد "بانتصاراتها" التي لم يستطع ان يذكر أي منها واكتفى بالقول ((أن الجيش الإسرائيلي تمكّن من تحييد عدد كبير من قادة حماس وعناصرها وبناها التحتية وهو الأمر الذي كان له تأثير على قدرة الحركة على القيادة والسيطرة ))وأكد في الوقت نفسه بأن المقاومة لم تهزم ولن تهزم وانه يجب القبول بأن الايدلوجيا يقصد أيدلوجيا المقاومة الشرعية" وان كان لا يستطيع قول ذلك لا يمكن ان تهزم فقال :((لا يمكن للعمليات العسكرية القضاء على الأيديولوجيات، مؤكدا أنه ليس من المحتمل أن تتخلص إسرائيل من كل مقاتلي حماس)) واستدرك قائلا ((هل سيتمّ القضاء على عقيدتها؟ كلا. وهل هناك احتمال بالقضاء على المجموعة؟ على الأرجح كلا.))
انه يمهد الطريق ويفتح الباب لعصابة الاحتلال لتعلن انتصارا وهميا قبل ان تهرب من غزة وقد أكد ذلك محاولة ادارته وعصابتهم المجرمة من فتح جبهات جديدة تحول الأنظار عما جرى في غزة ويفتح الباب لعصابة الاحتلال لتهرب متحججة بالجبهات الجديدة التي لا بد من الالتفات اليها خاصة انه قد اعلن الموقف النهائي بهزيمة العصابة المجرمة وهزيمة تحالفهم الإرهابي المجرم حين قال : ((على الأرجح كلا.))
ان اغتيال الشيخ المجاهد صالح والتلويح بضرب الحوثيين و التفجيرات في ايران واشعال الوضع المشتعل أصلا في العراق ، وقبل ذلك كله الاجرام الذي يمارس في الضفة الغربية ليس لكل ذلك ما يبرره الا محاولة للفت الأنظار واقامه ساتر مشتعل تهرب على اثره العصابة المجرمة مهزومة من غزة ،
ان الولايات المجرمة تفعل ما وصفة نزار قباني مرة عندما قال أحرقت روما لتشعل سيجارة ، فهم اليوم يؤججون النار في كل المنطقة ليصنعوا ساترا دخانيا يجعل العصابة قادرة على الهروب ، فكل اخفاقاتها في غزة وعدم قدرتها على تحقيق ربع هدف يجبرها على ذلك ولكن العصابة اليوم لا تستطيع الهروب دون ساتر يغطي هزيمتها واجرامها و غير قادرة على التقدم في ظل وجود أسود المقاومة وشعب فلسطين الذي خبأها في عيونه وليس في أنفاق غزة ،وفي نفس الوقت سيستمر المقاومون الابطال باصطياد ثعابينها وسيزداد موقفها تأزما في كل يوم إضافي من بقائها في غزة ، لذا بدأت الولايات المجرمة و حلفاؤها بإشعال الحرائق عل كمية الدخان المنبعث منها تكون قادرة على إخفاء هروبهم .
قاتلهم الله ... ان أهدافهم الدنيئة التي لم يستطيعوا تحقيقها كشفتهم على حقيقتهم وازاحة الغشاوة عن اعين الذين افتتنوا بها على مر الأيام، لم تأبه الولايات المجرمة وحلفاء العار والدمار بكل ما أصاب غزة وبقتل كل من قتلوا لأجل محاولة بائت بالفشل، لا أستطيع ان افهم كيف لهذا الخرف بايدن ان ينام ليلا ودم الأطفال معلق في رقبته كيف له ان يهنأ بحياة أتمنى ان لا تطول الا لبعد ان يرى عصابته المدللة وهي تهرول هاربة تجر ورائها ذيول الخزي والهزيمة. ولا أدري كيف يمكن لاي كان ان يمارس حياته بشكل اعتيادي وشلال الدم النازف في فلسطين يطارد احلامه ويقظته. لكن نستطيع أن نفهم لو وضعناهم في قالبهم الصحيح
لا تصدقوا كل ما يشاع عن انهم سياسيون وان المجرم بايدن يخشى سقوطه في الانتخابات القادمة لذلك بدأ بالتراجع، لا تصدقوا ان المجرم نتنياهو يعبأ بمحكمة وقاض ومحاكمة ، شخص مثلي ومثلك ممكن ان يقلق من محكمة ومحاكمة او توقيف ولو ليلة في النظارة ولكن المجرم الذي قتل الأطفال و النساء بدم بارد واحرق الأخضر و اليابس لا يعبأ لا بسجن و لا محاكمة فالمجرم يرى في السجن ضالته فهو مكانه الطبيعي الذي يشتاق اليه وجدران السجن المظلمة تشكل للمجرم وطنا يحن اليه ويتوق لرؤيته هذا لو افترضنا انه حوكم وسجن ، وذلك العجوز الخرف بايدن لا تظن بأنه قلق على مستقبلة السياسي ، أي مستقبل ينتظره وهو ميت اكلينيكيا من قبل ان تبدأ الانتخابات ، يصفون قلقة على مستقبلة السياسي وكأنه شاب يملئ الطفوح قلبه ،،، هؤلاء المجرمون القتلة لا يزيدهم قتل الأطفال والنساء والكم الهائل من الاجرام الا رغبة في المزيد ، لا تغرنكم ربطات العنق والمكاتب الفارهة، انهم مجرمون متنكرون بزي السياسي ،ان كل تخبطهم اليوم ليس أكثر من محاولة للهروب من النار التي فتحوها على انفسهم ولم يستطيعوا اطفائها فاشعلوا المزيد من النيران علها تكون سببا في هروب "بماء وجه " ان كان لهم ماء وجه .
ان المعجزة التي كنت انتظرها حصلت بالفعل ولكن الإحباط كان قد وضع غشاوته على عيني، انها (معجزة الصمود) الصمود مع رفض كل الخيارات السهلة، فلو تجمهر الناس على الحدود المصرية او اقتحموها حتى لم تكن لقوة ان تمنعهم من ذلك ولو انقلب الناس على المقاومة لرأيناهم يسلمون السنوار على معبر كرم أبو سالم او بيت حانون ،و لرأيناهم يلفظون كل مقاوم خارج حدود غزة ، ولكنهم آثروا الانتصار على الظلم رغم كل إرهاب الولايات المجرمة وعصابتها ومن حالفهم ، سيسجل التاريخ ذلك ،سيسجل أن اهل غزة رغم حمام الدم ورغم كل الإرهاب الذي مورس عليهم ورغم الخيارات التي كان من الممكن ان تجنبهم كل ذلك وقفوا في صف الحق وكانوا كثلة بدر التي غيرت وجه التاريخ ،
غزة ستغير وجه التاريخ وسجلوا كلامي هذا لأعوام قليلة قادمة. وعلى النقيض سيسجل التاريخ مواقف الخزي والعار والتآمر والخنوع، مواقف الانبطاح والذل.
ان دماء الشهداء في فلسطين ستكون لعنة تطاردهم الى الابد، وارواح الأطفال البريئة التي ازهقت ستكون أقوى من طائراتهم وقنابلهم العملاقة، سيسجل التاريخ أيضا البسالة الأسطورية لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وان قضى منهم من قضى نحبه فالفضل كل الفضل لهم احياء عند ربهم او مقاومون يذودون عن حمى ارضهم وشعبهم بما استطاعوا، فوقفة العز والكرامة تحتاج فقط "لإيمان" وليس لأساطيل، وهذا ليس محض خيال فقد اثبت التاريخ ذلك كما يثبته اليوم صمودهم وبسالتهم.
وان العجز والقهر الذي شعر أمثالي به لفترة سيتحول الى نشوة المنتصر قريبا وقريبا جدا، والله إني لأرى سقوط عرش الليبرالية والرأسمالية الغربية أراه يهوي وأرى نجم أبطال غزة وأحرار الضفة يدوسهم بأقدامه. ولست أقول ذلك مبالغة ولا لأهون به مصابنا، فوالله الذي لا إله الا هو ان ما حصل في غزة فطر قلبي واحدث جرحا غائرا في روحي ولكن العزاء الوحيد هو هذا الصمود الأسطوري الذي سيسقط أنظمة كنا نظنها لن تسقط الى الابد، ان صمودهم هذا رغم الجراح ورغم الدمار والألم واذلالهم لمن كنا نعتقدها أقوى قوة في العالم سيكون هو الفيصل في التغيير الذي سيجتاح العالم وان غدا لناظره قريب.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد