معشوقتي أنتِ

mainThumb

15-03-2024 09:35 PM

كيف يمكن لمن أدمن عشق المحبوبة أن يتخلى عمن كان في حنايا القلب مسكنه. عشقتها حتى أصبحت فجري وعشيتي وليلي ونهاري، حتى أصبحت تسري في شرياني، أدمنت شكلها ولونها ورائحتها، فلا يطيب لي سواها، ولا يصفو الذهن ولا يطيب الخاطر ولا تهدأ النفس إلا بوجودها ، وما كان القرار والنوم والتركيز والانتشاء والفرج واليقظة والأمل والفرح وحب الحياة لولاها.

سُئِلت مرة؛ أتستبدلها بالمال والجاه والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة :جاوبتهم وبكل صدق: ماكان يكون لوجود كل ما ذكرتم معنى بغيابها، وذات يوم انتزعت غاليتي من حياتي عنوة، رضخت واستسلمت: حين اصابها مرض خبيث قاتل ، كان الخيار بينها وبين الحياة، سافرت بعيدا وافقد رؤياها.

أخترت الفراق لأخلد عطرها وشذاها، فما كنت اخترت الحياة لولاها، ولو اني اعيش بمنأى عنها.
إلا أن وجودها في الحياة هو الوجود ولو بعدت عيناها، وفي فترة غيابها عني، كنت كالتائه المشرد المجنون، أين من أنفي رائحة جميلة كعطر الجنة؟، تلك الرائحة العبقة التي لم تفارق أنفاسي. يا أكسجين رئتاي ودماغي، أين أنتِ مني؟ أين من عيني تلك النحيلة الجميلة الممشوقة؟ تشتاق يداي لملامسة رقتها ونعومتها، أشعر بالغربة، ضجيج بداخلي، يكاد أن يفتك بعقلي وقلبي وكل أجزاءي، أريدها هي ولا أريد سواها. أين من كان زينة يومي وبهجته حينما افتح عيني كل صباح.

رأيتها ذات مرة وبعد حين من الفراق، فهاجت في وجداني نيران مستعرة، فكان بداخلي شعور الأسد المستأسد الذي يريد أن ينقض على فريسته ولا يخاف أحداً، شعور العزيمة والإقدام الممزوج بالمحبة المطلقة والرغبة العارمة في أن امسكها، وأشم رائحتها لتطفىء ناراً تلظى في قلبي، لن يشعر بها إلا من عاش شعوري، وادمن قربها، وكنت اهمس بصمت لها: حبيبتي: أقبلي، أنا في أرقٍ وقلقٍ وضعفٍ وضياعٍ وعدم اتزان، وأنتِ ونيستي وأنيستي ومعشوقتي التي تعرفين خبايا النفس وما آلت إليه.

بقيت صامتة صامدة لم تحركها مشاعري المتأججة وشوقي الفياض. وكنت أخالها تقول لي:
يا ويحي وكيف يلقى عاشقي ومفتوني حتفه على يدي، وأي قرار وقانون يبيح للعاشق قتل محبوبه؟ ابتعد ارجوك حبيبي، فالقرب مني ويل وتعب وموت، ومعاناة احباب، وشر وعناء، أرجوك اتركني، لتكون بخير.

فجاوبتها والأسى يفتتك بقلبي:
" لتعلمي معشوقتي أن كل مآسي الدنيا لاتعدل أسى البعد عنكِ. وإن كان في قربي منكِ حتفي، فاني سأبتعد من أجل أن يبقى لي عمرٌ أعيش فيه بذكراكِ".






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد