هيروشيما تتكلم
مؤثرة زيارة هيروشيما، والعالم يستذكر مرور 80 سنة على الكارثة الكبرى. تذهب إليها مشحوناً بذاكرة الموت الجماعي الذي لم تسمع عن شبيه له في أي مكان آخر. لكنك تصدم بأنها لا تختلف عن أي مدينة يابانية بنظافتها، وأناقتها، وتطاول عمائرها، ومجمعاتها التجارية. تشعر بأن أهل هيروشيما، المنتشرين في المطاعم والمقاهي، تجاوزوا تاريخهم الذي هزّ ضمائر البشرية، ودخلوا الحداثة فاتحين لا متسولين، وباتوا في مكان آخر غير الذي يتوافد السياح زرافات، من كل صوب، بحثاً عنه.
لكن مرشدتنا، تنبهنا منذ البدء، وهي تجول بنا في الحدائق العامة، أن مدينتها لم تركع للموت، ولم تبق حبيسة الأمس، وأنها تنظر إلى المستقبل، وبدل أن تندد وتبكي، نصبت أجراس السلام التي يأتي الزوار ليقرعوها ويلتقطوا الصور أمام ساحة النصب التذكاري الضخم لضحايا أول قنبلة نووية في تاريخ البشرية. صحيح أن ناغازاكي استهدفت بقنبلة ثانية بعد ثلاثة أيام فقط، لكن هيروشيما هي التي أصابتها الشهرة الأليمة؛ لأنه صادف وكانت الفاتحة الدموية بها.
يومها قتلت القنبلة ربع سكان هيروشيما على الفور، وبلمح البصر، وربعاً آخر بسبب آثار التسمم الإشعاعي والسرطان. لم يفهم الضحايا حينها ما حلّ بهم. أحد لم يكن على دراية بما رميت به المدينة. هم رأوا أجساداً تبخرت واختفت كلياً، تاركة رسماً شبحياً مكانها، شاهدوا جثثاً محترقة، وأخرى مختنقة، وجراح تنزف من جلود مهترئة لا يعرفون كيف يداوونها. تروي المرشدة وهي تقف مكان إلقاء القنبلة على جسر أيووي المشرف على نهر أوتا، أن القنبلة تسببت بدمار كامل امتد على مساحة قطرها يبلغ ميلاً، أما الخراب فامتد على مدى ميلين اثنين. يبحث الناجون عن ماء يشربون فلا يجدونه، أو طعام فلا يعثرون عليه. هرعوا إلى النهر، وأكلوا ما وجدوه أمامهم، فماتوا أيضاً من التلوث الإشعاعي، وما كان لهم به من دراية أو معرفة.
لم يصمد من عصف القنبلة التي سميت «ليتل بوي» أو «الصبي الصغير» ربما من باب السخرية أو الاستخفاف، سوى مبنى القبة الذي ترك للذكرى، بلونه الأسود المتفحم، وجدرانه المتهالكة. ومكان آخر، هو قبو أو غرفة صغيرة تحت الأرض، تقودنا إليها مرشدتنا، وقد أقيم فوقها مركز تجاري حديث يبيع الماركات الغربية ويعج بالمتسوقين. لكن السياح يدخلون هذا المجمع الأنيق عابرين إلى القبو، ليشاهدوا المكان الذي نزل إليه أحد الموظفين بالمصادفة لحظة إلقاء القنبلة بحثاً عن ورقة احتاج إليها زملاؤه أثناء اجتماع عمل، ماتوا جميعهم، وبقي هو بسبب وجوده في القبو.
ما عدا ذلك، هيروشيما تعيش كداعية سلام، يحجّ إليها نوع من السياح يقرأ التاريخ ويتعظ، يمقت العنف ويخشى الجنون. هناك أيضاً القلقون على البيئة والماقتون للأسلحة، كما الشباب الباحث عن آثار التاريخ الأسود للحروب. لهؤلاء وللتذكير بهمجية الاقتتال، وعبثيتها، أقيم «متحف السلام» الذي تعرض فيه شهادات، ومخلفات القنبلة المحترقة، وزجاجات ذابت بفعل الضغط، وساعة توقفت بيد صاحبها لحظة الانفجار، وصحف، وصور كثيرة مؤلمة. قد لا تكون مصادفة أن تلاحظ تشابهاً لا يمكن إنكاره، بين مشاهد هيروشيما بعد القصف النووي، ولقطات صور غزة المنتشرة اليوم. هذه مفارقة فظيعة، تجعلك تتوقف برهبة أمام المعروضات، وتقشعرّ من المقارنة المفزعة.
للأسف، بالتزامن مع ذكرى مرور ثمانية عقود على مأساة هيروشيما، وتدفق دعاة السلام على المدينة، مؤازرة لرسالتها ودعماً لصوتها، أعلنت أميركا عن تطوير قنبلة نووية جديدة، تفوق في قدرتها التدميرية 24 مرة قنبلة هيروشيما.
لا بل إن التحذيرات تتزايد من تصاعد سباق التسلح النووي، حيث تصل زنة بعض الرؤوس إلى ألف كيلوغرام. التقديرات أن روسيا بحوزتها أكثر من خمسة آلاف رأس، ولأميركا مثلها، وخمسمائة رأس على الأقل في الصين. يقال إن استخدام مائة رأس فقط، كفيل بأن يتسبب بشتاء نووي، يحيل سكان الأرض إلى جوعى لا يجدون بعده ما يقتاتون به. فما مدعاة تصنيع ما يمكنه تدمير الأرض مرات عدة؟
سباق التسلح النووي يشمل دولاً عديدة، بينها بريطانيا، وفرنسا، والهند، وباكستان، ولا ننسى إسرائيل التي سعت حتى قبل تأسيسها لحبك علاقات وثيقة مع فيزيائيين، بينهم أوبنهايمر «أبو القنبلة النووية» الأميركية، لتؤمن سلاحها الفتّاك. ومنذ ذلك الحين تزيد مخزونها بالسر، وتدعي أنها مهددة من جيرانها الذين يقاتلونها بالحجر والرشاش وصواريخ التحضير المنزلي.
هيروشيما ليست مجرد ذكرى، بل هي إنذار حي، ونموذج بدائي وصغير عما يمكن أن يحل بسكان الكوكب. لهذا غالباً إذا زرت المدينة، ستصادف جمعية الناجين من كارثة هيروشيما الـ«هيباكوشا»، ومنهم من لا يزالون أحياء يروون قصصهم.
كان حكيماً ورؤيوياً المهاتما غاندي، حين قال بعد أن علم بما حلّ بهيروشيما وناغازاكي من مقتلة: «ما لم يجنح العالم الآن إلى اللاعنف، فسوف يؤدي ذلك إلى انتحار مؤكد للبشرية». لكن الناس في أغلبهم لا يتّعظون.
أسعار الذهب ترتفع في السوق المحلية الثلاثاء
انخفاض أسعار النفط عن أعلى مستوياتها في أسبوعين
الأردن يرفض تسوية الاحتلال العقارية في الضفة الغربية
التربية تمدد اختيار المسار لطلبة التاسع لهذا الموعد
البنك الأوروبي: الاقتصاد الأردني يواصل الصمود رغم التحديات الإقليمية
نتنياهو يعترف: ندمر منازل غزة لردع عودة الفلسطينيين
شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي لشمال وجنوب غزة
33 شركة أردنية تشارك بمعرض سعودي فود 2025
الذهب مستقر قرب أدنى مستوياته لأسبوع واحد
التقرير المروري .. 3 حوادث تنتج عنها إصابات متفاوتة
فصل التيار الكهربائي عن مناطق بإربد الجمعة .. أسماء
قائمة الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة لدى حماس .. أسماء
مستويات الفوسفات المنخفضة قد تفسر ضعف الخصوبة
إجراءات حكومية مهمة بعد عيد الأضحى
إنجاز كبير .. بلدية أردنية بلا مديونية
بيان من النقابة بخصوص الحالة الصحية للفنان ربيع الشهاب
ارتفاع أسعار الأغنام الرومانية يربك الأردنيين قبيل العيد
مهم من التربية للطلبة في الصفين الثالث والثامن
تحويلات مرورية بتقاطع حيوي في عمّان اعتباراً من الجمعة
سعر الليمون يتصدر الأصناف بسوق عمان اليوم
منتخب عربي بمجموعة الأردن يضمن التأهل إلى كأس العالم
تحذيرات من موجة حر غير معتادة .. آخر مستجدات الطقس
متى تنتهي الموجة الحارة وتبدأ الأجواء اللطيفة
تطورات جديدة على موجة الحرّ المرتقبة .. تفاصيل
اقتراب تأهل النشامى الى كأس العالم يشعل منافسة الأندية
اكتشاف نيزك قمري نادر في وادي رم .. صور
اعتماد رخص القيادة الأردنية والإماراتية قيد البحث
قالت له إنها ذاهبة لأهلها .. أغرب طلاق بالأردن بسبب استقبال راغب علامة