مقالات الذكاء الاصطناعي … ومسدس صموئيل كولت

mainThumb

18-09-2025 12:16 AM

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة كتابة المقالات الصحافية بواسطة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة تطبيق "شات جي تي بي"، الذي لا يحتاج أكثر من إعطائه الفكرة، ويقوم بكتابة المقال حسب الطلب؛ فالتطبيق، يتبع نظام "أطلب وتمنّى"، ويحول الشخص الهاوي في ثوانٍ معدودة إلى كاتب محترف دون أدنى خبرة أو جهد أو قراءة أو بحث، ما فتح الباب على مصراعيه لكثير من الهواة لاستغلال التطبيق في كتابة المقالات والأبحاث العلمية وإرسالها للنشر!

يقوم ممّن أصبحوا يسمون أنفسهم "كتاباً"، باغتيال الحقيقة وإيهام الناس أنّهم أصحاب خبرة وقادة رأي، من خلال إعطاء التطبيق فكرة مقال مع توجيهه بالخطوط العريضة للنص، ليقوم التطبيق بدوره الاصطناعي (التّوليديّ) بكتابة مقال، مستمدٍ ممّا هو منشور في الشبكة العنكبوتية بالطريقة التي يريدها "الهاوي"، وإن لم تكن لديه خبرة كافية للتعامل مع هذه "التكنولوجيا" فإنّه يترك التطبيق ليكتب له ما يشاء، ما يعرض المحتوى لخلط المعلومات بعضها ببعض أحياناً .

الحيل كثيرة، وطرق الاستكتاب بالذكاء الاصطناعي أكثر، إلّا أن أصحاب الخبرة والمطلعين يستطيعون التمييز بين النص الأصلي والنص المولّد بالذكاء الاصطناعي، الذي بدأ يغزو وسائل الإعلام للأسف في الآونة الأخيرة، إضافة إلى ذلك هناك تطبيقات خاصة لكشف النصوص المولدة بالذكاء الاصطناعي.

لكن الخطورة اليوم تكمن في أن محركات البحث الشهيرة خاصّةً جوجل بدأت تستبعد المحتوى الاصطناعي من أرشيفها، ما يؤثر على مشاهدات الموقع الإلكتروني للصّحيفة وتصنيفاته على الشبكة العنكبوتية، أي بعبارة أدق فإنّ الموقع الإلكتروني "يَقَعْ"، ويخرج من دائرة الأكثر شهرة ومشاهدة على نحوٍ سريع ودراماتيكي.

يقول صديق إنّ "شات جي تي بي"، يذكرني بمقولة مخترع "المسدس" صموئيل كولت: "اليوم تساوى الشجاع مع الجبان"، وبتابع "اليوم أيضاً تساوى الجاهل مع العالم أو صحاب المعرفة والخبرة"، وذهب الصالح مع الطالح، وصار لـ "الهاويين والمبتدئين" مكان بين قادة الفكر والرأي.

للأسف وقعت كثير من وسائل الإعلام العربية والمحلية، في فخّ المقالات المزيفة المكتوبة "صناعياً"، ولا تعكس القدرات المهنية لأصحابها، وإن تبنّوا ما جاء فيها. وأنا لا أعارض، بكل الأحوال، استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحافة في حدود معينة، ولكنّني أعارض من يخدعون الناس ويتصدرن بعض المنصات إمّا بالمال إو النفوذ، لتلميع أنفسهم وإيهام الناس بأنهم أصحاب خبرة في مزاحمة غير مهنيّة ولا أخلاقية للكتاب الحقيقيين والمعروفين، ما أدى إلى إغراق كثير من المنصات العربية بالمحتوى "المصطنع المُزيّف".

يختم صديقي حديثه، بإنه بدأ بعملية رصد مكثفة للمقالات المنشورة بواسطة الذكاء الاصطناعي في الصحافة الأردنية والعربية، وسيشرع في نشرها مع إرفاق الدليل التقني، حال الانتهاء منها، وهنا أدعو وسائل الإعلام الأردنية إلى منع نشر مثل هذه المقالات، لما لها من آثار سلبية على جودة المحتوى الصحافي الأصليّ .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد