دماء الصحفيين في غزة… شاهد جديد على إرهاب الكيان الصهيوني

mainThumb

11-08-2025 10:22 PM

مرة تلو الأخرى، يثبت الكيان الصهيوني الإرهابي أن جرائمه لا تعرف حدودًا، وأن يديه الملطختين بدماء الأبرياء لا تتردد في اغتيال الحقيقة نفسها، عبر استهداف الكلمة الحرة وأصحاب الضمائر الحية. وفي جريمة جديدة تهز الضمير الإنساني، أقدم ما يسمى بـ"جيش الدفاع الإسرائيلي" على قصف خيمة صحفيين كانوا يقومون بعملهم الإنساني والمهني في توثيق جرائم هذا الكيان، فسقط الصحفي أنس الشريف ورفاقه شهداء وهم يمارسون واجبهم المقدس: نقل الحقيقة للعالم.

هذه الجريمة ليست معزولة، بل هي حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الاعتداءات الممنهجة على الصحفيين في فلسطين، والتي أسفرت منذ بدء العدوان الحالي عن استشهاد أكثر من 242 صحفيًا، في استهداف مباشر ومقصود يهدف إلى طمس الحقائق ومنع العالم من رؤية الوجه الحقيقي لهذا الكيان، الذي يسوّق نفسه زيفًا على أنه "الديمقراطية الوحيدة في المنطقة"، بينما هو في الحقيقة أكثر أنظمة الإرهاب دمويّةً وعنصريةً في العصر الحديث.

المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير، إيرين خان، وصفت استهداف الصحفيين بأنه محاولة لـ"قتل الحقيقة"، مؤكدة أن الشهيد أنس الشريف كان نموذجًا للصحفي الشجاع الذي لم يرهبه الخطر ولم تمنعه التهديدات المباشرة من أداء رسالته. لكن كلمات الإدانة لم تعد تكفي، فقد سبق أن حذرت خان والمؤسسات الحقوقية من هذا النهج الدموي، ومع ذلك يواصل جيش الاحتلال استهدافه المنهجي للصحفيين، غير آبه بالقوانين الدولية أو بقرارات المجتمع الدولي.

إن ما جرى ليس مجرد قصف لخيمة أو اغتيال لصحفيين، بل هو رسالة رعب إلى كل من يجرؤ على فضح جرائم الاحتلال، ورسالة استعلاء مقيت للعالم بأسره مفادها أن القوة فوق القانون، وأن الدم الفلسطيني — حتى دم الصحفي — لا يساوي شيئًا في نظر منظومة الاستعمار الحديثة.

في جنازة مهيبة حضرها العشرات من الصحفيين المحليين والدوليين وعائلات الشهداء، حمل الفلسطينيون نعوش ستة من فرسان الكلمة، قتلوا في لحظة واحدة، بينما كانوا قريبين من مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة يوثقون أثر الغارات على المدنيين. دموع الزملاء، وصرخات الأمهات، وصمت العدسات التي رحلت بأصحابها، جميعها كانت مشهدًا يلخص وحشية هذا الكيان، ويكشف أن المعركة في غزة ليست فقط معركة أرض، بل معركة ذاكرة وحقيقة وحرية.

إن استهداف الصحفيين في غزة جريمة حرب مكتملة الأركان، ووصمة عار في جبين كل من يتغاضى عنها أو يبررها أو يلتزم الصمت حيالها. فالكيان الصهيوني الإرهابي، ومعه داعموه من القوى التي قامت على أنقاض شعوب أُبيدت كالشعب الأمريكي الأصلي، يشتركون في ثقافة الدم والبطش والهيمنة، ولا يتورعون عن إعادة إنتاج هذه الثقافة في كل مكان تطاله أيديهم.

وإذا كان العالم اليوم يشاهد غزة وهي تحترق، فإن التاريخ سيسجل أسماء القتلة وأسماء من صمتوا، وسيبقى دم أنس الشريف ورفاقه شاهدًا خالدًا على أن الكلمة الحرة قد تُغتال جسدًا، لكنها تبقى حيّة في ذاكرة الشعوب، وفي سجلات الحقيقة التي لن تُمحى مهما حاول الطغاة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد