القرآن وقاية من الكبر

mainThumb

27-07-2025 12:06 AM

ثقافة الكبر مرض، بل جائحة سريعة الانتشار، إذا لم يتم اتقاؤها وعلاجها من خلال القرآن، وذاك أن القرآن شفاء للأذهان من الزور والبهتان ،ومن الكبر والطغيان ،ومن الإثم والعدوان، هذا هو المذكور في الكتاب المسطور الذي هو نور النور { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين }[ آية 57 يونس] .
ومن أعظم دلائل الكبر هو المجادلة بالباطل ،قال تعالى : {(ٱلَّذِینَ یُجَادِلُونَ فِیۤ ءَایَاتِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ كَذَٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)[سورة غافر 35] }
تعريف الكبر :
( الكبر في أبسط معانيه هو تضخيم الذات بحيث لا تحب إلا نفسها، ولا شك أن ذات الإنسان مقارنة بمن حولها لا شيء، يقول الله تعالى في سورة البقرة: [ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)].
فالكبيرة هنا هي النفس وهي التي تمتلئ بثقافة الكبر، فلا ترى حتى الله ـ نعوذ بالله من ذلك، فالصلاة والصبر هما سلاح المؤمن ضد نفسه التي قد تجعله يرى ما يصدر عن غيره من خبث ،أو ما قد يتخيلونه فيه الآخرون ويقولونه عنه من نقد، جريمة وإثم، ولا يرى ما فيه من هذ الخبث، والذي تكون العلاقة بين ما في غيره وما فيه من خبث، كالعلاقة بين البعوض والجمل، وما بين القشة والخشب.
وإذا كان الكبر شيء ممقوت من الله ورسوله ، فإنه كذلك ممقوت من قبل البشر عبر التاريخ، مهما اختلفت ثقافتهم، إلا أن الشيطان يزين بعضه على بعض الناس والأمم، إما من خلال استغىلال الجهل، أو الحمية ،أوالقومية والعرقية، أو الانجاز الحضاري، أو الشعور بالنقص، أو الشعور بالظلم، أو غير ذلك من المداخل.
- أفظع الكبر هو الذي يأتي من خلال الدين ومن أجله، فهذا النوع يعد تكبراً على الله وعلى الناس وعلى الحياة، وبالتالي فإنه من أبشع وأعقد أنواع الكبر، ومن خصائص هذا الكبر أنه يظهر الزهد والتواضع ويبطن الكبر والترفع على الناس.)[ 1]
التكذيب بآيات القرآن من أعظم التكبر :
قال تعالى : إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين }[أية 40 الأعراف ] ،فمن كان من المتكبرين، فإنه لا يهتدي ولا يؤمن، وبالتالي لا تفتح له أبواب السماء ،ولا حياة له طيبة لا في الدنيا ولا في الآخرة، والمثال البارز على ذلك هو حياة الشيطان في الدنيا والآخرة، فإنه مذموم من الله ومن الناس.
قال تعالى ( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم ) [ آية 7 سورة لقمان ]، ذلك هو المصير المخزي والمذل للظالمين الذين كفروا بالقرآن ،ويعد الكبر من أعظم أسباب الكفر قال تعالى :{ قال الذين استكبروا إن بالذي آمنتم به كافرون } [ آية 76 الاعراف ] لأن المتكبر لا يقبل بالحق ،ولا شك أن الكبر قد تعمق بين الناس في العالم العربي والإسلامي، ومن اللافت للنظر أن ما يعانيه هؤلاء هو الكبر الديني الذي هو أبشع وأقبح أنواع الكبر،والدليل على ذلك أن الكبر قد تسبب بظهور الأنانية والتعصب، وأكبر دليل على ذلك هذا الاقتتال والتشرذم بين الدول العربية ،وعدم الاستقرار وتامر بعضهم على بعض ،ومع ذلك نجد حكام هذه الدول يرفعون أنفسهم إلى مستوى عال، وينسبون لأنفسهم أعظم الألقاب ،وهم في حقيقة الامر مسخرة في نظر حكام العالم، ومكروهون من شعوبهم وشعوب العالم، ولم يقتصر انتشار الكبر على طائفة المتنفذين، بل تعداهم الى الطوائف الدينية ،وهو كبر خفي بثوب ديني، ما تسبب بتغذية التعصب والأنانية بين أتباع هذه الطوائف، فمن كان من هذه الطائفة لا يقبل من غيرها، ولوكان الحق مع غير طاىفته، وإذا رأى هذا العالم من هو أعلم منه من غير طائفته، وإن كان الحق معه لا يقبل به ولا يأخذ بقوله، ولا يقر بأفضليته، والأخطر من ذلك حين تبرر كل طائفة لنفسها قتل اتباع الطائفة الاخرى باسم الدين، ومن أجله، فإذا تكبر عالم الدين على من دونه بعلمه، والعابد على من هو أقل منه عبودية ورأوا لأنفسهم فضلا على غيرهم فقد بطل عملهم لأن من رفع نفسه لم يزكها ، هذا المرض لا يجتثه إلا القرآن، نسأل الله أن يخارجنا من هذا الكبر، ويعرفنا بعيوب أنفسنا ،ولا يقدر على ذلك إلا الله.
* من أنواع الكبر وصوره
الأول : كبر إبليس وهو أشد أنواع الكبر، وكل الأنواع الأخرى تستمد منه ،وتعتمد عليه ،قال تعالى :(وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ)[سورة البقرة 34]
فعندما قرر الله ان يخرج آدم، وبالتالي ذريته الى هذه الحياة، فإنه قد حذره من الشيطان الذي لم يحترم حق الله ،ولا حق آدم مقابل حقه المزعوم، وما ذلك إلا بسبب الكبر، فان هناك من البشر، اي من أبناء آدم لم يرغبوا أن يدركوا ذلك ،وأرادوا أن يتقمصوا دور الشيطان لا دور ابيهم آدم الذي تاب واعترف بذنبه ولم يعد إليه.
يقول الله تعالى في سورة الاعراف: [سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)].
يقول الله تعالى في سورة ابرهيم: [ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)].
الثاني : هو تكبر فرعون فقد اجتمع بيد فرعون السلطة الدينية والسياسية ما جعله يتكبر، ولقد تعددت قصة فرعون مع موسى ،وكلما جاءته آية طلب أختها قال تعالى : (ثُمَّ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَـٰرُونَ بِآَياٰتِنَا وَسُلۡطَـٰنٍ مُّبِینٍ ۝ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِی۟هِۦ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوۡمًا عَالِینَ ۝ فَقَالُوۤا۟ أَنُؤۡمِنُ لِبَشَرَیۡنِ مِثۡلِنَا وَقَوۡمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ۝ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا۟ مِنَ ٱلۡمُهۡلَكِینَ)[سورة المؤمنون 45 - 48] وكذلك قال تعالى (وَٱسۡتَكۡبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُمۡ إِلَیۡنَا لَا یُرۡجَعُونَ)[سورة القصص 39]
وكذلك قال تعالى :( وَقَالَ مُوسَىٰۤ إِنِّی عُذۡتُ بِرَبِّی وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا یُؤۡمِنُ بِیَوۡمِ ٱلۡحِسَابِ) [سورة غافر 26 - 27]
ومن النوعين الأولين تتفرع الأنواع الأخرى
الثالث : العنصرية أو الشعور بالنقص ومثال ذلك ( تكبر بني إسرائيل وعلوهم وفسادهم في الأرض .)
قال تعالى : (وَقَضَیۡنَاۤ إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَٰۤءِیلَ فِی ٱلۡكِتَاٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَیۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوًّا كَبِیرًا)[سورة الإسراء 4]
وهنا نقطة مهمة ينبغي توضيحها وهي بأن الله لم يقض قضاء محتوما، ولا أمرا محكوما، فالله لا يرضى الفساد ،ولا يريد ظلما للعباد ،وإنما قضاء معلوما ،فكل ما عمله العباد ويعملونه في الدنيا والأخرة ،وكل أحوالهم وسكناتهم وأرزاقهم في الدنيا والأخرة، فكل أعمالهم الحاضرة والمستقبلة مكشوفة لله، في حكم الله محكوم عليها ،وفي علمه منظور إليها ،ما خرجت عما حكم بحرف ،ولا نافت عما علم بوصف، ودلالة اللفظ :" وَقَضَیۡنَاۤ إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَٰۤءِیلَ " الله أخبرهم بتلك الوقائع ،ولعلى الحكمة هنا من اخبارهم بحسب اعتقادي فيها تلميح، يراد منه الرد على دعوتهم ،بأن الله قد تحيز إلى جانب فرعون وأعطاه من الأموال والقوة حتى مارس أشد أنواع الظلم عليهم، فرد الله عليهم أنه قد علم بأن بني إسرائيل سيمارسون ما كان يمارسه فرعون وأشد، ومع ذلك سينقذهم من فرعون ،وينبههم إلى هذا الجرم الذي نهى الله عنه في التوراة والإنجيل والقرآن، وكانوا أشد استنكارا ،ثم قد علم الله انهم سيكونون أشد الناس استحسانا له ويفعلونه بحق غيرهم، بل ويبررونه، وأنه سيتعامل معهم مثل ما تعامل مع فرعون ،وسيهلكهم بعد تكبرهم، وفي الآية إشارة للعالم كله أن يستنكروا هذا القبح الذي نبه الله العالم من خطره ووجوده، كما أخبر الله عن خطر عداوة الشيطان ودسائسه على بني آدم قبل حدوثها على آدام وابنائه، وكذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب وحذر من الوقوع في شباكه، ونفس الشيء هنا فمن لم يعاصرهم يوصي من بعده ، وإن هم عاصروه يقفوا ضد هذا الإجرام والفساد والتكبر الذي علم الله بحدوثه وأخبرنا بحقيقة وقوعه من بني إسرائيل.
فأين عقولكم أيها العرب !؟ وأين عقولكم يا مسلمون !؟ وأين عقولكم يا عالم !؟
وهذه شهادة على بني إسرائيل من التاريخ يقول أحد رواد الفلسفة والسياسة " توماس باين " :
"ظهرت حكومات الملوك لأول مرة على يد الوثنيين، ومنهم أخذ علماء بني اسرائيل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎدة ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻫﻮ أﻛﺜﺮاختراعات اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻧﺠﺎﺣًﺎ ﰲ ﺗﺮوﻳﺞ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،يجل اﻟﻮﺛﻨﻴﻮن ﻣﻠﻮﻛﻬﻢ المتوفين ﺗﺒﺠﻴﻼ رفعهم إلى مقام الآلهة ،وأضاف المسيحيون ﺑﻌﺾ التحسينات ﻋلى ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎدة؛ ﻓﻔﻌﻞ المثل ﻣﻊ ﻣﻠﻮﻛﻪ اﻷﺣﻴﺎء.وﻛﻢ ﻳﻜﻮن ﻟﻘﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻼﻟﺔ المقدس معبرا ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻮق واﻹﻟﺤﺎد قولهم صاحب الجلالة المقدس المعظم، وكم هو معيب إضفاء هذه الصفة لبشر، وإذا ﺧﻠﻌﻨﺎ عنه تلك الزينة اللاهية المزخرفة ،عاد إلى صفة الطين و ﺗﺘﺤﻠﻞ إﱃ ﺗﺮاب ﰲ الدودة ،وكل تلك التبجيلات صنعها لهم البشر"
يجب أن تجتث ثقافة القرآن ثقافة التكبر الإسرائيلي الذي يبرر هذا التوحش والقتل ضد الفلسطينيين، وبصورة خاصة ،باعتبار هذا النوع من التكبر هو الأخطر والأعظم على مستوى العالم وعلى مستوى التاريخ، لا يسمح الله بحدوثه إلا بصورة نادرة، - ولم يعد وقوعه مجرد إيمان وإنما نحن نعاصره ونشاهده، وتكاد القلوب أن تتفطر، والأكباد تتفتت كمدا وحزنا، وانقطعت الحيل إلا من الله ،و الرجاء إلا بالله :اللهم كما أدخلت ذلك في علمك، فادخله في لطيف لطفك ورحمتك ورأفتك وعطفك ،فقد نزل بأهل فلسطين من البلاء ما لا يدفعه إلا أنت - ، وإن كان اجتثاث هذا النوع من الكبر، يكون بثقافة القرآن ولا يقتصر على فئة دون أخرى ،سواء على المستوى الفردي ،أو الأسري، او الجماعي، الا أن اجتثاثه يحتاج الى تكاتف العالم كله، باعتبار أن العالم وطن للإنسان والحفاظ على السلم والحياة مطلب كل إنسان ،وبصورة أكيدة وخاصة يتوجب الإرادة الجمعية من العرب والمسلمين، فإن هم
تقاعسوا عن هذا الواجب، فمن العبث أن يطالبوا غيرهم بالقيام به ،وفي حالة قيامهم بهذا الواجب، ينبغي أن تكون العلاقة بين العرب ، والدول الأخرى قائمة على مدى احترام الحقوق الإنسانية، وبصورة خاصة ومعلومة تتوقف علاقة العرب بالعالم على مدى التزام العالم بالوقوف ضد التكبر والفساد والعلو في الأرض الذي تمارسه إسرائيل، وموقفهم من الحق الفلسطيني الثابت - وهذا ممكن لأن العرب لا يستطيعون أن يستغنوا عن العالم ،ونفس الشيء العالم لا يستطيع أن يستغني عن العرب والمسلمين - ،دون الخوف من تهديد إسرائيل لهم، بأن من يتخذ مثل هذا الموقف إنما هو يعيد للأذهان معاداة السامية ،ومعاداة اليهود، هذا تحريف وتزوير للحقائق ،فالعرب والمسلمون وكل عاقل في العالم يجرمون الظلم الذي مارسه ضدهم ،فرعون ،وهتلار، وبنفس الوقت وبنفس القوة يجب تجريم إسرائيل ،فتجريم إسرائيل لممارسته التوحش والظلم والطغيان ، ويجب أن يكون مفهوما ومعلوما أننا كعرب ومسلمين لا نرضى ممارسة هذا الظلم ضدهم، أو ضد غيرهم، فحين يكونون مظلومين فيجب علينا أن نتعهد ومنذ اليوم، الوقوف بجانبهم لدفع الظلم عنهم بحسب الطاقة ،وهنا نجتث ثقافة الكذب والمغالطات التي تستخدمها اسرائيل، واقتناصها بعض التصريحات من هنا وهناك .
الرابع : المتكبر يبالغ في تقدير حقه ،ويستخف بحق الآخرين .
المتكبر حين يختلف مع الأخرين ،لا يرى أنه يلزمه أن يقدم أي مبرر على ما يقوله ويفعله ،بل يرى انه إن امر أو نهى وجب طاعته ،ولا يسلم بأن عليه أن يقدم حججا اقناعية، حتى يقبل بها الناس عن طواعية، أو يردوها ،وإنما يعتقد أن على الناس ان يطيعوا ولا يناقشوا ، فبمجرد مطالبته بذلك يعتبرها هيانة له ،أما إذا كان العكس ،فعلى الآخرين ألا يحاورونه إلا بموافقة مسبقة منه ويكون لديهم حجة قوية، وحين تقدم له تلك الحجج الكبرى يطلب ما لا يطاق ،فهو يرى نفسه بشرا فوق البشر ،يضخم حقه المزعوم، ويستخف بحق الآخرين وحججهم ،قال تعالى :(وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن یُؤۡمِنُوۤا۟ إِذۡ جَاۤءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا) [سورة الإسراء 94] وقال تعالى :{ وَقَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا ٱلۡمَلَاىِٕكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوًّا كَبِیرًا ۝ یَوۡمَ یَرَوۡنَ ٱلۡمَلَاىِٕكَةَ لَا بُشۡرَىٰ یَوۡمَىِٕذٍ لِّلۡمُجۡرِمِینَ وَیَقُولُونَ حِجۡرًا مَّحۡجُورًا)
وكذلك المتكبر يكثر من الوعود ويسرف فيها، ثم إذا جاء وقت الوفاء بها كان أولا المتنصلين عنها .
ومع ذلك فان من اتخذوا المتكبرين أولياء يستمرون في تصديقهم واتباههم والدفاع عنهم "حكمة بالغة فما تغني النذر."
هوامش :
انظر اجتثاث ثقافة الكبر سيف العسلي وكالة خبر تأملات رمضانية في القرآن (9 ( ]



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد