السودان: استمرار دوران «الحلقة الشريرة»
وحرب السودان الراهنة انفجرت والسودان أصلا يعاني من متلازمة الاستقطاب الحاد والانقسامات العميقة والحروب الكلامية، لا على مستوى النخب السياسية والعسكرية فحسب، وإنما على كل مستويات المجتمع السوداني مسببة جروحا عميقة من الصعب أن تندمل سريعا. ومع إقرارنا التام بأن هذه المتلازمة هي نتاج تلك الحلقة الشريرة وما أحدثته من تشوهات كبيرة ظلت تتكاثر وتتوالد باستمرار في بنية الكيان السوداني منذ فجر استقلاله، بسبب الفشل في إدارة التنوع والتعدد الثقافي والعرقي والسياسي وطغيان الهويات الإثنية والجهوية والأيديولوجية على الهوية الوطنية الجامعة، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل دور الحرب الراهنة وتطاول أمدها وتجلياتها الخطيرة في مضاعفة القوة التدميرية لهذه المتلازمة واشتداد بأسها، وفي اتساع رقعة الخطاب التحريضي المعادي لثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والذي يبشر بحلقة جديدة في سلسلة حلقات الدائرة الشريرة، ويلوح بمعاودة استخدام العنف في حسم الخلاف وكأداة للسيطرة والترهيب، وما صاحب ذلك من تأجيج لمشاعر العداء بين مكونات البلاد والحض على الكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والإقصاء السياسي، وما تلعبه التدخلات الخارجية في تأجيج الانقسامات والصراعات الداخلية في البلاد ليتم استغلالها لتحقيق مصالح أصحاب هذه التدخلات الخارجية على حساب مصالح الشعب السوداني.
لكن، يبدو أن بيننا من لم يستوعب دروس التاريخ الحديث لبلادنا، فغابت عنه هذه الحقائق ولم يعد يرى، أو يرى ويتجاهل، فشل مشروع بناء الدولة السودانية على أساس أيديولوجي، أيا كانت هذه الأيديولوجية، أو على أساس تصور حزبي ضيق، أيا كان هذا الحزب. هولاء لا يدرون، أو يدرون ويتجاهلون، أن تماسك وحدة السودان واستقراره ونموه وتطوره وبناء دولة حديثة في كيانه، يشترط مشروعا وطنيا جامعا يأخذ بعين الاعتبار كل أطياف الشعب السوداني، ويؤكد على حقوق الجميع فى المشاركة الفعالة فى إعادة بناء هذه الدولة على أساس الإدارة الديمقراطية والرشيدة للتنوع والتعدد الإثني والديني والثقافي في البلاد وتقنينه، وعلى أساس النظام الديمقراطي التعددي المدني، والتنمية المتوازنة بين كل أطراف البلاد، وذلك في ظل نظام للحكم يحقق هذه الأهداف. هذا هو المدخل الوحيد لتحقيق حلم تفكيك الحلقة الشريرة، وأما الغائبون والمغيبون عن استيعاب هذه الحقائق، فتاهوا وضلوا سبيلهم إليه. وفي زمرة هؤلاء يدخل دعاة تكوين حكومة «السلام» في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع تحت دعاوى سحب الشرعية من حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، ودعاة من يختصرون العملية السياسية في تعديل أو استبدال الوثيقة الدستورية وتكوين حكومة في مناطق سيطرة القوات المسلحة السودانية، حتى وإن امتدت هذه السيطرة لتصل القصر الجمهوري، وحتى وإن أقررنا بشرعية ما تقوم به هذه القوات.
صحيح أن الاقتتال الدائر اليوم في البلاد يمكن أن يتوقف بفعل هذه الوساطة أو تلك، ولكن الحرب لن تنتهي ولن تكون الأخيرة إلا بإدراكنا وتلمسنا للمدخل الوحيد لتفكيك الحلقة الشريرة على النحو الذي أشرنا إليه أعلاه، وهذا بدوره يشترط الشروع في عملية سياسية جديدة تبدأ بتشكيل آلية قومية تضم قيادات كل القوى السياسية والنقابية والحركات المسلحة ولجان المقاومة والقوى الشبابية والقيادات النسائية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، بهدف التوافق حول تفاصيل فترة انتقالية تأسيسية، واختيار قيادتها على أساس النزاهة والكفاءة والقدرة السياسية والتنفيذية، بعيدا عن أي ترضيات أو محاصصات سياسية أو جهوية، وبعيدا عن القيادات السياسية والعسكرية التي تسببت في اشتعال الحرب واستمراريتها وتأجيج نيرانها. واستيعابا لدروس تاريخ السودان الحديث كما ناقشنا أعلاه، بما في ذلك الاستفادة من أخطاء فترات الانتقال السابقة، لابد أن تستند الفترة الانتقالية التأسيسية على مجموعة من المرتكزات، دونها ستتكرر ذات الأخطاء ويتكرر ذات الفشل، وفي مقدمتها أن تشرع الحكومة الانتقالية فور تكوينها في تنظيم مؤتمر مائدة مستديرة للتوافق حول تفاصيل البرنامج الانتقالي لما بعد الحرب، بما في ذلك تكوين مجلس تشريعي انتقالي يتولى مهام التشريع والرقابة والمحاسبة، وتكون عضويته من ذات الآلية القومية المشار إليها، أو توسيعها بإضافة أعضاء آخرين وفق ذات شروط اختيار قيادة الفترة الانتقالية، مع مراعاة تمثيل المرأة والشباب تمثيلا حقيقيا، وليس شكليا أو صوريا. أما بقية المرتكزات، فعناوينها الرئيسية تشمل: إصلاح المنظومة العدلية والقانونية وتحقيق العدالة في كل الجرائم المرتكبة بحق الوطن والمواطن بما في ذلك جريمة إشعال الحرب. استعادة الدولة المخطوفة بواسطة نظام الإنقاذ والدولة العميقة لاحقا، بهدف تحقيق قومية ولا حزبية كل أجهزة الدولة، المدنية والعسكرية، وذلك عبر مراجعة قوانينها وهياكلها والتغييرات التي أُدخلت على تركيبة مجالسها وأجهزتها المتخصصة، ومراجعة التوظيف وحالات الفصل التعسفي وللصالح العام، وكل التظلمات التي حدثت خلال عهد الإنقاذ وقبل الحرب وأثناءها. وضع استراتيجية واضحة تجاه عملية السلام الشامل وتحقيق الصلح المجتمعي والأهلي. حل كل الميليشيات المسلحة في البلد ونزع سلاحها ودمجها في القوات النظامية أو تسريحها وتوفير سبل الحياة الكريمة لأفرادها، وحصر حمل السلاح في القوات النظامية فقط. تقصي الحقائق حول جرائم الفساد ونهب المال العام وسوء استخدام السلطة، وتقديم المتورطين للعدالة، واسترداد المال العام والخاص ورد الاعتبار والتعويض. التوافق حول الثوابت الدستورية عبر المؤتمر الدستوري. البرنامج الاقتصادي الإسعافي وبرنامج إعادة إعمار ما دمرته الحرب.
كاتب سوداني
ترامب يتوعد بالرد بعد مقتل 3 أمريكيين في كمين داعش بسوريا
ألمانيا: اعتقال خمسة أشخاص بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي
استشهاد فتى فلسطيني برصاص الاحتلال غرب جنين
إصابة شخصين بحادث تدهور شاحنة على أوتوستراد المفرق – الزرقاء
نشميات U14 يتوجن بلقب غرب آسيا للواعدات
مشاجرة في إربد تسفر عن إصابة شخص والأمن يباشر التحقيقات
إقرار موازنة 2026 .. غياب الموقف الجماعي للكتل النيابية يثير أسئلة
أمانة عمان تعيد 18.9 ألف دينار لمواطن ألقاها بالخطأ
دراسة: جائحة كورونا كشفت تفاقم العنف البنيوي ضد النساء
سوريا تدين هجوم تدمر وتقدم التعازي لعائلات الضحايا
إلغاء قانون قيصر: تحول إستراتيجي يعيد رسم مستقبل سوريا
الهواء في 34 % من شوارع سحاب غير نقي
الأردن يدين هجوما إرهابيا تعرّضت له قوات سورية وأميركية قرب تدمر
ميسي يعلّق على مواجهة الجزائر والأردن في مونديال 2026
سوريا وفلسطين إلى ربع النهائي كأس العرب .. خروج تونس وقطر
بلدية أم الجمال تعلن عن وظائف في شركة تغذية
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
وظائف في الصحة وجهات أخرى .. الشروط والتفاصيل
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل




