قاتلهم الله

mainThumb

26-07-2025 06:40 PM

قاتلهم الله، ما أقسى قلوبًا سكنت أجسادًا بشرية! يتجاهلون الحق وهم يعلمون، ويُقصون أهل الكفاءة وهم مُدركون. لا نسألهم منّةً، ولا نرجو فضلًا، بل نطالب بحقٍّ كفلته القوانين، وفرضته القيم، وأوجبه العدل. وأسفاه على مؤسسات وطني يُقصي فيها المخلصين ويُكرم الفاسدين، وضاع فيه الصوت الحرّ تحت وطأة الواسطة، وتهاوى فيه ميزان الإنصاف أمام حفنة من المنتفعين. لقد بلغ الظلم مداه، وبلغ السيل الزُّبَى، فهل من مُنصِف يسمع؟!
قاتلهم الله… ما أشدّ وقاحتهم! يسرقون المناصب سرقةً عيانًا، ويدوسون الكفاءة بالأقدام، كأنّ الشهادات أوراق تافهة، وكأنّ الجدارة لعنة. يُقصى أصحاب العقول، ويُصفّق للجاهل إن حمل لقبًا مدعومًا من واسطة. لا عدالة في وطنٍ تعلو فيه الأسماء المقرّبة وتسقط فيه الأسماء النبيلة. لا كرامة في أرضٍ يعلو فيها الصوت الزائف ويُخرس فيها صوت الحق. لقد تعفّن ميزان الإنصاف، وتمزّق وجه العدالة، وساد منطق: "من لا يملك، يُقصى… ومن يتملّق، يُرقّى". فبأي وجه تُقابلون الله؟!
"أيُعقَل أن يُعلِنوا عن شواغرٍ يعلم الجميع مسبقًا مَن سيتقلدها؟! أيُعقَل أن تُنشر إعلانات الوظائف كتمثيلية ركيكة لا يقنع بها حتى من صاغها؟! يزعمون النزاهة، ويتشدقون بالعدالة، ثم إذا نظرنا إلى النتيجة وجدنا أن الاسم قد كُتب في الخفاء قبل أن يُفتح باب التقديم! كأنهم يستهزئون بعقول الناس، يفتحون أبواب الأمل صوريًّا، ويغلقونها عمليًّا أمام كل صاحب كفاءة لا سند له سوى علمه. فبأي وجه يدّعون الحياد؟ وبأي منطق يُدار وطنٌ تُوزَّع فيه المناصب كالغنائم، لا كاستحقاقات؟!"
"أي مهزلة هذه التي تُسمّى إعلانًا عن وظيفة، وهم قد خطّوا الاسم سلفًا في الظل، وباركته الأيدي الخفيّة قبل أن يُفتح باب التقديم؟! أيريدون منا أن نُمثّل دور المتقدّم، وهم قد اختاروا المعيَّن؟! يُنفقون على نشر الإعلان، ويستنزفون وقت اللجان، ويستقبلون طلبات لا يقرؤونها، كل ذلك ذرٌّ للرماد في العيون، وتجميلٌ قبيح لوجهٍ يعرف القبح طريقه منذ زمن. أيُعقَل أن يُدار وطنٌ بهذه الخفّة، وكأنّ الكفاءة جريمة، والاستحقاق تهمة؟! لقد صدئت معاييرهم، وتعفّن ضمير مؤسساتهم، وأصبح الظلم مؤسّسًا لا طارئًا. فبئس عدلٌ يُباع ويُشترى، وبئس مناصبَ لا يرقى إليها إلا من حاز مفتاحها في المجالس لا في المحافل العلمية!"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد