لا يفل الحديد إلا الحديد
إن بعض الأقوال المأثورة من التراث العربي والتي صارت مضرب الأمثال تحمل مضمونا قاطعا ونهائيا لم تتشكل من فراغ. إنها وليدة تجارب لا حصر لها، ومن كثرة ثبوتها ومعاينتها في فترات متباعدة صيغت لها قولة تدل على صدقها ونهائيتها، وتعاليها على الزمن. من هذه الأقوال، وما تفرضه الأحوال الجديدة مع اجتراء الصهيونية على مهاجمة الدوحة بهدف اغتيال وفد حماس المفاوض، أستحضر: لا يفل الحديد إلا الحديد.
لقد وضعت الصهيونية نفسَها صبيحة طوفان الأقصى، الذي كسر كل آفاق توقعاتها أمام الغطرسة المعهودة لديها بقولها بالنكبة الثانية، ومسح القطاع من الخريطة. وتوالت الأيام والأسابيع والشهور على هستيريا التقتيل والتدمير. ولم يتحقق أي من الأهداف التي رفع نتنياهو سقفها إلى أبعد حد. وكان للدعم غير المحدود الذي وفره ترامب للصهيونية أن باتت تصول وتجول بلا حسيب ولا رقيب. ورغم كل ذلك لم تحقق الصهيونية أيا من أهدافها، رغم استهداف قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وها هي ما تزال تدور في فلك جدعون الثانية التي لا معنى لها غير استكمال ما بدأ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من تدمير وتهجير. وأمام عجز إسرائيل المطلق بات ترامب يتحدث مباشرة إلى المقاومة، آمرا إياها بالموافقة على التفاوض بالشروط الصهيونية، معطيا إياها مهلة أسبوع أو أسبوعين وإلا فليس أمامها سوى جهنم. وكأن ما طرأ خلال المدة الطويلة كان النعيم «الإنساني» الذي ظل يرفل فيه المدنيون؟
إن إسرائيل من دون أمريكا لا يمكنها أن تصمد نهائيا، لكن المقاومة الفلسطينية من دون أي دعم، ورغم كل التنكيل الذي تتعرض له ما تزال صامدة ومتحدية. والذين يتحدثون عن زوال إسرائيل بدعاوى غيبية، أرى زوالها واردا بتراجع أمريكا عن موقعها الذي تحتله عالميا في الوقت الحالي، ومؤشرات ضعف أمريكا باتت بادية للعيان. إن ترامب هو من يقود حرب الإبادة لتحقيق حلمه في جعل قطاع غزة ريفيرا الشرق الأوسط. ولكنه بدوره ذاق مرارة طول الانتظار الذي لم يتحقق في المهلة التي قررها.
إن استهداف قادة المقاومة اللبنانية، لم يؤد إلى نهايتها، بل إلى قوتها، وما خضوع نتنياهو للمفاوضات، إلا دليل على أنه لم يعد قادرا على مواصلة مواجهتها. ففي الوقت الذي بدأ الجنوبيون يعودون إلى مواطنهم ظل مستوطنو الشمال متخوفين من الرجوع إلى أماكنهم. وبدل أن تكون المفاوضات لتحرير الجنوب من الاحتلال، كان فرض نزع سلاح المقاومة هو الأساس. من واجب المقاومة تسليم السلاح، إذا كان الجيش اللبناني قادرا على الدفاع عن حدوده الوطنية. وجاء استهداف إيران من قبل أمريكا، وادعاء تدميرها قدراتها النووية، وما تلاه بعد ذلك من هجوم صهيوني على إيران وما جره عليها خلال اثني عشر يوما جعلها تستسلم في النهاية وتوقف عدوانها على إيران. وهو ما وقع مع الحوثيين. فلم تنجح أمريكا في إيقافهم، ودفعت ترامب إلى التفاوض معهم مباشرة. ورغم استمرار إسرائيل في ضرب الحديدة وصنعاء، واستهداف قادة الحوثيين ما تزال تعاني من هجماتهم التي تؤرقهم، وتدفعهم إلى التمادي في التدمير والتقتيل.
فلماذا تتمادى الصهيونية واليمين المتطرف في الإعلان بعنجهية واستفزاز عن إسرائيل الكبرى، والشرق الأوسط الجديد؟ فهل ما تدعيه فعلا يتناسب مع قوتها العسكرية، وتفوقها في المنطقة؟ الواقع يكذب الوقائع والأقوال والادعاءات. فمنذ ما يقرب من عامين ونتنياهو يلوح بأهداف لم يحقق أيا منها، ومع ذلك يدعي فرض شروطه تحت النار. يدعي في كل حملاته من خطة الجنرالات إلى جدعون واحد واثنين، أنه سيحرر الرهائن. لقد خسر في حربه مع المقاومة الفلسطينية أكثر مما ربحه في تدمير القطاع وتجويع المدنيين، وتعريضهم للنزوح. لقد عجز كل العجز عن تحرير أي رهينة، بل إنه في المقابل خسر المئات من الجنود والآليات التي وظفها، علاوة على فقدان الثقة فيه من قبل المستوطنين قبل غيرهم من العالمين.
لا أكاد أتصور منهزما يريد أن يفاوض تحت النار، وهو المنهزم رغم كل النيران التي لم تتوقف منذ حوالي العامين. إن التمادي في دفن الرأس في الرمال وليد عدة عوامل أجملها على النحو التالي: أولا أنه يكذب ويجد من يصدقه. ثانيا: يدرك جيدا أن وراءه أمريكا التي تنوب عنه في كل ما يقدم عليه. وثالثا أن من يمكن أن يقف أمامه إما منشغل بحرب ضروس (روسيا)، أو مهتم بإعداد نفسه لاحتلال موقع أمريكا عالميا (الصين). أما العالم العربي فقد نجح الاستعمار القديم والجديد والصهيونية في اختراقه من الداخل، وخلق الفرقة بين مكوناته، وإشعال الصراعات البينية بين مختلف أطرافه، ودفعه إلى أن يبقى مهتما بأمراضه الذاتية، وعاجزا عن التعبير عن نفسه بما يليق به. إن السكوت عن التدخل الصهيوني في سوريا، ولبنان، واستفزاز المنطقة بالأساطير اليهودية وضرب اليمن، دون أن يكون ثمة رد فعل عربي يتجاوز الاستنكار، يدفع أمريكا وإسرائيل إلى ممارسة المزيد من الطغيان. وما استهداف وفد حماس المفاوض في قطر سوى النقطة التي أفاضت الكأس، وعبرت للعرب جميعا أن المؤتمن عليهم خائن، ولا يراعي الثقة ولا العلاقات الدائمة، وأنه لا يقيم لهم وزنا، ولا يوظفهم إلا لتحقيق مصالحه وأساطيره.
بدأ الضمير العالمي يستيقظ على ما انتهى إليه تآمره على القضية الفلسطينية. فمتى يقول العرب كلمتهم في وجه ترامب ونتنياهو؟ إن الرجلين جبانان، وكلمة لا الموحدة عربيا كفيلة بإيقاف العنجهية والغطرسة: قَوْمُنَا بَعْضُهًمْ يُقَتِّلُ بعضا / لا يفل الحديد إلا الحديد.
كاتب مغربي
الأردن يرحب بتقرير أممي يتعلق بغزة
الملك وأمير قطر يعقدان مباحثات في قصر بسمان الزاهر
اختفاء سوار أثري نادر يهز المتحف المصري
انخفاض أسعار الذهب واستقرار أسعار النفط عالميا
كوب شوفان يوميًا يقلل الشهية ويضبط سكر الدم
بلدية الزرقاء تنفذ حملة نظافة شاملة
الذكاء الاصطناعي يتفوق على الأطباء في التنبؤ بمضاعفات الجراحة
OpenAI تفرض قيودًا جديدة لحماية القاصرين على ChatGPT
الملك يستقبل أمير قطر في مطار ماركا
حلاق ينقذ حياة مراهق بعد اكتشاف ورم في رقبته
إيعاز بزيادة عدد الأردنيين العاملين بمصنع ألبسة في الظليل
حملة لإزالة العوائق والتعديات على الشوارع في مأدبا
أمير قطر يصل عمّان والآلاف يحتشدون في الشوارع لاستقباله
تعديل ساعات عمل جسر الملك حسين الشهر الحالي والقادم
نصائح لقبول تأشيرة شنغن بدون عقبات
مرحلة جديدة تدشّنها إسرائيل… عنوانها العربدة
صورة من مدرسة حكومية تكشف واقعاً مؤلماً .. شاهد
العياصرة: التوسع الاستيطاني يعبر عن حالة التوحش في إسرائيل
الصحة النيابية تطلع على الخدمات بمستشفيي الإيمان
مشتركة في الأعيان تبحث تعزيز التنمية الثقافية
اختتام جلسة حوارية بشأن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
اليرموك تعلن الدفعة الأولى لطلبة الدراسات العليا .. رابط
أنشطة وفعاليات متنوعة في الجامعات
رئاسة الاتحاد الرياضي الجامعي تنتقل للشرق الأوسط
تعزيز التعاون بين هيئة الإعلام ونقابة الصحفيين
استحداث تخصص التكنولوجيا المالية بالجامعة الهاشمية