الصحفيّون بين ضعف الحماية القانونية وجبروت المحتل

mainThumb

13-08-2025 12:40 AM

فاقَ حجمُ جرائم القتل التي ارتكبها الكيان الصهيوني في أقلّ من سنتين بحق الصحفيين في قطاع غزة، أيّ صراع آخر منذ عشرات السنين، ووصل الرقم حتى كتابة هذه السطور إلى 242 شهيداً صحفياً سقطوا برصاص أو صواريخ جيش الاحتلال الاسرائيلي منذ السابع من أكتوبر (2023).
ولعلّ جريمة اغتيال الشهيد الصحفي أنس الشريف ورفاقه في خيمة الصحفيين الأحد الماضي كانت الأشدَّ دمويةً من حيث العدد، واعتراف جيش الاحتلال بالاستهداف المتعمّد، الذي جاء واضحاً لطمس الحقيقة من خلال إسكات الصوت وطمس الصورة التي توثق حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة المنكوب.
هذه الجرائم الكبيرة، لم تكن لتقع لولا الدعم الكبير الذي يحظى به هذا "الكيان المحتل" من قوى الاستكبار العالمي التي تدّعي الحرية والديمقراطية، وتعتبر هذا الكيان الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وهشاشة النصوص القانونية التي توافق عليها المجتمع الدولي في المعاهدات الدولية، لا سيّما اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والتي تعد الإطار القانوني الأهمّ لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة، ونصت الاتفاقية الرابعة على حماية المدنيين، ومن بينهم الصحفيون من الاستهداف أو العقوبات الجماعية، إضافة إلى البروتوكول الإضافيّ الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، الذي نصَّ على حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة ومعاملتهم معاملة المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال المسلحة، فيما نظم البروتوكول الإضافيّ الثاني لعام 1977 النزاعات المسلحة غير الدولية والتي تكون على شكل حروب أهلية وصراعات داخلية، من خلال توفير الحماية لهم وعدم عرقلة عملهم.
ولا ننسى الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 الذي نصّ في المادة 19 منه على ضمان حرية الرأي والتعبير بما يوفر الحماية اللازمة للصحفيين في نقل المعلومات دون أدنى مضايقة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 الذي نصَّ وفق المادة 19 على حماية حرية التعبير عن الرأي واحترام حقوق الصحفيين في زمن الظروف الاستثنائية والطوارئ.
ومن خلال دراسة مستفيضة، لهذه النصوص، نجد أنّ حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة ما زالت قاصرة، وبحاجة إلى تنظيم اتفاقية خاصة ومتكاملة تعرف الصحفي بالشكل الدقيق وفق الأسس المهنية ومبادئ حرية التعبير عن الرأي وحق الناس في المعرفة، وقصور التشريعات الدولية في ملاحقة مجرمي الحرب الذين يرتبكون جرائم بحق الصحفيين وإفلاتهم من العقاب، والذي يعد أبرز المشاكل التي تواجه الحماية الدولية للصحفيين وتجعلها قاصرة .
لا بدَّ من تحرك دولي؛ سواءً على صعيد الدول أو النقابات المهنية والجمعيات الخاصة بحماية الصحفيين على الصعيد الدولي وصولاً إلى إبرام معاهدة لحماية الصحفيين؛ سواءً في وقت السلم أو الحرب، تكون شاملة وملزمة للدول المصادقة عليها بما يتوافق مع المبادئ الدستورية في حقوق الإنسان.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد