عبثية «أخْلَقة» الآداب والفنون؟
لا جدال اليوم ولا منطق في هذه المسائل إلا التثبتات Les fixations التي لا منطق ولا عقل يحكمها.
يتم تضييق مفهوم الأخلاقي لدرجة أن الكتابة تصبح مغامرة خطيرة. ويبدو أن الدولة التي تخلت عن الرقابة العامة، حلت محلها جيوش من البشر تحكم بمقاييس لا علاقة لها بالفن أو الأدب. فهناك فصل كلي للنص عن المحيط الذي أنتجه، وكأنه قطعة ساخنة انشطرت من الشمس، لا قبل لها ولا بعد. أي أن «الأخلاقي» يفترض أن المجتمع الذي نشأ فيه النص أو اللوحة أو التمثال هو بخير وفي صحة جيدة، وتأتي مختلف الأجناس الفنية لتدميره وإبعاده عن الطريق المستقيم. فالرواية عندما تظهر الصور القاسية لشخصية من الشخصيات ولغتها الحادة، تقوم باختراق مقدس (في الحقيقية هو اختراق للمفهوم البالي والرث للأدب) وكأن النص يكشف عن سرّ كان مؤمناً عليه. كل الناس يعرفون أن المجتمع دينامية حيوية ومتحركة في الزمان والمكان، لا يمكن تخطيها وكأنها شيء غير موجود. توجد السرقة والفساد والرذيلة وغيرها من الأمراض في المجتمع، وهذه الثيمات لها محمولات توصيفية ولغوية لا يمكن للكاتب الواقعي (الواقعية بمفهومها الأوروبي، والزّولي، والسحري) أن يتخطاها ويصنع مكانها بدائل حامية لأخلاق غير موجودة بالشكل الذي يريده الآخرون من الكاتب؟ [أنا أخلاقي في حدود احترامي للحقيقة الموضوعية وتحويلها أدبياً عبر حقلين، اجتماعي وفني (بيير بورديو)] فقد أدرك بوردو البعد الاجتماعي La dimension socialeللنص الأدبي الذي يكون له مساحة خاصة ذات ترابط/ انفصال بالحقل الذي أنتجها، لا شيء يقع خارج هذه المعادلة. فالحكم الأخلاقي، غير المؤسس على ثقافة حقيقية، يقصي جوهر النص أو الشكل الفني عموماً، وهذا لا يمكن أن يكون وحياً، ولكنه يحتاج إلى تكوين وإلى مدرسة ترفده. أين هي هذه المدرسة في بلادنا وفي العالم العربي؟ في غياب ذلك يسيطر الوهم الرومانسي المبني على مثالية هي في النهاية مجرد احتمال ولا تكلف جهداً معرفياً، بينما الواقع يزخر بالآلام التي جسدها الأدب واللوحة الفنية والتمثال وحتى الصورة الفوتوغرافية.
أستحضر دائماً صورة الطفلة الفيتنامية كيم فوك Kim Phuc المحروقة بالنابالم الأمريكي وهي تركض عارية في حالة ألم مفجعة (8 يناير 1972 في قرية ترانغ بانغ)، هل ننظر إلى جسدها العاري ونسمه بلاأخلاقية، أم إلى الحروق التي سلخت جلد جسد والصرخات التي نسمعها من الصورة نفسها؟
لا يمكن تخطي الآلام باسم الأخلاق؟ صور كثيرة لمجاهدات عاريات تحت تعذيب المظليين الفرنسيين؟ هل نظهرها لتجسيد مدى القسوة الاستعمارية أم تخفيها باسم الأخلاق؟ ما وظيفة المصور الذي وضع حياته في خطر ليجعل من الصورة وسيلته التعبيرية عن جرائم الاستعمار؟ اللاأخلاقي هو في الفعل وليس في المحصلة؛ أي في الذي تسبب في تلك الوضعيات هو الأساس وليست الوضعية في حد ذاتها التي هي منتج ثقافي وفكري إنساني. ينسى «الأخلاقي» السبب ويكتفي بالنتيجة الخارجية ويؤولها كما يشاء ويلبسها من بؤس رؤيته. لهذا، ستكون الرؤية الفنية قاصرة في النهاية.
الأدب لا يخرج عن هذه المعادلة، فهو منتج إنساني مثل الصورة الفوتوغرافية أو اللوحة؛ كلما أنشأ الكاتب شخصية أدبية يفعل ذلك من موقعه الإبداعي، ويحمل الكاتب الشخصية من خلال الوقائع والأحداث التي قد تكون قاسية، لغة تعبيرية قد تكون مؤلمة، قاسية، بذيئة تعبر عن لحظة محددة لا يمكن فصلها عن سياق الرواية، وإلا سيمر القارئ بمحاذاة النص ولن يمسه. الشيء نفسه في مجال النحت مثلاً، سنقضي جزءاً مهماً من ميراث الإنسانية إذا بالتضييق في تعريف «الأخلاقي».
هناك جماليات الأشكال والمقاسات مثلما هو الحال في النحت اليوناني، حيث الأساس هو جسد الإنسان في جمالياته، ويربى الذوق وفق ذلك. وماذا سيبقى من الفن التشكيلي العالمي الذي تعامل مع الجسد كقيمة جمالية وليس كفتنة غريزية. ما هو الحل في هذه الحل في هذه الحالة؟ رأيت في أيام الجبهة الإسلامية للإنقاذ كيف انصب «الأخلاقي» على التماثيل القديمة التي عمر بعضها أكثر من قرنين، في حديقة مدينة سكيكدة العظيمة. أغلب تماثيل الحديقة عديمة الأعضاء الجنسية Asexués . كسوها بألبسة ليخفوا أحواضها ونسوا أنها مجرد أحجار منحوتة قيمتها تتحدد في العمل الجبار الذي قام به الفنان. الشيء نفسه تم مع التماثيل الخشبية عند مدخل مطار الجزائر في نهايات الثمانينيات وبداية التسعينيات. ليست أكثر من أشكال بشرية إفريقية في حالة رقص للدلالة على إفريقية الجزائر. نفس المجموعات السياسية أو تحت ضغطها، تم «ستر» أجزائها السفلى بقطع قماش جعلت المنظر مضحكاً قبل أن تتم إزالتها نهائياً.
للأسف، ينتج ذلك عن رؤية غير مؤسسة مبنية على ذائقة مسيسة دينياً مسبقة لا تعترف أصلاً بالفن. وصل الجدل حتى الألعاب الأولمبية الأخيرة وفوز الجزائرية كيليا نمور بالميدالية الذهبية في الجمباز، فهناك من ألبسها لباساً طويلاً، مغطياً جانبها السفلى بروب طويل (نشرها المعلق الرياضي الدراجي، مطالباً بحمايتها؟ ممن؟) حالة مثيرة للجدل. لسنا حتى في الدين الذي وجد حلاً للرسم التشبيهي مثلاً في الثقافة الإسلامية الشيعية، حيث تم تصوير كل الشخصيات الدينية مع محو الملامح فقط، فنجد مثلاً منمنمة الإسراء والمعراج قد احتوت على كل العناصر الفنية للرسم مع تفادي رسم الوجه فقط للنبي الأكرم، مع أن الأمر لا توجد فيه مطلقات أبداً. معظم الأماكن التي فتحها المسلمون حافظوا على الأشكال الفنية الموجودة، وإلا ما وصلنا لا شيء من الحضارة الفرعونية وتماثيلها، ولا نعومة الحضارة الهلنستية في الشرق، ولا التماثيل العراقية البابلية العظيمة؟ بقيت التماثيل كشواهد حضارية حية على مرور كثير من الأمم عبر الأراضي العربية. المشكلة الكبرى هي أنه لا توجد تربية فنية في بلداننا، تبدأ بتاريخ البشرية مروراً بالمنمنمات الإسلامية والإنسانية والخط العربي التجريدي، وانتهاء بما أنتجته البشرية في زماننا.
المدرسة اليوم لا تمنح إلا شهادة محو الأمية، أما الداخل ففارغ كلياً. أغلب أطفالنا لم يزوروا متحفاً أو دار أوبرا أو عرضاً مسرحياً، أو حفلة موسيقية ذات ذائقة عالية، أو معرضاً فنياً، مع أنه لا يكلف ذلك الشيء الكثير. وضع المنظومة التربوية في الأفق الإنساني الصحيح لخلق إنسان المستقبل، إنسان ليس آلة يتم تركيبها في المصانع ولكنه كيان حي ومتحرك، إضافة إلى ذلك هو ثقافة ووعي وتعلم وكتلة من الأحاسيس.
الدفاع عن الهوية ليس بإلغاء سندها الجوهري، الفن، ولكن بحمايتها في أفقها المتعدد وعدم تجريدها من كل ما يصنع إنسانيتها وسعادتها.
(القدس العربي)
عميد البحث العلمي في عمان الأهلية يفوز بجائزة
بلدية اربد تغلق وتنذر وتخالف عشرات المنشآت
دولة الاحتلال تغلق جميع شواطئ تل أبيب
اللحظات الأولى لاستلام عائلة ماهر الجازي جثمانه .. صور وفيديو
فتح باب التسجيل للمشاركة في برومين ماراثون عمان
أمانة النواب تنهي أعمال توسعة وصيانة مبنى المجلس
مصادر: الأردن مارس ضغوطًا كبيرة ضدّ التعنت الإسرائيلي في تسلم الجازي
أونروا تحذر من انتشار القوارض والحشرات بغزة
هام من الضريبة حول أسعار علب السجائر
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
الخاريجة تعزي وتتضامن مع ضحايا الفيضانات شرقي أوروبا
مذكرات تبليغ ومطلوبون لتسليم أنفسهم .. تفاصيل وأسماء
الأولى من نوعها .. الموافقة على دراسة سريرية واعدة لمرضى السرطان
رويترز:جعفر حسان رئيسا للحكومة بهؤلاء الوزراء .. أسماء
السفارة الأمريكية بالأردن: تأشيرات دخول لأمريكا دون مقابلات
المنصة الإلكترونية لنتائج الانتخابات النيابية 2024 .. رابط
عشرات المدعوين للامتحان التنافسي .. أسماء
النتائج الأولية للانتخابات النيابية 2024
كم يبلغ عدد أعضاء مجلس النواب العشرين
ماذا نعرف عن جعفر حسّان الدنادنة؟
نتائج أولية للانتخابات .. أسماء .. (تحديث مستمر)
هؤلاء فقدوا وظائفهم في وزارة الصحة .. أسماء
ارتفاع أسعار السجائر والسيارات الكهربائية في الأردن
أمانة عمان .. إحالة مستشارين ورؤساء أقسام إلى التقاعد .. أسماء
الرفاعي:السيارات الكهربائية الأقل شراء لا ضريبة عليها