هجرة طوعية أم إكراهٌ مُقنَّع
حالة من الجدل أُثيرت في أعقاب تقارير إعلامية تحدثت عن تفاهمات بين الاحتلال الإسرائيلي وجنوب السودان، حول ترحيل فلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى «جوبا»، في سياق ما يعرف بالهجرة الطوعية. وأفادت مؤسسات إعلامية منها وكالة أسوشيتد برس وموقع «واينت» العبري، بأن الاحتلال يجري مفاوضات مع خمس دول من بينها جنوب السودان، لاستقبال سكان القطاع، وجاء الحديث عن هذه التفاهمات في أعقاب زيارة وزير خارجية جنوب السودان إلى تل أبيب، ثم زيارة نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية إلى جوبا.
وعلى الرغم من نفي الجانبين للتفاهم حول هذا الموضوع، إلا أن السياسي وعضو مجلس الولايات القومي في جوبا الدو أجو دينق، صرح بأن جنوب السودان لا يمانع في استقبال فلسطينيين، أو أطفالهم هربا من الخطر، لكنه يرفض أي تهجير جماعي قسري، ويرفض نفي الفلسطينيين إلى البلاد، كجزء من تسوية سياسية، ويشترط قبول اللاجئين الطوعيين فقط لأسباب إنسانية.
بصرف النظر عن مدى صحة التقارير، إلا أن إبراز مصطلح «الهجرة الطوعية» يمثل خطورة بالغة على القضية الفلسطينية، لأنه لا يعبر عن حقيقة الأوضاع الميدانية في غزة، التي تتعرض باستمرار لإبادة ممنهجة من قبل الكيان الإسرائيلي، عن طريق اتباع سياسة الأرض المحروقة، إضافة إلى هندسة التجويع في ظل الحصار الخانق، ليجد المواطن في غزة نفسه بين خيارين للموت: الموت قصفا أو جوعا، فهل يصح توصيف أي هجرة محتملة من قبل فلسطينيي القطاع بأنها طوعية؟! الهجرة الطوعية يفهم منها اختيار السكان للانتقال إلى دولة أخرى بمحض إرادتهم، بحيث يمتلكون خيارهم بالانتقال إليها، دون وجود أية ضغوط خارجية، مع إمكانية العودة مرة أخرى إلى بلادهم.عندما تقتلني قصفا، أو تقتلني جوعا، ثم تفتح لي مسارا للهجرة وتسميه هجرة طوعية، فهذا تدليس ظاهر، لأنني لا أملك خيارا آخر، فمن ثم يصبح تهجيرا قسريا لا هجرة طوعية، حتى وإن اتخذت القرار بنفسي. هجرة سكان القطاع لن تكون أبدا طوعية في ظل انسداد الأفق والتعرض لهذا الحجم الهائل من الدمار، في ظل الجوع ونقص مقومات الحياة، بل يصبح خيارا يفرضه الواقع العسكري للاحتلال.
مصطلح الهجرة الطوعية الذي تردده الأوساط الإسرائيلية والغربية، وتعمل عليه، إنما هو إكراهٌ مُقنّع، يلجأ الاحتلال وأعوانه له ليتم تصوير القضية على أنها اختيارات فردية لسكان القطاع، بعيدا عن تأثير سياسة البطش والتدمير الوحشي التي يتبعها الاحتلال. تبنّي مصطلح الهجرة الطوعي تضليل متعمد، بهدف إخلاء القطاع، تحقيقا للأهداف الصهيونية، ومن شأنه أن يهيئ الفرصة كذلك أمام المجتمع الدولي للتحايل على مسؤوليته التاريخية والأخلاقية والإنسانية، إزاء معاناة سكان القطاع والقضية الفلسطينية برمّتها. نستطيع القول جزما، إن هجوم الاحتلال المتواصل على غزة ليس انتقاميا، ولكنه بهدف التدمير الكامل للقطاع، والقضاء على الأخضر واليابس، ومن ثم يدفع السكان إلى القبول بالتهجير، على اعتبار أنه الخيار الأوحد.
تهجير سكان غزة بقناع الهجرة الطوعية، يقوض وينسف حق العودة الذي يطالب به الفلسطينيون منذ نكبة 1948، ويؤدي إلى خلق واقع ديموغرافي في فلسطين يتماهى مع المخططات الإسرائيلية، لابتلاع كامل فلسطين والقضاء على حل الدولتين بشكل نهائي. كما يؤدي هذا التهجير المُقنّع إلى تفكيك النسيج الاجتماعي في فلسطين، وسلب الهوية الوطنية والتاريخية للفلسطينيين، والقطيعة النفسية بين المُهجّرين ووطنهم الأم، هذا إن سلمنا بخلوّ الهجرة من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، التي تحفّها في بلد المهجر. يستفيد الاحتلال من تبني فكرة الهجرة الطوعية، لإضفاء الشرعية والبعد الإنساني على سياساته تجاه القطاع، وتبرئة ساحته من تعمّد إراقة دماء المدنيين، ليصبح الفلسطينيون في النهاية متحملين لمسؤولية اختيار المغادرة.
هناك رفض عربي إسلامي لمسألة التهجير نعم، سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، لكن يُخشى أن يكون هذا الرفض هو جُل بضاعتنا وأعظم ردود أفعالنا تجاه التهجير، حتى إن تم تحت غطاء الهجرة الطوعية.
رفض التهجير طوعا أو قسرا لن يرفع المعاناة عن كاهل سكان القطاع، فينبغي أن لا نقف عند حد هذا الرفض باعتباره حلا في ذاته، إنما ينبغي أن يقترن بإجراءات جادة لمواجهة التهجير، تبدأ بحالة توافقية بين الحكومات لتدفق المساعدات الإنسانية للقطاع، باستخدام كل أوراق الضغط المتاحة، وإلا كان هذا الرفض المعلن للهجرة الطوعية أو القسرية إجراء شكليا.
ولكن هل يمكن للحكومات العربية بالفعل الضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب وتدفق المساعدات للقطاع؟ نعترف بتعقيدات الواقع السياسي وشبكة العلاقات العربية مع الكيان وأمريكا والغرب بصفة عامة، إضافة إلى تفاوت مواقف الدول العربية حيال القضية الفلسطينية، لكن مع ذلك لدى العرب أوراق ضغط من شأنها أن تغير المعادلة، ولديها ثقل دبلوماسي لا يستهان به، فقط إذا توافرت الإرادة واجتمعت الكلمة وتم توظيف هذه الأدوات. من هذه الأدوات، تجميد كل اتفاقيات السلام مع الكيان الإسرائيلي أو مراجعتها، وتجميد التعاون التجاري والتكنولوجي مع دولة الاحتلال في مجالات الزراعة والمياه والطاقة على الأقل. ومنها التلويح بورقة الاستثمارات في أمريكا ودول الغرب، لدفعها إلى إبداء قدر أكبر من الانحياز في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والضغط على الاحتلال للتفاوض الجاد الموضوعي، لا سياسة فرض الشروط.
ومن ذلك تشكيل تحالف عربي إسلامي لمواجهة الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية على قرارات الأمم المتحدة، وتحريك الدعاوى القضائية ودعمها ضد قادة الاحتلال.
نحن لا نتحدث عن خيار عسكري، لكنها إجراءات دبلوماسية سلمية، تمثل أدوات ضغط لا يستهان بها، لكنها كما أسلفنا تحتاج إلى إرادة عربية ورغبة حقيقية في وحدة الصف، فالمسألة لم تعد قضية فلسطين، لكنها أصبحت قضية أمة بأسرها مهددة بأحلام السيطرة الصهيونية التي عبر عنها نتنياهو رسميا عن إسرائيل الكبرى.
كاتبة أردنية
وزارة المياه تعيد ضخ مياه الديسي
عجلون تبحث حلولاً للحد من الازدحام المروري
معجون أسنان بيولوجي يوقف التسوس
تحديث مرتقب لأندرويد يعزز النسخ الاحتياطي
وسام قطب وسارة سامي يحتفلان بزفافهما .. فيديو
استراليا تمنع دخول كنيست متطرف يدعم الاحتلال
راغب علامة يرقص مع معجبة بعد أزمة مصر
دوري المحترفين: 3 مباريات حاسمة غداً
الشامي على كرسي ذا فويس كيدز للمرة الأولى .. صور
غوغل تُطلق ميزة الحذف للجميع في تطبيق الرسائل
الجمارك تحذر من روابط وهمية تدعي مزادات إلكترونية
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
فرض عقوبات على من يعمل بالتطبيقات الذكية دون ترخيص
بيان من المحامية أسماء ابنه النائب صالح العرموطي
من هو عمر الكيكي خطيب هيا كرزون
عطل فني يتسبب بوقف ضخ المياه عن هذه المناطق
وزير الأشغال يتفقد طريق ستاد كرة القدم الجديد
استحداث 34 تخصصًا أكاديميًا جديدًا في مختلف الجامعات الرسمية
أسماء الدفعة الأولى من مرشحي دبلوم إعداد المعلمين المنتهي بالتعيين
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس