إيران من اوهام الهيمنة إلى فرصة المصالحة
لقد أُوقفت الحرب، لكنها لم تنتهِ. هذا هو العنوان الحقيقي للمشهد الراهن بين إيران وإسرائيل، بعد اثني عشر يومًا من نيران الصواريخ والانفجارات والخسائر البشرية والعسكرية المتبادلة. انتهت الجولة، لكن الصراع مستمر، ليس لأن أحد الطرفين لم يحقق أهدافه فحسب، بل لأن جذور هذا الصراع ليست عسكرية فقط، بل أيديولوجية، ممتدة في بنية الطرفين.
إيران اليوم تقف على مفترق طرق خطير ومصيري في ذات الوقت. فإما أن تراجع سياساتها وتُعيد النظر في أولوياتها الإقليمية، أو تستمر في نهج المواجهة والتمدد الذي لم يجلب لها سوى العقوبات، العزلة، والاستنزاف الداخلي. فالقوة وحدها لم تعد كافية لضمان بقاء الأنظمة، ولا الصواريخ تضمن الاحترام، بل الحكمة، والتوازن، والعدالة، والتنمية، والديمقراطية، هي مفاتيح الشرعية والاستقرار الحقيقي.
الضربات التي تلقتها إيران مؤخرًا كانت موجعة؛ تدمير جزئي لمنشآت نووية، خسائر في صفوف الحرس الثوري، وتعطيل شبه دائم لقدرات وكلائها في المنطقة. ومع ذلك، لم تنكسر. النظام لا يزال قائمًا، يُعلن التحدي، ويُرسل الرسائل عبر الإعلام والسلوك الدبلوماسي. لكن البقاء ليس نصرًا، والاستمرار في العناد ليس قوة. ما تحتاجه إيران اليوم ليس مزيدًا من الشعارات الثورية، بل مراجعة عميقة لمشروعها في المنطقة، الذي أثبت فشله على أكثر من صعيد.
منذ عام 1979، تبنّى النظام الإيراني خطابًا ثوريًا يجعل من العرب إما أدوات أو ساحات لتصفية الحساب مع "الشيطان الأكبر" و"العدو الصهيوني". وفي سبيل هذه العقيدة، دعمت طهران ميليشيات مسلحة، وأشعلت نزاعات داخلية، وزرعت الفتن الطائفية، من لبنان إلى اليمن، ومن سوريا إلى العراق. هذا المشروع لم يجلب للعرب إلا الدمار، ولم يُنتج لإيران سوى الكراهية والمزيد من الأعداء. فالأمة العربية ليست فراغًا جيوسياسيًا، ولا امتدادًا طبيعيًا لثورة غير عربية، بل هي أمة ذات تاريخ وكرامة وسيادة ترفض الوصاية من أي كان.
ولم تقف معاناة العرب عند حدود التدخل الخارجي، بل امتدت إلى الداخل الإيراني نفسه، حيث تُعاني القوميات غير الفارسية من تمييز واضح وممنهج،إن معاناة الأهوازيين، ومعهم الأكراد والبلوش والتركمان، ليست تفصيلًا داخليًا، بل مرآة حقيقية لطبيعة النظام، الذي يُخنق فيه التنوع، ويُعاقب فيه الانتماء القومي إن لم يكن فارسياً.
عرب الأهواز، الذين يُقدّر عددهم بين 10 و14 مليون نسمة، هم السكان الأصليون لإقليم خوزستان الغني بالنفط جنوب غرب إيران. رغم ثروات الإقليم، يعاني العرب من تهميش ممنهج، يشمل حرمانًا ثقافيًا ولغويًا، فقرًا واسعًا، وبطالة مرتفعة، إضافة إلى قمع سياسي واعتقالات تعسفية بحق النشطاء. تُصادر أراضيهم ويُمنعون من التعليم بلغتهم، بينما تُفرض عليهم سياسات "تفريس" واضحة. الخلاصة: يواجه عرب الأهواز تمييزًا عنصريًا وهيكليًا يهدد هويتهم وحقوقهم كمواطنين في وطنهم. وفي ظل هذا الواقع القاسي، تبقى معاناة عرب الأهواز جرحًا مفتوحًا في جسد إيران متعدد الأعراق. إن استمرار هذا النهج القائم على التهميش والقمع لا يهدد فقط استقرار الإقليم، بل يُضعف من تماسك الدولة الإيرانية نفسها. فبقاء أي نظام مرهون بعدالته في التعامل مع كل مكوناته، واحترامه للتنوع الثقافي واللغوي، لا بفرض هوية واحدة بالقوة.
المطلوب اليوم من القيادة الإيرانية ليس فقط الاعتراف العلني بوجود هذه القوميات العريقة، بل اتخاذ خطوات جادة تضمن لهم حقوقهم في التعليم بلغتهم، والمشاركة السياسية، والتنمية العادلة. وما لم يتحقق ذلك، فإن دعوات الاندماج ستبقى فارغة، والاحتقان سيتحوّل إلى انفجار محتوم. إن عرب الأهواز وغيرهم من القوميات لا يطالبون بالانفصال، بل بالكرامة. يريدون أن يكونوا جزءًا من إيران... لكن بإرادتهم، وبهويتهم، وحقوقهم المصونة.
في خضم هذا التوتر، يجب أن نقول بصدق وبوضوح: نحن لا نريد لإيران أن تنهار، ولا نُسرّ بآلام شعبها. بل نُدرك أن الشعب الإيراني بكافة قومياته يستحق حياة أفضل، ونظامًا يُنفق موارده على التعليم والصحة، لا على أجهزة القمع والسجون. ولكن هذا التعاطف لا يمكن أن يستمر دون شروط واضحة: أولها أن تكفّ طهران عن التدخل في شؤون العرب، وثانيها أن تتخلى عن وهم "تصدير الثورة" الذي عفا عليه الزمن، وثالثها أن تتحوّل من قوة مُهدِّدة إلى شريك في الاستقرار الإقليمي.
ربما تكون الحرب الأخيرة "تحذيرًا" لا "عقابًا". فالعالم بدأ يُدرك أن السياسة الإيرانية القديمة لم تعد قابلة للاستمرار، وأن لغة العنف لم تعد تجلب نفوذًا، بل تخلق تحالفات مضادة. والكرة الآن في ملعب صناع القرار في طهران. هل يختارون التصعيد والمواجهة؟ أم يبادرون إلى مصالحة تاريخية، داخلية وخارجية، تُعيد تعريف دور إيران في المنطقة والعالم؟
وحده تغيير جذري في سياسة إيران الداخلية والخارجية، هو الذي يمكن أن يكسر دائرة المواجهة. إيران تمتلك من العقول، والموارد، والموقع ما يؤهلها لتكون قوة محترمة، لكن شريطة أن تُغيّر من رؤيتها لنفسها وللمنطقة. فما لم تُراجع طهران أولوياتها، فإنها ستجد نفسها تدريجيًا محاصرة من كل الاتجاهات: داخليًا عبر غضب شعبي لا يهدأ، وخارجيًا عبر تحالفات تتشكل لمواجهتها لا لمهادنتها.
في هذا الشرق الأوسط المشتعل، لا أحد يمكنه أن ينتصر وحده، ولا يمكن لأي قوة، مهما عظمت، أن تستمر بالاعتماد على القوة وحدها. المطلوب اليوم من إيران أن تُصغي لصوت العقل، وتتجاوز منطق الثورة إلى منطق الدولة. وإن فعلت، فستجد العرب – شعوبًا ونُخَبًا وقادة – ليسوا خصومًا، بل جيرانًا يبحثون عن الاستقرار، ومستعدين لفتح صفحة جديدة، إذا طُويت صفحات التدخل والهيمنة والعداء للعرب.
الاضطرابات السلوكية: الأنواع الأسباب وطرق العلاج
الحوثيون لإسرائيل: تنتظركم أيام سوداوية
7 ميداليات ملونة لمنتخبنا الوطني للباركور بالبطولة العربية
اختتام مهرجان الزرقاء للثقافة والفنون
بالبكاء والدموع .. استقبال هستيري للشامي في العقبة .. صور
اللجنة الوزارية تدعو أمريكا لإعادة النظر بقرار تأشيرات الوفد الفلسطيني
الترخيص المتنقل في الأزرق بهذا الموعد
تعادل السلط والبقعة ببطولة الدرع
القطاع الصحي يناقش البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي
طرح 316 رقمًا من الأرقام الثلاثية ترميز واحد للبيع الأحد
المصري يتفقد بلديات الأغوار الوسطى
أنباء أولية عن اغتيال أبو عبيدة
دعوة لمواطنين بتسديد مستحقات مالية مترتبة عليهم
التربية تحدد مواعيد الدورات التكميلية لجيل 2008
آلية احتساب معدل التوجيهي جيل 2008
آلاف الأردنيين مدعوون للامتحان التنافسي .. أسماء
تفاصيل مقتل النائب السابق أبو سويلم ونجله
قرار بتركيب أنظمة خلايا شمسيَّة لـ1000 منزل .. تفاصيل
تنقلات في وزارة الصحة .. أسماء
عمّان: انفجار يتسبب بانهيار أجزاء من منزل وتضرر مركبات .. بيان أمني
رسمياً .. قبول 38131 طالباً وطالبة بالجامعات الرسمية
وظائف حكومية شاغرة ودعوة للامتحان التنافسي
النواب يبحثون إنهاء عقود شراء الخدمات الحكومية
الأردن يبدأ تطبيق الطرق المدفوعة نهاية 2025