حوار مع صديقي الفلسطيني

mainThumb

26-01-2024 12:54 AM

ما الفرق بين اليوم والأمس؟ ما الفرق بين اليوم وثمانون عاما مضت؟ ما الفرق بين من استشهد اليوم ومن استشهد مع القسام في احراج يعبد؟ ما الفرق بين من أعدموا مع فؤاد حجازي وبين من أعدموا أمس في طولكرم؟ ما الفرق بين من بقرت بطونهم في صبرا وبين من ذبحوا في دير ياسين أو غزة؟ بين من ارتقوا في جنين أو حيفا أو خان يونس؟
لا شيء ولا فرق غير الوقت والتاريخ ............. كلهم استشهدوا على نفس الأرض وعلى يد ذات العصابة وعلى يد ذات الصمت أيضا
كل من ارتقوا يتشاركون ذنبا واحدا ...... انهم فلسطينيون ، فالهوية هي الذنب والعقاب الوحيد لهذا الذنب هو الموت هكذا قررت "الدول العظمى " عليك ان لا تكون فلسطينيا لكي تعيش ، عليك ان لا تكون أبن الاض المقدسة لكي تنجو ، عليك ان لا تستفزهم بهويتك ، لا تقل أن اجداد اجداد اجدادك منذ الالاف السنين وجدوا في حيفا او يافا ، اياك ان تقل أنه قبل مئتي جيل ولد جدك لأمك في الناصرة ، حذاري أن يكون أسلافك قد خلقوا في القدس ، أنصحك أن تخفي عن الجميع حقيقة أن أحد أجدادك من بنو عمر في غزة وان روابط أي كان نوعها تربطك بهاشم بن عبد مناف أو ان احد اجدادك كان ممن أعانوه في تهشيم الخبز .
أحفاد من ذبحوا في شاتيلا يذبحون اليوم في غزة ، عليك الاعتراف بالحقيقة ولا أقصد بالحقيقة الحقيقة ذاتها التي تعبر عنها الكلمة ، الحقيقة التي يجب أن تعترف بها هي الحقيقة المزيفة التي يريدها الجلاد ، حقيقة انك غريب عن هذه الأرض ، انت المحتل وهم المساكين أصحاب الحق ، ان قلت ذلك فقط ستنجو وسيرحلونك عبر مركب يرسوا على شواطئ دير البلح ليقلك الى بلاد اليانكي أو الى كندا وان لم ترغب فأستراليا تفتح ذراعيها لك هذه الأيام ، وان أردت أن تبقى على صلة خفية بهواء غزة الذي يهب عبر المتوسط فانتظر المركب الذي سيحملك الى أوروبا نعم الى هناك فمسؤوليهم لا يزالون يقولون بأنهم يحتاجون الى لاجئين وان الهجرة مفيدة لهم ولكن لا تنسى قبل صعودك الى المركب وأيا تكن وجهته ان تلقي على شاطئ دير البلح عباءة الوطن ، لا شيء يربطك بالوطن بعد اليوم وحذاري ان لا تنبه على أبنائك أن ينسوا كل المصطلحات المستفزة لشعور "الدول العظمى" مثل من البحر الى النهر .. الله أكبر.. جهاد .........
تلك المصطلحات ستكشف هويتك وستضطر الى الموت أو في أحسن الأحوال الى الهجرة مجددا .... ولا تحمل معك شيء فانا اعرفك جيدا لا تأخذ معك حفنة من تراب الوطن اتفقنا أن تنسى كلمة وطن ولأني أعرفك أنبهك فالمختبرات لدبهم متطورة سيأخذون منك حفنة التراب ويحللونها وسيعرفون انها من حديقة منزلك في بيت حانون وسيصادرونها وعندها ستكون فقدت الوطن مرتين، لا تأخذ معك شتلة زعتر ولا عرق زيتون ولا بذور السماق الفلسطيني الحامض، لا تفكر بحمل زجاجة صغيرة من زيت الزيتون فلن تجد هناك طابونا لتصنع لك زوجتك رغيف "مسخن" في يوم ما عداك عن أن رائحته الرائعة ستثير حفيظتهم. يجب أن تخفي كل مظاهرك الوطنية والعرقية، تستطيع ان تغير أسم ابنك البكر "نضال " الى "ادم" وابنتك المدللة "اخر العنقود" من صفية الى "ياسمين" تلك الاسماء التي سرقوها من تاريخنا لن تلفت نظرهم
تذكر بكل تأكيد انه قبل ما يزيد عن أربعين عاما قال محمود درويش
"والموتُ يأتينا بكل سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ. ألفُ قذيفةٍ أُخرى ولا يتقدم الأعداء شبراً واحداً.
ما زلتُ حيَّاً – ألفُ شكرٍ للمصادفةِ السعيدة
يبذل الرؤساء جهداً عند أمريكا لتُفْرِجَ عن مياه الشربِ
كيف سنغسل الموتى؟ ويسأل صاحبي: وإذا استجابت للضغوطِ فهل سيفر موتنا
عن: دولةٍ...أَم خيمةٍ؟ قلتُ: انتظرْ! لا فرق بين الرايتينْ قلت: انتظر حتى تصب الطائراتُ جحيمها! "
انت إياها الهارب من الموت تذكر أن مأساتك لم تبدأ اليوم ها هو شاعرك المفضل يقول قبل أربعين عاما ما تعيشه اليوم ليس لأنه عالم غيبيات بل لان واقعك يتكرر كل يوم منذ أن قررت دول "كبرى" أن تسرق هويتك فعليك أن ترضى بقدرك وان تترك لهم تلك الهوية قبل أن تصعد للمركب ، ربما تصعد في مركب يأخذك الى أوروبا ويصعد أخوك في مركب تكون وجهته استراليا ، لا تناديه لا تقل له يا أخي اركب معنا فهو ليس من أهلك اليوم فالروابط العائلية تستفزهم كذلك فهم غير معتادون عليها ، لن تجد في ضواحي باريس من يجلس مع أخوته يشربون الشاي على باب البيت و لا من يدعون جيرانهم "للعبة شدة" كل خميس على سطح المنزل. انت من اليوم انسان جديد "متحضر" وان كنت ترى حضارتهم زائفة الا انك ستعتاد هذا الزيف وسيتربى ابناؤك عليها في مدارسهم وابنك الذي اتفقنا ان تغير اسمه ربما لن يكون لديه الوقت ليزورك في المستشفى قبل أن تموت ، لا تخف لن يقتلوك بطائرة و لا بمدفع، الموت في بلادهم يكون كمدا وحنينا للوطن ، الوطن الذي اتفقنا ان تخفي كل ملامحة عنهم ، صحيح نسيت أن أقول لك لا تجبر صفية على أن لا تتاخر خارج البيت ولا تجبرها على ان ترتدي ثوبا مطرزا هي الان حرة في قراراتها حسب ما تقتضيه حياتها "المتحضرة " وعليك ان تتظاهر بالسرور بوجه أصدقائها الجدد فلا بد أن تكون صداقات وليس من حقك أن تفرض عليها طريقك في اختيار جنس او لون او دين اصدقائها . اما بالنسبة لام نضال فمن اليوم فتستطيع ان تناديها بأم نضال او عايشة لكن ليس خارج المنزل. وإذا حصل وزارك أحد الجيران الجدد وهذا مستبعد فستحضر انت له الشاي اياك ان تصرخ لها ان تصنعه.

ها هي حياتك الجديدة، أتعجبك؟ لا يهم ان كانت تعجبك أو لا المهم ان تعجب أصحاب القرار في البيت الأبيض فهم من ضحوا بكل شيء لتصل سالما الى مرفأك الأخير، هم يريدون لك أن تموت بعيدا عن أحلام الوطن " بسلام " يريدون لأجيال الصهيونية أن يبنوا مستوطنة على أنقاض حقلك، ويريدون لأبنائك أن يكونوا جيل أوروبا القادم فهم كما تعلم لا يتزوجون وان تزوجوا لا ينجبون وانت الابن السادس لعائله من أحد عشر فردا، فأنتم تتناسلون وستكونون جيلا يشكل الايدي العاملة لدول يتناقص عدد سكانها كل يوم.
أريت ما أعدلهم؟ هم يقومون مقام القدر، يوزعونك حسب رؤيتهم، فانت اللاجئ الذي تنعم براتب شهري بلا عمل كما تظن ولكن عملك مهم فقبل لجوئك منحت وطن لمن لا وطن لهم و اليوم تمنح شعبا لمن يفقدون شعبهم ، هكذا تتوزع الاقدار حسب رؤيهم العادلة ولهذه الغايات النبيلة عليك ان تعجبك حياتك الجديدة وان لم تعجبك فعليك الموت لأنك فلسطيني تقف في وجه القدر الذي وزعوه مسبقا ،عليك الموت ان لم تقبل أن تحقق العدالة التي يريدونها ، فليس من العدل ان يتحرك مؤشر النمو السكاني في الدول الاسكندنافية الى السالب وليس من العدل ان يبقى يهود العالم بلا وطن وليس من المنطق أن يتخلى البيت الأبيض عن طموحة في السيطرة و الحل لكل هذا هو انت فلا تتردد انهض من تحت الركام واغمض عينيك واصعد على أي مركب فكل الوجهات سواء . ولم لا تعجبك الحياة الجديدة؟ قلي ما الذي ينقصك؟ لا تردد لي أشعار وادبيات الوطن قلت لك أنسي هذا المصطلح. لا تغضبهم بأفكارك ولا ترهم هويتك.
ماذا قلت؟ اتريد ان تبقى في وطنك؟ اتريد ان تموت على تراب غزة؟ ألهذا الحد بلغت بك الجرأة؟ أتقولها علنا؟ اخفض صوتك لا يسمعك (جون كيربي) انه يكذب ويحيك المكائد منذ ان ولدته امه لكيلا يسمع منك هذا الكلام، طائرات استطلاعهم تسجل كل همسة في غزة، ارجوا ان يكون صوت القذائف قد غطى على كلامك. ان اردت ان تموت في الوطن فهذا شأنك ولكن لماذا تحرم أطفالك من أن يساهموا في نهضة أوروبا وفي تحقيق مآرب البيت الأبيض؟
اتريد الحقيقة؟ أنا لا أريدك أن ترحل ولا أريدك أن تنساق لقدر صنعوه لك ولكنني أخاف عليك، وأبكي كل يوم لأجل أطفالك..... حسنا حسنا لا تغضب سأتركك وشأنك ولن أخاف عليك وعليهم بعد اليوم أعلم ان الوطن يستحق التضحية وأعلم أن ترابه أغلى من أوهام أوروبا وأمريكا وأعلم أنك من سيفشل مخططاتهم ومن سيكسر لوح أقدارهم وأعلم بأنك ستدفع الثمن من دمك ودم أبنائك، هو قدرك الذي آمنت به ورضيت عنه






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد