أنواع الكتابة النقدية
يمكنني استجماع ما ناقشه القاص خضير معي في سؤال واحد: هل يمكن أن نخضع الكتابة النقدية لقواعد وضوابط وهي تضم أشتاتا من الأنواع؟ وكان جوابي الأخير هو أنني كنت أتحدث عن الخطاب النقدي في البيئة الأكاديمية، الذي دون خضوعه لضوابط يمكننا توصيفها وتدقيقها انطلاقا مما سميناه «النقدية» يظل منفلتا وسائبا أيضا. وكان يدور في خلدي أيضا، أن أي خطاب كيفما كان جنسه له قواعد وضوابط، وتصنيفات دون تدقيقنا لها بناء على ما مورس من كتابات، وما تراكم من أدبيات، لا يمكننا أبدا أن «نتوافق» على ما يأتلف ويختلف، ويصبح لدينا كل ما يقدم أنه خطاب.
إننا كما لم نهتم بنظرية الأجناس الأدبية، عامة، وبنظرية الأنواع السردية، خاصة، صار كل ما نكتبه «رواية» التي صرنا نتعامل معها على أنها جنس الأجناس، أو متعالية على التجنيس، لم نهتم بالتمييز بين أنواع الكتابة النقدية، فلم نفرق بينها، ولم نضع لكل منها حدودها. والمسألة في نظري ذات بعدين: تربوي وتنظيري.
على المستوى التربوي، في مرحلة الثانوية العامة كنا في شعبة الآداب العصرية نطالب في الامتحانات بتحليل النصوص الأدبية، وكتابة موضوع (إنشاء أدبي). بينما في الفرنسية كنا نطالب بـ«تلخيص النص الأدبي» وكتابة مقال (Essai). وسرنا على المنوال نفسه في كلية الآداب شعبة اللغة العربية وآدابها نمتحن في تحليل النصوص، أو الإنشاء الأدبي. وفي آخر سنواتنا الجامعية نعد بحثا للإجازة، وبعد ذلك رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، وأخيرا «دكتوراه الدولة». لو عددنا أنواع الكتابة النقدية تربويا سنجدها خمسة أنواع. إننا نتدرج من تحليل النص إلى الإنشاء إلى البحث، فالرسالة ثم الأطروحة. لكننا خارج الجامعة كان ما ننشره في الملاحق الثقافية، أو الدراسة في المجلات يندرج ضمن المقالة الأدبية، وإلى جانب هذا كنا نكتب «تغطية» النشاط الثقافي، و«مراجعة» الكتب، إننا هنا أمام أنواع متعددة لكل منها خصوصيتها، رغم ما يمكن أن يكون بينها من تداخل. كان ما تلقيناه تربويا من الثانوي إلى العالي هو ما مارسناه دون أن تكون عندنا خلفية نظرية، تبين لنا الحدود بين كل هذه الأنواع. وهذا هو الفرق بيننا وبين ما تعرفنا عليه في الكتابات الأجنبية التي نظَّرت لكل نوع، ووضعت له حدوده وشروطه. فما الفرق بين ما نكتبه في الصحافة، أو في المجلة، وما نجمعه في كتاب؟ هل هو مقال؟ أم دراسة، أو بحث؟ حين أحكم بعض «الأبحاث» أجدها مقالات (ج. مقال) يتميز بلائحة مراجع لا حصر لها. إنها تجميع وتلخيص معلومات، دون وجهة نظر، أو عمق في التفكير. وحين تتصل بتحليل نص أجدها تلخيصا لمضامين، أو الوقوف على عناصر شكلية، بتوظيف مصطلحات ملفقة، أليس ما نكتبه لا يتعدى «إنشاءات» تختلف باختلاف الوسيط، أو الموضوع الذي نكتب فيه؟
ارتبط «المقال» (Article) أو المقالة عندنا بالجريدة والمجلة. ولقد تربينا على كتاب كبار كتبوها بطريقة مهنية عالية، لكن «المقالة» في التراث العربي تحمل معنى مختلفا. إنها توظف في الكتابات العربية القديمة محملة باجتهاد فكري، كما نجد في «مقالات الإسلاميين (الأشعري) بمعنى المذهب، ويعنى المؤلف بتقديم «مقالات» الفرق ومناقشتها. كما أن أبواب بعض الكتاب توزع على مقالات: «مقالة في الجهة التي يصح عليها القول/=، أو لا يصح في أحكام النجوم» للفارابي، أو كما نجد في «مقالة في معاني العقل» أو «مقالة في أغراض كتاب ما بعد الطبيعة» للفارابي. وأرى أن «مقالة» كما تدل عليها النصوص التي تكون صيغة أدائها تقابل في الفرنسية الكلمة التي دشنت بـ»مقالات» ( Essais) مونتيني التي يتطرق فيها إلى موضوعات تتصل بالحياة، ويقدم تصوراته عنها، والتي صارت تقليدا له خصوصيته في التعبير عن أفكار، ولمناقشة قضايا عميقة، دون أن تتقيد بعدد معين من الصفحات. وحين تتصدر كتابا ما ندرك أنه فريد في بابه. يبدأ لوكاش كتابه «الروح والأشكال» بسؤال: ما هي المقالة؟ وحين يربطها بالعمل الفني يعتبرها «شكلا» ليس لتمثيل الحياة التجريبية، لكن الحياة الأساسية، كما يبلورها الشاعر وكاتب المقالة (Essayist) بهدف الإمساك بجوهرها. ولدار النشر لوسوي لها سلسلة خاصة بـ»المقالات» تقدم جديد الكتب التي تطرح أفكارا جديدة.
إن التمييز بين المقال والمقالة، مثلا، وغيرهما، ضروري للتفكير في خصوصية كل منها، ولتدقيق مواثيقها، وضبط مميزاتها، وإلا صارت كلها كتابات «إنشائية» يكشف لنا تفحصها النقدي والتنظيري أننا أمام فروقات لا حصر لها بينها.
(القدس العربي)
حصيلة إنجازات الخيرية الهاشمية في غزة بـ 2025
إنجازات النشامى ترفع القيمة السوقية للاعبين
مهم من الأوقاف للراغبين بأداء العمرة
الإمارات: أنهينا ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب باليمن
كتلة مبادرة النيابية تلتقي رئيس ديوان المحاسبة
الإدارية النيابية تناقش عدداً من القضايا
ارتفاع الذهب بالتسعيرة الثانية الثلاثاء
رئيس مجلس النواب يلتقي السفير المغربي
3 وزراء يطلعون على حجم الأضرار التي خلفتها السيول بالكرك
مناطق تسجل أعلى هطول مطري خلال المنخفض
الفوسفات تضع امكاناتها تحت تصرف الحكام الاداريين طيلة موسم الشتاء
تعديل ساعات الدوام في محطات الترخيص المسائي الأربعاء
إيران تتوعد بردّ قاس على أي عدوان
أوبر تتلقى كل 32 دقيقة بلاغا خطيرا
وفاة فينس زامبيلا إحدى مصممين ألعاب الفيديو
إعلان توظيف .. الشروط والتفاصيل
وظائف حكومية .. وتنويه من الإفتاء بشأن طلبات التوظيف
مدعوون لاستكمال اجراءات التعيين في الصحة .. أسماء
بني سلامة مديراً لمركز دراسات التنمية المستدامة في اليرموك
طرح بطاقات بريدية تذكارية لـقديسو الأردن
الفراية يتفقد الأعمال الإنشائية بجسر الملك حسين
كأس أمم أفريقيا .. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة
تمديد فترة التقديم لمشاريع البحث والإبداع الجامعية
محافظة البلقاء تحتفل باليوم العالمي للتطوع وتُكرّم جامعة عمّان الأهلية
ألتمان يتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي بذاكرة لا نهائية 2026
أقسام دون موظفين .. رصد المخالفات بمؤسسة الضمان



