أن توثق الحرب
من المعروف أنه بفضل التكنولوجيا الحديثة، وتوفر آلات التصوير في اليد، في شكل هاتف حيوي، وأيضا وجود منصات ضخمة للنشر من دون قيود أو شروط، لم يعد هناك شيء خاف على أحد.
فالحادث الجاذب أو المثير، الذي يحدث في البرازيل مثلا، يمكنك رؤيته خلال ثواني وأنت جالس في مقهى في بلد بعيد تماما عن البرازيل، والعطسة التي تعطسها ملكة جمال ما، وتخفض قليلا من رونقها، ستبتسم لها في نفس اللحظة وأنت في قارة أخرى، وحتى نظرات العيون التي قد تسقط بلا قصد على امرأة فاتنة، من نجم معروف أو رئيس دولة، وكانت في الماضي، لا ينتبه إليها أحد، باتت موثقة، ويمكنك رؤيتها والتعليق عليها بكل سهولة.
وقد قلت مرة أن الذين يحاولون قمع الثورات في بلدانهم، وتغذية السجون بالأبرياء، أو تنفيذ اغتيالات توصف بالسرية، إنما يحاولون حجب الضوء في جرار شفافة.
أقول ذلك بمناسبة الفيديوهات التي انتشرت كثيرا بعد تنظيف الخرطوم من المليشيا الضارة، التي خربت رونقها، وأعادتها خرطوما بدائية، متربة وقاحلة، وكئيبة الشوارع، بلا ماء ولا كهرباء ولا بشر، كانت الفيديوهات توثق لذلك الجدب وفي الوقت نفسه توثق لسلوك جديد تماما، انتهجه بعض الذين بقوا في الوطن، لم يبرحوه أيام الحرب، ومن تكرار ذلك، يبدو لك الأمر عاديا، مثلا الغدر بالجار وتنظيف بيته من الأثاث، الاعتداء على بنات الجيران اللائي كن في حكم الأخوات سابقا، وتجريدهن من طهارتهن، إتلاف كل ما يمكن إتلافه من أثاث وسيارات،سوى بأوامر من المليشيا، أو من دون أوامر، وكأن الأمر عدوى مبثوثة في الهواء، تصيب من تصيب.
كنت أتابع فيديو طويلا نسبيا، وهو عبارة عن لقاء أو تحقيق، أجراه أفراد من الجيش مع شاب من الذين عاثوا فسادا وتم اعتقالهم بعد تحرير الخرطوم، كان شابا نحيلا، في نحو الثلاثين،أو أكثر قليلا، بلا شارب ولا لحية، وينتمي لأسرة لا علاقة لها بالمليشيا، وأظنها من شمال السودان، حيث القبائل هناك لها تقاليدها الخاصة، وأدبيلتها وثقافتها البعيدة تماما عن ذلك الدمار.
هذا الشاب النحيل، وبمجرد أن قامت الحرب، وعمت الفوضى في البلد، وقرر البقاء في حيه، لم يكن يهدف لإغاثة ملهوف، ولا مد يد العون لأسرة بحاجة لعون، ولا حمل السلاح دفاعا عن الوطن المنتهك، كانت الفوضى مناسبة جدا وملهمة بالنسبة له كما قال، لادعاء الانتماء للمليشيا، وتحقيق مآرب شخصية كان يطمح إليها منذ فترة، أهما سرقة منزل جيرانهم الذين كانوا أثرياء إلى حد ما، وقد زار منزلهم مرارا وشاهد ما فيه من فخامة، واغتصاب جارة صغيرة حسناء، كانت تدرس في الجامعة، ولم تكن لتنظر إلى شاب متبطل، بلا مستقبل، يقضي يومه فغي الشارع. وهذا ما حدث بالفعل، فقد قدم نفسه لبعض قادة المليشيا واستلم سلاحا وشرا، وورغبة في انتهاك كل الأعراف، التي زاد عليها بجانب السرقة والاغتصاب، القتل، فقد قتل مواطنا رفض تسليمه مفاتيح سيارته، وقتل آخر كان على خلاف قديم معه..
هذه القصة التي ذكرتها وغيرها كثير جدا، موجودة في الإنترنت، وتم نشرها بواسطة أفراد إما حققوا مع أولئك المجرمين، أو حضروا التحقيق، وهو ما اعتبرته انتهاكا لخصوصية أفراد تعرضوا لمواقف مؤذية، فليس من المنطق أن تنشر في الإنترنت قصص فتيات تعرضن للاغتصاب بأسمائهن، وأماكن سكنهن، المفروض هنا أن يتم التحقيق ولا مانع أن يوثق، ولكن يحتفظ بالمواد في أماكن سرية، ولا يعرض على الملأ في شبكة عنكبوتية، تنقل الصرخة من مكان إلى مكان آخر في ثوان معدودة، كما ذكرت.
كان المحققون يبدون فخورين بأنفسهم، ويطالبون بالمزيد من الاعتراف بالجرم، والذين يحققون معهم، يبدون مستسلمين وهادئين ويعترفون بلا أي ضغط ظاهر، كأنما يئسوا أو ندموا وأرادوا العدالة للأبرياء الذين سحقوهم، أو لم يريوا شيئا، وارتكبوا ما ارتكبوه وانتهى الأمر.وأذكر أن أحدهم قال بأنه أعاد الذهب الذي سرقه من منزل امرأة يعرفها، إليها بعد أن هدأت الحرب في الخرطوم وعادت إلى بيتها، وحين سئل: هل هذ يقظة ضمير؟، قال: لا، أنا ليس لدي ضمير ليستيقظ.
طبعا معرف في علم النفس، أن الإجرام القوي، والقتلة المتسلسلين الموجودين في كل مكان ليسوا بشرا عاديين، إنهم كتل من عدم الشعور، وعدم الإدراك الأخلاقي، وليس لديهم أي مانع في قتل من يقع في أيديهم، ولقد شاهدنا في كثير من الأفلام، هؤلاء وهم يقتلون ويغتصبون بكل سهولة، ويذهب الواحد منهم إلى بيته بعد ذلك ليتناول عشاءه، وممكن جدا أن يكون أفراد كثيرون من المليشيات التي تغزو بلاد الناس وتنكل بأهلها، من هؤلاء السايكوباتيين، غير القابلين للإصلاح.
من ناحية أخرى، انتشرت في السودان إبان الحرب وحتى الآن ما يعرف بالتكايا، وهي أماكن لإيواء المتضررين وخدمتهم بتقديم ما تيسر من الغذاء والدواء، وهذه يعمل فيها ناشطون لا علاقة لهم بالحكومات ولا الأحزاب، وإنما يحملون ضمائر عظيمة، وفيهم صلابة ولا يهم لو عاشوا أو ماتوا، ما دامورا يقدمون العون للآخرين، وكانت تكية الشيخ الأمين في أمدرمان، تقدم كل ذلك، برغم المضايقات العديدة، وفيها جزء لعلاج الإصابات الناجمة عن الحرب، وظل الأمين مرابطا فيها ربما أكثر من عام، وأظنها ما تزال تعمل بالرغم من أنه خرج، أيضا هناك ناشطون شباب، يوصلون الأدوية المنقذة للحياة للناس في أماكن وجودهم، ومنهم مؤمن ود زينب، الذي يعرفه كل من احتاج إلى خدمة طبية، في تلك الأيام المعتمة.
عموما، الحروب ليست مواد طيبة لتفتخر بها أي أمة من الأمم، وليست أمرا لا يمكن تجنبه، فقط ليكن ثمة عقل، قبل أن يقرر أحد ما، إطلاق شرارة لحرب قد تنتهي بإتلاف وطنه كله، وقد لا تنتهي حتى بعد أن يتلف الوطن.
كاتب سوداني
التربية: امتحان الثانوية العامة يوم 26 حزيران في موعده
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي .. فيديو
صفارات الإنذار تدوي في النقب وبئر السبع وديمونا
ترمب: نعرف تماما أين يختبئ المرشد الأعلى خامنئي في إيران
إطلاق صفارات الإنذار في الأردن إيذانا بانتهاء فترات الإنذار
هواوي تطور هاتف بذاكرة 20 جيجابايت
مصادرة 800 موقع احتيالي في ألمانيا
للأردنيين .. عطلة يوم الـ ٢٦ من حزيران
مدرسة رقمية لتعليم الروبوتات في الصين
انفجارات بطهران والدفاعات الإيرانية تتصدى لهجوم إسرائيلي
سامسونغ تتحدى كوالكوم بمعالج يدعم الأقمار الصناعية
فاعليات البلقاء تشيد بحكمة الملك في تناول القضايا السياسية والإنسانية
الملك والملكة يصلان إلى الملعب لمؤازرة النشامى
التربية تفصل سبعة موظفين لتغيبهم المتكرر .. أسماء
إلغاء وتعليق رحلات إلى الأردن والمنطقة .. تفاصيل
احتيال بصوتك: بنوك أردنية تحذر
رحيل أربعة من رجال الأمن العام
عيسى تحت الأنقاض وبيان رسمي من عشيرة الطعمات بإربد
المجالي إلى التقاعد والخصاونة أميناً عاماً للدستورية
ارتفاع جديد بأسعار الذهب محلياً اليوم
الليمون يسجل أعلى سعر في السوق المركزي الإثنين
سقوط بقايا صاروخ في أرض خالية ببيت رأس – إربد .. فيديو
شابة إسرائيلية تتعرى بالطريق احتجاجاً على الحرب .. فيديو
هزات عنيفة في الأردن إثر قصف إيراني مكثف على تل أبيب .. فيديو
حدث خطير في تل ابيب وأنباء عن استهداف مبنى الموساد ومقتل قيادات .. فيديو